الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والسياسة صنوان متنافران

نبيل سيمون

2012 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


الدين والسياسة صنوان متنافران
كان الشعب المغربي ينظر إلى الحركات الدينية (الإسلاموية ـ الخوانجية ) بعين الرضا إذ كان يعتبرها ضرورة حياتية فرضتها أزمات الأمة الإسلامية المتكررة، وفريضة اجتماعية يلزم وجودها في واقع يعيش الخلل والفوضى في جميع مناحي الحياة العامة ، واقع مفعم بموجات مضطربة من الانحرافات والفساد وما صاحب ذلك من تنامي الوعي السياسي لدى شعوب منطقة المغرب الكبير ضدا على استبداد حكامها فيما بات يصطلح عليه بالربيع الديمقراطي، ربيع سرعان ما حوله النظام إلى صيف حار في غياهب سجونه الرهيبة أعدت للمناضلين .وعصي وهراوات مستوردة لقمع المتظاهرين، حينها سارع القصر إلى إرساء دعائم نظامه الاستبدادي فأعاد صياغة دستور وهمي مطبوخ بنكهة خاصة لم يكن يعلم سرها إلا الجلادين الموالين للملك وحاشيته ، والساهرين على استمرار وصون نظام ملكي عمّر لقرون عديدة على حساب أجساد شعب مقهور ، درّا للرماد في عيون عامة الشعب المغربي .إذ لم يجد بدّا غير إقحام هؤلاء الإسلاميين في معترك الميدان المفعم بالهيجان الشعبي ليجعلهم لعبة في يده ولقمة سائغة تهجن بها الشعب المغربي الثائر .حيث عمد إلى سياسة غض الطرف عن كل الجرائم والأفعال التي افتعلها الإسلامويين في حق أبناء هذا الوطن، تلك الأفعال القائمة على مبدأ الاستئصال والناشئة من أجل الكره والعداء والإقصاء، وهو أمر قد تقرر بجميع الأدلة والصيغ (اغتيالات مجانية... ) .فكان لحفنة الظلاميين فرصة أخرى لتقلد زمام الأمور بعدما اصطادوا من أزبال التاريخ تجارب دموية، حيث القتل والإرهاب شعارهم فتلك حقيقة تزخر بها كتبهم الفكرية والعقدية، وحكمة تفرزها حركاتهم الاجتماعية، وتثمرها أدبياتهم التوجيهية،
واليوم في المغرب وكما في باقي أقطار المغرب الكبير ،تمكن الإسلامويين من تشكيل حكومات بعدما فرضها وأفرزها واقع التوازنات السياسية ، في إطار عمليات حسابية مدرجة داخل كواليس الاستمرارية. فليس بخاف على المتتبعين لمسار الحركات الإسلاموية أن وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم عبر صناديق الاقتراع لم يكن إلا وسيلة للفت أنظار كل المغاربة والعالم نحو تحول لمسار ديمقراطي وهمي ومزيف ،ودستور رجعي مستبد، لكن ما يظهره الواقع أنك حين تصل إلى الفتات على مائدة السياسة، تجد هذا الحزب ومن والاه من بقية الحركات والأحزاب الدينية تلعق حلاوة بعض المكاسب من لدن النظام الذي كانوا يصفونه بالخارج عن طاعة الله حيث كانوا يشحنون بطاريات العداء والكره ضده ،وهاهم اليوم نجدهم وهم يقبلون أعتابه الشريفة ويدعون له بالرضى على حال وأحوال الرعية إما لسبب أولآخر، وإن كان ذلك لا يعني أن الشعب المغربي قد أبدى تعاطفا معها حتى منحها الثقة، لأن إرادته في التغيير كانت قوية، زيادة على أن جل المغاربة لا يزالون قابعين تحت مظلة الأمية الدينية والسياسية وكل ماله همزة وصل بالخطب الدينية، فلو كانت هنالك أدنى رغبة لهؤلاء الاسلامويين في صلاح أحوال الأمة والسير بها قدما نحو الأمام، لما كفّت عن كل الممارسات التي تقوم على استغلال الدين الذي يعتبر مشتركا بين الناس،ولما تخلت عن الاستقطاب بواسطته، والاستقواء بسببه، حيث الدين والسياسة صنوان متنافران، والمزج بينهما جمع بين المتناقضين، هكذا صارت كل الحركات الدينية الإسلاموية في بلدنا حركات ترعى الكذب، وتسيرها أقوام ينفض سوقهم على الخداع، فلا الدين احترموه ولا السياسة مارسوها، فالسياسة عندهم وسيلة للوصول فقط إلى سدة الحكم ،حلم لطالما راودهم سنين مضت، ، فهم يخادعون الناس ويوهمونهم بقيم كالعدل والمساواة والحرية والإحسان... تلك إذن شعاراتهم وما تقوله أدبياتهم وتنعق به أخبارهم. الحقيقة أن هؤلاء لم يفهموا بعد أن الدين والسياسة لا يلتقيان، إذ بينهما خط تماس، فالدين مطلق، والسياسة تبقى نسبية، لكن ذاك أمر يصعب استيعابه من طرفهم لأنهم أشد الأقوام جهالة بين الخليقة ، فهل يمكن إيجاد حكومة بهذه المفاهيم تمزج النسبي بالمطلق ،والمادي بالمثالي، والعقلي باللاهوتي، والمنطقي بالخرافي ...؟؟؟ وكيف ستكون تلك الحكومة الإسلامية التي سيقيمها هؤلاء.
الحقيقة هي أني لم أرى قط حركة شبيهة بالفاشية كالحركات الدينية فهي أشبه بالبلبل الذي يغرد خارج السرب .
نبيل سيمون بوليفار ـ سلا ـ المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-