الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضاء العراقي بين اختلاس فلاح السوداني ومكافأة فرج الحيدري

حسين القطبي

2012 / 8 / 31
دراسات وابحاث قانونية


في تقرير لمنظمة الشفافية العالمية يحتل العراق المركز الرابع في قائمة الفساد في العالم بعد الصومال، افغانستان وميانمار، هذا بالرغم من محاولات التغطية على المفسدين في العراق، التي تمارسها الجهات العليا، لاسباب طائفية ودينية وعشائرية.

والقضاء، وهو الجهة المسؤولة عن كشف المفسدين، والحد من تجاوزهم على ميزانية البلد، في العراق، هو الاكثر تساهلا، وقد يحتل المركز الاول عالميا في التستر، والتساهل مع المفسدين.

فالفساد في قمة الهرم الحكومي يشير الى اختلاس مبالغ فلكية تقاس بالمليارات، مثلث الكهرباء (على غرار مثلث برمودا)، مثلا، ابتلع مبلغ 17 مليار دولار في عهد الوزير السابق وحيد كريم، وهذا المبلغ يفوق مجموع ميزانيات ثلاث دول عربية مجاورة للعراق! مثل هذا الاختلاس الذي بامكانه ان يهد حكومات عامرة، في بلدان اخرى، مر من دون ان يأخذ القضاء العراقي ولو خبر!!!؟؟؟

وزير التجارة الاسبق فلاح السوداني اخلي سبيله، ثم سمح له بالعودة الى بلد اقامته الاصلي (بريطانيا) بعد اعتقاله في مطار بغداد، حين كان يحاول الهروب الى دبي، بعد فضيحة اختلاس مبلغ 886 مليون دولار من الوزارة، دون ان يشعر القضاء العراقي بالحرج.

ومن المتعاونين مع سيادته في عملية الاختلاس المتشعبة هذه، هو السيد الوزير بالوكالة، صفاء الدين الصافي، هو الاخر سمح له بالخروج، والتمتع بالمبالغ المختلسة في بلدان اوربا، دون ان يشعر القضاء بالحرج ايضا.

مثل هذه الارقام والاختلاسات كثيرة في العراق ولسنا في صدد عدها هنا، فالاعلام لم يعد يكترث بها، وكانها تحدث في بلدان بعيدة، حتى ان انكشاف اختلاس صابر العيساوي لمبلغ 17 مليون دولار، مر بصمت اعلامي، وفي نفس الوقت طأطأ له القضاء رأسه، للمرور باريحية تامة.

ولكن مقابل كل هذا، شمر القضاء العراقي عن ساعديه، وكان حاسما جدا في قضية السيد فرج الحيدري، رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، يوم الثلاثاء الفائت 28 اب-اغسطس، فقد اصدرت بحقه المحكمة حكمها بالسجن لمدة سنة كاملة مع النفاذ، بجريمة توزيع مبلغ حوالي 100 الف دينار عراقي (اقل من 100 دولار) على خمسة من موظفي المفوضية (بواقع اقل من 20 دولار للفرد) كتقدير لجهودهم ومثابرتهم على عملهم في العام 2008!

المفارقة الغريبة هي ان مختلسي المليارات، ثم الاصغر، اللاعبين بالملايين، هم من الفئة المحسوبة على السيد رئيس الوزراء نوري المالكي، التي يغض القضاء عنها الطرف، بينما السيد فرج الحيدري فهو محسوب على قائمة التحالف الكردستاني، وهذا هو الفرق!

فاذا عدنا الى الازمة الراهنة التي تمر بها العلاقة بين السيد المالكي بالتحديد وقائمة التحالف الكردستاني، لاكتشفنا هذا التناغم في عمل القضاء العراقي، بنسق وهارموني مع السياسة، وتأثره بالازمات التي تطرأ بين الكتل السياسية.

فالسيد رئيس الوزراء، الذي عرف بعرقلة عمليات استجواب الوزراء المتهمين بالفساد في البرلمان، مثل الشهرستاني، الاديب وغيرهم، هو الذي تدخل لاطلاق سراح وزير التجارة المختلس فلاح السوداني، وسهل له السفر الى الخارج، بنفس الطريقة التي تدخل بها لاطلاق سراح الارهابي محمد الدايني وتسهيل هروبه الى ماليزيا، ولا يستبعد ان يكون له دور في ادانة وسجن السيد فرج الحيدري، بنفس الطريقة التي استصدر فيها حكما ضد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي.

اي ان القضاء العراقي، كعادته من زمن النظام السابق، للاسف، هو ساعد الحكومة، وتابع شرس لقوتها "التنفيذية"، يسلطها كسيف على رقاب المعارضين، واذا ارتضى القضاء لنفسه هذا الدور، فهو، وللاسف ايضا، دور غير مشرف، لقضاء غير نزيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذيرات أممية من حظر إسرائيل وكالة الأونروا.. ما التفاصيل؟


.. الأمم المتحدة: نصف مليون لبناني وسوري عبروا الحدود نحو سوريا




.. مستوطنون حريديم يتظاهرون أمام مقر التجنيد قرب -تل أبيب- رفضا


.. مسؤولة الاتصال في اليونيسف بغزة: المستشفيات تعاني في رعاية ا




.. الأمم المتحدة: أكثر من مليون نازح في لبنان