الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع العربي تحول الي كابوس عربي

عمرو اسماعيل

2012 / 8 / 29
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


قتل وذبح ودمار وتسلط وتخلف وقهر هو ماوصلنا اليه بعد عودة ما يسمي تيار الاسلام السياسي في نهاية السبعينات الي الواجهة مرة أخري بعد ان كنا نعتقد ان هذا الكابوس قد انتهي الي غير رجعة منذ بداية المرحلة التنويرية في مصر والشام علي يد رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده والكواكبي وعلي عبد الرازق وطه حسين ثم بعد ظهور التيار الوطني والقومي الذي يدعو الي الاستقلال والتنمية من منطلقات وطنية وليس دينية .

أن الدين تحول في العصر الحالي الي علاقة خاصة بين الانسان وربه ليس للمجتمع وباقي البشر ان يتدخلوا فيها ويفرضون علي اي انسان او مجموعة من البشر كيف تكون هذه العلاقة , فحرية الاختيار واحترام حقوق الانسان هي اهم منجزات الانسان في القرن العشرين .. أن الله يحاسب البشر في الآخرة علي اساس فردي وليس جماعي فلماذا يريد ان يفرض علينا بشر فاني وجهة نظرهم في نوعية هذه العلاقة بين الانسان وخالقه .
أن أي محاولة لتحويل الدين من حالة فردية الي حالة جماعية لابد ان تؤدي الي القهر والاستبداد وسيطرة قلة تدعي انها تتكلم باسم الله علي باقي خلقه بصرف النظر ان كان الدين هو الاسلام او المسيحية او اليهودية او أي دين آخر سماوي او غير سماوي .

الفرد في علاقته مع الآخرين يخضع للقانون الذي ارتضاه هذا المجتمع ووصل اليه بطريقة ديمقراطية .. اما الفرد في علاقته او عدمها مع الله فهو يمارس عبادة فردية يقررها بنفسه وليس لباقي البشر او المجتمع اي علاقة بها .
مادخل الاخرين ان كان الفرد يؤمن بالله ام لا .. يعبده كمسلم او مسيحي او يهودي او حتي كبوذي .. هل سيتوسطون بين الفرد وبين الله في الآخرة ..فلماذا يتدخلون بينهما في الدنيا .. للآخرين علي اي انسان ان يحترم القانون والا يؤذي المجتمع ..الا يسرق أو يقتل أو يقود السيارة وهو سكران فيسبب الاذي للآخرين و أن يحترم تقاليد المجتمع فلا يخرج الي الطريق العام مثلا بدون ملابس في مجتمع شرقي محافظ ..لهم أن يؤدي عمله حسب العقد بينه وبين صاحب العمل ويؤدي ماعليه من واجبات نحو هذا المجتمع كالضرائب مثلا طالما يعطيه هذا المجتمع حقوقه القانونية والدستورية .. ولكن ليس للآخرين ان يتدخلوا فيما لايعنيهم وهو كيف يعبد أي أنسان الله حتي لو كانت هذه العبادة علنية .. من حق أي فرد ان يعبد الله داخل المسجد او الكنيسة أو داخل معبد بوذي كما هو من حقه ان يعبده في سرية تامة .. لآن الله وحده هو الذي سيحاسب الانسان كفرد دون الآخرين وبناء علي مايعرفه فهو المطلع علي كل شيء .

من حق الانسان ان يدافع عن وطنه لأنه وطن وليس من منطلق ديني فالمقاومة ضد المحتل ليست حكرا علي اتباع دين دون دين آخر وليس لها اسلوب اسلامي او مسيحي .. هل الدفاع عن فلسطين هو حكر للمسلمين دون المسيحيين او العكس .. هل المقاومة في العراق هي حكر علي اتباع الزرقاوي او هيئة علماء المسلمين دون غيرهم وباسلوبهم الوحشي الهمجي الذي لايعطي اي قيمة للحياة .

ان تحويل الدين من قضية فردية الي قضية جماعية تفرض علي الآخرين دون ارادتهم لابد ان يؤدي الي القهر والظلم والقسوة ثم القتل ..كما حدث طوال القرون الماضية علي يد اتباع كل الديانات بلا استثناء .. علي يد الكنيسة وعلي يد الملوك والامبراطوريات سواء تلك التي رفعت راية الصليب او تلك التي رفعت راية الاسلام ..وأوروبا وبعد قرون من أهدار الدماء بلا طائل وصلت الي قناعة ان الدين هو قضية فردية ولا يمكن فرضه بالقوة أو منعه بالقوة ولكننا في العالم العربي لا نستطيع ان نري هذه الحقيقة .. هذا رغم اننا كنا علي وشك ان نعيها ولكن صدمة 67 أرجعتنا الي الوراء لعدة قرون وبفضل الحلف الدنيوي وليس الديني بين الاخوان والوهابية والبترودولار وصلنا الي ما نحن فيه الآن .. عندما اصبح القتل بابشع صورة يرتدي مسوح الدين والقاتل الذي يقتل وهو يعتقد خطآ ان عمله سيدخله الجنه هو أقسي انواع القتلة لأنه يقتل بدم بارد معتقدا انه يخدم الله او الدين .. يصبح أكثر وحشية من أي مجرم يقتل في سبيل المال او أنسان يقتل دفاعا عن عرض أو حتي ارض .. وعندما يتكرر القتل باسم الدين يتحول الي حالة سادية يفعلها هذا الانسان المغيب بأفيون الدين باستمتاع ودون اي قلب ولنا فيما يحدث في العراق الآن خير مثال.

ان اردنا ان يكون لنا أي امل في المستقبل وسط شعوب العالم فلابد أن نعي هذه الحقيقة ونتكاتف جميعا علي كبح جماح المتاجرين بالدين من فقهاء وحكام ,ليعود الدين وخاصة الدين الاسلامي الي نقاءه وصفائه علاقة روحية بين الانسان وخالقه يتعلم فيها مكارم الاخلاق ويتحول من خلالها الي انسان اكثر رحمة واكثر عدلا واكثر حبا لأخوته في الانسانية مهما كان لونهم او دينهم .

لنقاوم باسم الوطن ونحارب باسم الوطن .. لماذا نريد ان نلوث الدين بما يحدث من بشاعات في الحرب او حتي المقاومة .. لماذا نريد ان نحمل الله ورسله مساوئنا و أطماعنا وقسوتنا .
لماذا لايتكاتف كل نشطاء حقوق الانسان ومناهضي الحروب والقتل والدمار في العالم كله و يقفوا في وجه كل من يتاجر بالدين في سبيل اطماع دنيوية وسياسية سواء كان بوش او شارون او بن لادن او الزرقاوي أو أي مهووس ديني او سياسي يستهين بالحياة البشرية في سبيل اطماعه السياسية والدنيوية .

يا سادة انها الحقيقة التي وصل اليها العالم كله وهي ان الاديان كلها لها كل احترام وتقدير وأجلال .. ولكنها قضية فردية .. من حق كل انسان منا ان يؤمن بالدين الذي يريد ويعبد الله يالطريقة التي يريدها ويدعوا الآخرين الي طريقته طالما يمارس الدعوة بطريق سلمية ودون فرض او أجبار .. يا سادة انه عصر الاعلان العالمي لحقوق الانسان وحرية الاختيار .. أنه عصر الدعوة الي سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة .. وليس برفع قضايا التفريق بين الزوج وزوجته وليس بقتل واهدار دم من يخالفنا في الراي .
هذا هو الاسلام كما أفهمه وهذا هو الدين الذي قال فيه الله عز وجل لرسوله الكريم صلوات الله عليه وسلم وليس لفرد حقير منا ,, أنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر ,, فما بال البعض منا يريدون ان يخالفوا الله ويفرضوا سيطرتهم علي الآخرين دون وجه حق

ولذا يؤسفني أن اقول لكم الحقيقة وهي أن الدين في العالم كله الآن هو علاقة خاصة بين الفرد وخالقه .. ولن تستطيع اي جماعة مهما أراقت من دماء أن تغير هذه الحقيقة .. لن يستطيع أحد أن يجبر دينا علي التوقف عن الرقص أو الهام شاهين عن التمثيل كما لن يستطيع أن يمنع شبابا متدينا مؤمنا بالله أن يعمر المساجد ولكن المجتمع والدولة يجب أن تمنع اي أنسان يحاول أن يفرض رأيه علي الآخرين بالقوة ....

هذه هي الحقيقة المرة ويؤسفني أن أقولها لكم ،،
ولكن ما يؤسفني اكثر أن الاسلام السياسي ركب ثورات العالم العربي ليحولها من ربيع الي كابوس لن يمكن التخلص منه الا بعد اراقة الكثير من الدماء ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف المحتجين يخرجون في مدينة مالمو السويدية ضد مشاركة إسرائ


.. اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمتظاهرين المطالبين بإسقاط




.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين يطالبون بإقالة الحكومة في تل أب


.. الشرطة الإسرائيلية تفرق احتجاجات في تل أبيب ضد الحكومة ونتني




.. آلاف المتظاهرين يخرجون في شوارع تل أبيب