الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتفاضات الشعبية في بعض البلدان العربية , هل هيً عفوية ؟

عادل كنيهر حافظ

2012 / 8 / 30
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


الانتفاضات الشعبية في بعض بلدان العالم العربي ¬
هل هي عفوية ؟
يحلو للبعض من الذين كتبوا عن الانتفاضات في بعض البلدان العربية , أن يصفوها بالعفوية , ويشيرون إلى أنها قامت دون تخطيط من حزب سياسي أو جبهة قوى حزبية , وليس لها زعماء أو منضرين , وبالتالي يكون القول باطلا عن ضرورة الأحزاب والتنظيمات , والنظريات , وأن أطروحات الماركسية باتت غير دقيقة , ومتخلفة قياسا لما حدث في الربيع العربي ,حيث تعرب الانتفاضات ألشعبية عن نفسها , كونها نتاج طيب لجهد الشباب المتفتح , الذي نسق ألعمل المعارض , من خلال ألتواصل الالكتروني , حتى وصل الأمر إلى الاتفاق على الوقت والمكان , للتظاهر ضد النظام , وتجمع آلاف ألشباب والتف حولهم مئات آلاف ,انسياقا بدافع الخلاص من سلطة القمع , وصولا إلى نظام العدل والحرية , نعم هكذا يبدو الأمر من حيث الظاهر , ولكن هذا الظاهر يستبطن جوهرا كثير الغنى والتنوع من الدوافع لتلك الانتفاضات العارمة , حيث يتقدم جوهر الدوافع تطور الوعي الاجتماعي , الذي تراكم بفعل عوامل عديدة من بين أهمها جهد القوى والأحزاب الوطنية ,الذي سوف يأتي الحديث عنه مفصلا . ومن ثم تطور وسائل الاتصال الفائق السرعة , وارتباط الناس من خلال تلك الوسائل ,وتسارع تطور وسائط الأعلام وانتشارها , وخصوصا المرئية منها , حيث تنقل مئات القنوات الفضائية , ثقافة وكيفية معيشة شعوب أوروبا وأمريكا , ومقارنة أحوال الشعوب العربية ومعيشتها مع معيشة تلك الشعوب , وتسأل عن سبب الفقر المدقع الذي يرهقها ,مما يدفعها للبحث عن سبيل للخلاص من أوضاعها المزرية . كل هذا من جانب ومن الجانب الآخر تجاهل الطغم الحاكمة ,في الوطن العربي لما يحصل من تطورات حولها في العالم , وإصرارها على ذات الطريقة من الحكم , والمستندة على إرغام شعوبها بالقوة ,على السكوت على أوضاعها المتردية باضطراد . وبتأييد ودعم من الحكومات الغربية , وخصوصا الإدارة الأمريكية ,إلا أن قوى الغرب الداعم لتلك الأنظمة الغاشمة , رأت أن الاستمرار في ظلم الشعوب العربية واضطهادها , قد وصل إلى مشارف الانهيار الاجتماعي وأن الجماهير خرجت إلى الشوارع احتجاجا على ظلم حكامها , عندها تخلت أمريكا وحلفائها الغربيين ,تحت ضغط الخوف على مصالحها , حيث أرادت أن يكون لها نصيب في مساعي التغيير , ولذا ساعدت ودعمت القوى الثائرة في تونس ومصر , وبشكل أكثر قوة في ليبيا . الأمر الذي ساعد في نجاح وانتصار الانتفاضات الشعبية في تلك البلدان وتغيير رؤوس ألحكم فيها . بيد أن الأهم لم يأتي بعد , والمقصود هنا بالأهم هو تغيير النظام . حيث لازالت الآلة العسكرية ذاتها , وكذالك نظام التعليم , وسريان ذات القوانين التي تدير الدولة وتنظم حيات الناس . الأمر الذي يتطلب برنامج عمل جديد , لإدارة الدولة والمجتمع , وتعيين آلية للحكم ,وقادة مفعمين بالوطنية , ورؤساء مؤسسات من التكنوقراط و.... عموم الحال الذي لا ينفي بل يستوجب وجود أحزاب ومنظمات مجتمع مدني , ونقابات وزعماء ومنضرين . وكل ذلك يقع في أساس عملية تطوير الانتفاضات ,إلى ثورات حقيقية ,لذلك يكون ألحديث عن عدم ضرورة ألتنظيم الحزبي , وضرورة ترك النظريات , هو أمرًََُ في غاية السذاجة ,لأنه يفترض تقاطع وتعارض , بين جهد القوى المنتفضة وجهد القوى والأحزاب السياسية وخصوصا اليسارية والماركسية منها . نعم لم تتمكن قوى اليسار والماركسيين ,من أن يتصدرون مشهد الانتفاضات الشعبية بحكم عوامل , أبرزها اضطهاد الحكومات لليسار الماركسي , وتركيزها على مكافحته بأبشع أشكال القمع والتهويش ألإعلامي . الحال الذي قلص جماهيره وأعاق من إمكانية تأثيره في الأحداث . بيد أن الأحزاب اليسارية كانت لها مساهماتها ,في حشد وتأييد وتشجيع الناس على الاستمرار والتواصل في الاحتجاج , ولا أحد يستطيع إنكار , مساهمة اليسار المصري في الانتفاضة سواء كان في صياغة الشعارات ألتي تطالب بالخبز والحرية , أو تلك التي تطالب برحيل الحكام , وكانت وجوه يسارية معروفة مثل النائب أبو العز الحريري وغيره ,ضمن الجماهير المحتجة في ميدان التحرير , أما في انتفاضة اليمن, , كان كثير من قياداتها أعضاء في الحزب الاشتراكي اليمني وكان من بينهم المتحدث الرسمي باسم الانتفاضة . وكانت مساهمة اليسار التونسي واضحة من خلال مساهمة منظمة المرأة ونقابات العمال , التي له اليد الأطول في قيادتهما , كما أن شباب ألفيسبوك الذين تصدروا مشهد الانتفاضة , فيهم الكثير من المنتمين إلى الأحزاب السياسية لاسيما الماركسية منها . و كل ذالك في إطار الحديث عن دور القوى والأحزاب الوطنية في مجريات الانتفاضة , بيد أن هناك دور للأحزاب الوطنية , لا يقل عن دورها في مجرى الانتفاضات الشعبية في بعض البلدان العربية , وهو تثقيف الناس وتهيئة أذهانهم وتوعيتهم بحقهم في الحرية والعيش الكريم , كما تجلى ذلك الدور ببناء أسس وركائز , وتوفير قناعات , وتربية أفواج البشر وتحفيزهم و دفعهم لميادين النضال ,ليأخذوا مصيرهم بأيديهم , وذلك الدور عبدته تلك القوى والأحزاب والماركسية منها خصوصا بالدماء ودفعت فاتورة عملها غالية , حيث غيبوا في السجون والمنافي وقضى الكثير منهم نحبه تحت أعواد الشانق , والرمي بالرصاص , وتسويد صفحتهم , ومحاربتهم في الرزق , والتعتيم الإعلامي على كل نشاطهم التعبوي ,السياسي والجماهيري , ورغم ذلك , راكمت تلك القوى والأحزاب ,رصيدًَِا هائلا من عناصر الثورة , وهذا الرصيد هو الذي كان من بين أمور أخرى في جوهر نجاح الانتفاضات الشعبية في بعض بلدان العالم العربي , لذلك لا يمكن وضعه في تعارض أو تقاطع مع رصيد الجهد البطولي لشباب الانتفاضات , وإنما تضمينه لجوهر دوافع تلك الأعاصير الشعبية , التي أطاحت برؤوس الحكام , وأفضت المجال للشعوب المقهورة , أن تقول كلمتها في مصيرها القادم . وبذلك يكون تقييم الانتفاضات الشعبية , بضوء القانون الديالكتيكي العام {التراكم الكمي يؤدي إلى تغيير نوعي } , وبالتالي نتمكن من حساب جهد الشباب النضالي في الانتفاضة , على انه أحد عناصر وأسباب فعالة أضيفت إلى جبل الأسباب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية , التي فاقمتها الأزمة العامة للرأسمالية , وما ألحقته من خسائر في الاقتصاد العربي , وما تناقله الأعلام من عواقب و فضائع لتلك الأزمة . عموم الحال الذي يفرض تجنب التفكير , في العزل والتمييز بين شكل الانتفاضات ومضمونها , وبين صيرورتها وجوهرها الذي يقع في أساسه بين أمور عديدة جهد القوى اليسارية التعبوي على الصعيد النظري والعملي في تبصير الشعوب بحقوقها , ودفعها لتحقيق مصيرها بنفسها , وهذا الجهد الفكري والعملي لقوى اليسار الماركسي , كان وما زال وسيضل ماثلا في المشهد العام لحياة الشعوب حتى يتحقق حلمها , في العدل والحرية والعيش الكريم .... .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العاجزون عن فهم الثورات والانتفاضات يصفونها بالعفو
سامي بن بلعيد ( 2012 / 8 / 31 - 05:34 )
العاجزون عن فهم إستراتيجية الثورات والإنتفاضات العربية يصفونها بالعفوية
ثورات الربيع وإنتفاضات الربيع قدمت الحل الأستراتيجي الذي عرقل مسيرة التطور العربي
الذي عرقل مسيرة ألتطوّر الحضاري في الوطن العربي هو العنف وإقصاء ألآخر وذلك ألأمر أزاح دور العقل وترك المجال للعاطفة الذي صنعت الخلل في كينونة ألإنسان وصار عقلية جامدة لا تفقه غير الصراع والرفض ولا تفهم شيئ عن التكامل الايجابي والتلاقح وقبول ألآخر ألأمر الذي أفقدها حلقات التكوين الوطني والإنساني للعقل الجمعي
وما أشرنا إليه أعلاه لم يكن أضغاث أحلام ولا كلمات عفوية من قبل العامة بل إنه إستيعاب العامة لما عرج عليه كبار المفكرين العرب أمثال الجابري ومالك والعروي وأركون ومن لهم باع في مجال بناء الانسان والبرمجة الغوية العصبية أمثال تكريتي وبكار والفقي وغيرهم ممن يعتنقون الفكر ألإنساني بمعناه الشامل والتام وليس بمعناه المتعصّب لفئة من الناس او ألأفراد

اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران