الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجبات الجشع السياحي

زاهر الزبيدي

2012 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


يُجهد أنفسهم ، خبراء التغذية في العالم المتحضر على وجه المعمورة ، في تقديم أفضل الوجبات الغذائية وأكملها صحياً لأبناء شعوبهم حيث يشمل هذا الجهد تحديد القياسات الصحية لكل شي في الشطائر والفطائر و (السندويج) فمثلاً حجم الرغيف "الصمونة " وكمية المواد الموجودة كوزن اللحم ونوعه ونسبة الأملاح وقطر شريحة الهمبركر وكمية المقبلات المفروض إضافتها ونوعيتها.. ونوعية المشروبات المقدمة ومستوى برودتها والمكان الذي يجلس فيه الزبون ودرجة الحرارة ومستوى الرطوبة ومدى ابتعاد المقاعد عن بعضها ونظافة الأرضية ولون جدران المطعم وغيرها كثير ... كل ذلك ضمن ضوابط وشروط وقوانين يتم متابعتها بدقة وصرامة مع أصحاب المطاعم من خلال لجان متابعة أمينة قوية لا يسيل لعابها للأطعمة والأموال التي تقدم كرشى للتجاوز على القوانين والأنظمة .
فماذا لدينا نحن في العراق هل لدينا جزء من تلك الأنظمة ؟ وإذا كانت لدينا هل تطبق ؟ وإذا طبقت هل تطبق بشفافية وبلا فساد ؟ أي هل هناك لجنة رقابة صحية ونوعية تزور المطاعم للتعرف على ما تقدمه وما يتم في مطابخها المظلمة والغرف الخلفية والمستوعات وثلاجات حفظ الأغذية لديها وهل أن العاملون لديها لديهم خبرة في مجال السياحة أو مستوى نظافتهم وهل لديهم شهادات للتلقيح ضد الأمراض .
مع كل هذا هل يتم لدينا في العراق ؟ لا أعتقد ذلك جازماً لكوني ادخل الكثير من المطاعم وتجبرنا ، في أغلب الأحيان ، المناسبات كالأعياد على الخروج الى تلك ، التي تسمى مطاعم ، ولكنها بالأخرى ليست سوى موائد الجشع القاتل الذي ينهب جيوبنا بلا حسيب ولا رقيب ... المطاعم لم تكن لتراقب لكونها ليست بتلك الأهمية فأذا كانت المستشفيات لا تراقب والمدراس لا تراقب بدروات مياهها القذرة .. فما بالنا والمطاعم .. وإن تمت مراقبتها فللرشى دورها في التجاوز على أقوى القذارة إذا كانت موجودة فيها والتجاوز على كل أنتهاكها للمقاييس والحسابات الغذائية .
ولكن هل نبقى هكذا .. أليس من الأجدر بنا أن نقدم لشعبنا شيئاً في هذا المجال ؟ من باب الأمانة لا أكثر ، إذا كانت هناك لدينا مباديء لحفظ الأمانة .. أليس من الأجدر أن يكون هناك قانون ونظام وتشريع مهم وضوابط نوعية محددة كأوزان ومساحات ونوعية أليس من الأجدر أن تكون هناك عقوبات رادعة بحق من تسول له نفسه أن يخدع شعباً .. هو أصلا مخدوع مضحوك عليه منذ عشرات السنين عندما كان يُغل الى الحروب والى حتفه يومياً وهو صابر محتسب .. ألا نمنحه فسحة كي يطمئن على طعامه وشرابه ونمنحه الأمل بوجودنا كمؤسسة حكومية في دولة قانون حديثة ! نجاهد من أجله وبأمانه بالغة نمنحه الأمل بالمستقبل ونمنح لوطننا الفرصة للتقارب مع العالم كي لا يكتشف زائرنا ، ضيفنا ، أو السائح أنه في عالم آخرة تحكمة الرشى والفساد ، في النفوس والأطعمة ، نحن بحاجة اليوم الى إعداد المقاييس والمكاييل المهمة تلك ووضعها بقانون وعدم ترك جشع أصحاب المطاعم التي تتوسع مطاعمهم وتكبر وتصغر أرغفتهم وما تحتويه من مواد ليقل وزن محتوياتها ويتغير نوعها .. فمن اللحم العراقي ، حلو المذاق ، الى اللحم الهندي والأسترالي ، بطعم البلاستك ، ضاعت المبالغ التي يصرفها العراقيون من أجل وجبة خفيفة على سبيل التغيير والخروج عن الروتين اليومي المعتاد في الطبخ والنفخ على نار القدور المكتضة بالروتين الغذائي المزعج .
لقد تكاثرت لدينا المطاعم على أنواعها وبشكل كبير جداً وغير مسبوق ما بين مطعم ومطعم هناك ثلاث مطاعم ، وجنابر ، لبيع الدجاج المشوي ومحلات الأكلات الجاهزة والعربات التي تبيع الشطائر على النظام الأمريكي .. وغيرها كثير وكثير .. كل ذلك لكوننا شعب يحب الأكل بشراهة ، وخصوصاً بعد السنين العجاف التي مرت بالعراق .. ولكون الطعام لدينا تجارة قوية مربحة جداً لكونها بلا رقابة ولا مقاييس ولشعب يحب الأكل ولا مانع عنده أن يتخم معدته ، التي تسحق النوى والصخر ، بكل أنواع الأطعمة واللحوم على أنواعها ، الأسلامية والعلمانية وما بينهما ، على حد السواء .. فتدلت الكروش وزادت الشحوم وضعفت العزيمة على العمل وضاع منا نظامنا الغذائي وقبله ضاع منا .. نظامنا الرقابي ! أووووف لاحياة لمن تنادي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وقعت جرائم تطهير عرقي في السودان؟ | المسائية


.. اكلات صحية ولذيذة باللحمة مع الشيف عمر ????




.. عواصف وفيضانات في العالم العربي.. ظواهر عرضية؟


.. السنغال: 11 مصابا في حادث خروج طائرة من طراز بوينغ عن المدرج




.. الجامعات الإسبانية تعرب عن استعدادها لتعليق تعاونها مع إسرائ