الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-باش كتمشي السفينة بالصلاة على نبينا- أو هكذا تزرع الخرافة في أذهان الناشئة!

مصطفى ملو

2012 / 8 / 29
حقوق الاطفال والشبيبة


التوقيت:السابعة مساءا وبضع دقائق.
المكان:قرب منتزه ثالث مارس بالرشيدية.
الحدث:أطفال أحد المخيمات يرددون رفقة مؤطريهم"باش كتمشي السفينة بالصلاة على نبينا,باش كتمشي و ترسي بالصلاة على القرشي".
و أنا أتجول على متن سيارتي الفاخرة من نوع البيسكليت,استرعاني منظر أطفال في عمر الزهور,مصطفون في صف طويل,اعتقدت للوهلة الأولى أنهم أطفال
أحد القصور المجاورة جاؤوا رفقة أقاربهم للاحتجاج من أجل تحقيق مطالب ما,ولكن مع اقترابي منهم,اكتشفت بأنهم أطفال أحد المخيمات رفقة مجموعة من المؤطرين,يرددون شيئا لا أعرف أين أصنفه,هل هو نشيد ديني,أم أمداح,أم أشعار,أم ماذا؟والحقيقة التي أخفيها عنكم,أنه لا يمكن تصنيف ما كان يردده هؤلاء الأطفال إلا في إطار"الخرافة" و الطلاسم التي يتم تخدير عقول هذه الزهور بها,في أفق تحويلهم إلى مجرد أجساد يتم التحكم فيها بالخزعبلات و التعاويذ,وتعليبهم في شكل علب و بطاريات أدمية يتم شحنها بأفكار خرافية.
ما كان يردده هؤلاء الأطفال هو"باش كتمشي السفينة بالصلاة على نبينا,باش كتمشي أو ترسي بالصلاة على القرشي",أليست هذه أكاذيب و خرافات لا يصدقها العقل و مع ذلك يتم شحن الأطفال بها في مثل هذه المخيمات التي تبين لي فيما بعد بأنها من تنظيم إحدى الجمعيات الإسلاموية؟بالله عليكم هل السفينة حقا تتحرك و تعمل بالصلاة على النبي أم بمكانيزمات و عمليات ميكانيكية و كيميائية معقدة؟كم ستكون صدمة هذا الطفل الذي يقتل فيه هؤلاء التخريفيون كل ملكة للإبداع و الابتكار و التفكير الصحيح و العقلاني عندما يكتشف حقيقة السفينة و كيفية اشتغالها و أنه كان يعيش في الوهم و يصدق أكاذيب الإسلامويين؟
استغلال براءة الأطفال لنشر الفكر الخرافي في المخيمات يتم بتواطؤ مع السلطات المعنية و بتحالف مكشوف من الدولة,التي تسعى جاهدة لخلق أجيال طيعة,منصاعة و مصدقة لخرافاتها,فالخرافة هي جزء لا يتجزأ من سر استمرار المخزن في الوجود إلى يومنا هذا,ففي الأيام الأخيرة فقط اعتقد الناس أن أرمسترونغ المتوفى هو أول زائر للقمر في حين أن أول زائر للقمر-في نظر والدتي و جيلها-توفي منذ زمان و هو محمد الخامس,كما تروج لذلك الخرافة المخزنية,هذه الخرافة التي حاولت جاهدا إقناع والدتي بزيفها,فلم أنجح في ذلك,لأنها تلقتها منذ كانت طفلة وما نتلقاه في الطفولة من الصعب أن تمحوه ممحاة,ألم يقولوا"التعليم في الصغر كالنقش على الحجر"؟
هكذا إذن و بنفس المنطق يتم التعامل مع أطفال اليوم الذين سيصبحون رجال و نساء الغد,حيث سيصل بهم الأمر في يوم من الأيام,بعد أن يكونوا قد تعرضوا تماما و بشكل شامل لعملية غسل الدماغ,إلى حد تكفير و تخوين من يحاول تصحيح أوهامهم,كما يحدث الآن عند محاولة إقناع أطفال الأمس,بأن محمد الخامس لم يظهر في القمر و لا هم يحزنون و أن لا وجود لشيء اسمه البركة و غيرها من التخاريف.
تواطؤ الدولة ووزارة التعليم في نشر الفكر الخرافي و إشغال الناس بالأمور الأخروية حتى لا تبقى لهم دقيقة واحدة للتفكير في أمورهم الدنيوية,واضح من خلال البرامج التعليمية التي تضع نصب عينيها تدجين الناشئة و تحنيطها و إعدادها لتصديق كل ما يروج من خرافات و بالتالي جعلها تؤمن إيمانا عميقا لا يكدره مكدر بشرعية الوضع القائم و من ثمة عدم التفكير-مجرد التفكير-في تغييره,و يظهر ذلك بجلاء من خلال برامج تعليمية تشحن عقول الأطفال بأهوال القبور و العقاب الشديد و جهنم ويوم الحشر...وكلها أمور ميتافيزيقية لا يفهمون فيها شيئا و لن تنفعهم في شيء,لا بل تسبب لهم الذعر و الخوف و "تطير" النوم من أعينهم كلما تذكروا ما تلقوه في الفصل حول عذاب القبر و سعير جهنم و يوم يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم,وكل ما من شأنه وأد ملكة الإبداع لديهم,وزرع الخوف المسبق و الريبة و التردد و عدم الثقة في نفوسهم وتحنيطهم حتى يصبحوا مجرد أدوات طيعة بيد الحاكمين يفعلون بهم ما شاؤوا,متى شاؤوا و كيفما شاؤوا,لذلك فليس من مصلحة هذه الدولة محاربة الفكر الخرافي و الخرافيين لأنهما أساس وجودها و سر بقائها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - معك حق ولكن
محمد لطفي ( 2012 / 8 / 29 - 07:18 )
استاذي انا اوافقك على معظم اجزاء المقال عدا الجزء الأخير المتعلق بوزارة التربية والتعليم ففي مصر عندما اهملت وزارة التربية والتعليم الدين فتح ذللك الباب على مصرعيه للثقافة الوهابية ان تنتشر بقوة وتسيطر على عقول الشباب ويتم النظر إلى الشيوخ على انهم علماء

بل يجب على القائمين على العملية التعليمية ان يأخذوا من الأديان سماحتها ونصائحها التي يحبها الأطفال ويبتعدوا عن القتل والعنف والتعذيب والخرافات الزائدة عن الحد التي تشوه العقول

فليس كل الناس تستطيع العيش بدون الدين ولكن يجب ان سيطر قدر لإمكان على الأعراض الجانبية السياسية العقلية السيئة له


2 - إلى أستاذي الفاضل محمد لطفي
مصطفى ملو ( 2012 / 8 / 29 - 10:58 )
شكرا جزيلا على تفاعلك مع المقال,ولكن الذي أريد توضيحه أن المقال ليس ضد الدين,أي دين,فالتدين كما قلت نزوع بشري,إذ أن التاريخ يشهد بأن الإنسان منذ ظهوره على سطح الأرض وهو ينزع نحو التدين بدين أو عقيدة ما,ولكن الذي أردت قوله أني ضد الخرافة التي لم يأمر بها دين و لا إله ولم ينزل بها كتاب,وضد أمور و مواضيع لا تستطيع عقول الأطفال استعيابها بعد و لا تتماشى مع مستويتهم,فهل تعلم
أخي الكريم معنى أن يدرس ابن الثماني أو التسع سنوات الروح,وخروج الروح؟
أقسم لك أخي الكريم أني لي ابن أخ يعيش الكوابيس عندما يستحضر ما يتعلمه في المدرسة حول يوم الآخرة,إلى درجة أنه يشرع في الهذيان و يطرح أسئلة محيرة من قبيل,ما هو الروح,كيف هو لونه,أين يوجد...؟
,فلاسفة الأنوار الذين كانوا في معظمهم من علماء اللاهوت لم يكونوا يعارضون الدين,لكن كانوا يرفضزن تخاريف الكنيسة التي لم ينزل بها سلطان
و تقبل أخي الكريم مودتي و تقديري.


3 - ولكن
مصطفى ( 2015 / 1 / 6 - 19:14 )
دالك مجرد مدح للحبيب محمد صل الله عليه وسلم فكما تعلم الكل يحب الرسول لأن الله يحبه
ولكن دالك المدح جعل فيه تشبيه ضمني وإستعارة فمتلا عندما نصلي على النبي تطمئن قلوبنا عندها نبحر بالسفينة أتمنى أن تصلك الرسالة

اخر الافلام

.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 


.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال




.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني


.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط




.. خالد أبو بكر يرد على مقال بـ -فورين بوليسي-يتهم مصر بالتضييق