الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفراوت في العيون!

عبدالله بعنو

2012 / 8 / 31
كتابات ساخرة


27 غشت 2012
كم من الوقت سينتظر أهل تفراوت كي تطل عليهم (مناضلة الأمازيغية) الفنانة فاطمة تبعمرانت،لا لتطرب بل لتحرض؟ الجواب بسيط، سينتظرون مهرجان تفاوين في حلته الثامنة، لأن تبعمرانت - و إن هي قدمت على أنها مناضلة أمازيغية من طرف صحافي لا شك يظن أنه هو أيضا صحافي أمازيغي – لا يحلو لها النضال إلا و هي على منصة مهرجان!
طبعا ليس للنضال مكان معين يمارس فيه و منه، لكن بعض التساؤلات تشغلني بالرغم من أني لا أغدو أن أكون سوى شخص "فضولي"، فالفنانة تبعمرانت تخاطب الجمهور الأمازيغي؛ وأنا في نظرها، أي الفنانة، مشروع لاجئ في إحدى الدول كنتيجة لاستعادتها هي ل" تمازغا"/الحلم - و لا يهم الملح الذي اقتسمناه على مدى قرون. اعتبروني إذن سائحا أتى من نقطة ما في هذا العالم المتنوع و تعلم اللغة العربية خلال زياراته المتعددة لهذا البلد الجميل. أنا السائح القريب البعيد تعلمت أيضا بعض الكلمات الأمازيغية و استطعت أن أفهم أن خطاب الفنانة خطاب تحريضي بامتياز، ترفع أثناءه ثلاثة أصابع و تحمل فوق كتفيها العلم الأمازيغي في غياب تام للعلم الرسمي لبلد اسمه المغرب، هي فيه مستشارة برلمانية !!هل نفهم من ذلك أنها مع ذلك الطرح الشوفيني الذي يريد للمغرب أن يكون بلدا براية أمازيغية واحدة ووحيدة. (هذا الكلام مع الأسف سمعته و قرأته أكثر من مرة و هو مؤلم حتى لا نقول غير واقعي ).
الفنانة على ما يبدو زاغت عن الطريق لأنها سلكت نضال المهرجانات و هو نضال جديد يمكن أن نلخصه فيما يلي: كلما شاركت في مهرجان، خاطب الجمهور بما يدغدغ عواطفه، إن أحسست أنه متجانس قل إنه أمازيغي بنسبة 90 % مثلا، شغل أسطوانة لا يمل سماعها و لا داعي لإعادتها هنا! إذا كان هذا الجمهور أجنبيا حول خطابك إلى التركيز على جمال المغرب و شمسه و كرم ضيافته؛ و إن كان أمامك شاشيات سوداء تحدث عن تسامح المغاربة مع الديانات الأخرى مع أن لا دين لك و لا ملة إلا "وسخ الدنيا" : "بالعربية المال"!! هذا عمل تتقنه فنانتنا، و الدليل على ذلك أنها تشارك في جميع المهرجانات في منطقة سوس من تميتار إلى تفاوين إلى مهرجان الفضة بتزنيت و ألموكار بمدينة سيدي إفني؛ و هذا ما يسمى في عالم السياسة و الاقتصاد المونوبول أي أن الثقافة غزاها أيضا وباء الاحتكار. و النضال يقتضي أن نكون ضد احتكار الثقافة من طرف فنانين بعينهم. على الفنانة المناضلة و الصحافي المناضل أمازيغيا أن يتوقفا عن اللهث وراء المهرجانات/المال و أن يوفرا فرصا لفنانين جدد و صحافيين جدد باكادير و تفراوت وتزنيت و سيدي إفني وغيرها. لكن هذا غير ممكن ما دام "المهرجان فلوس يا أخي، أجر و تعويضات وفندق خمس نجوم و علاقات و "ضمن بلاصتك" و حافظ عليها إلى الأبد إذا اقتضى الحال..". أما أن تختار الفنانين على أساس دمقراطي، فأنت خاسر، بل أنت ساذج و لا تعرف من أين تؤكل الكتف..
لنعتبر أن الفنانة تبعمرانت فعلا تناضل أمازيغيا - مع أني ضد النضال على أساس عرقي أو ديني - النضال يقتضي عدوا. لتقل لنا إذن: ضد من و ضد ماذا تناضل؟ هذا سؤال لن أجيب عنه خوفا من توريط فنانتنا؛ و أنا أصلا لا أحب أن أجيب مكان الآخرين. لكن أليس بالأحرى أن تحمي سكان تفراوت من الشركات متعددة الجنسيات، تلك الشركات التي ما فتئ الصحافي الأمازيغي المذكور ينعتها بالشركاء و المحتضنين و اجتنب الحديث عنها ، عن قصد أوعن جهل، كممولين للمهرجان، كتجار يشترون ثقافة مدينة تفراوت المناضلة - مدينة محمد خير الدين و المنوزي وغيرهم، أي المناضلين الحقيقيين - لتشويهها. المسألة يا صديقي الصحافي ليس فيها احتضان و كم نحن بحاجة إلى احتضان دول الشمال التي تمثلها شركاتك لدول الجنوب!! المسألة ليست احتضانا وليست دفاعا عن الأمازيغية كما أرادت الفنانة تبعمرانت أن توهمنا. المسألة مسالة تدوير لرؤوس أموال عادة ما تكون قذرة. بلغة أخرى: المهرجانات بالمغرب صيغة من صيغ المزاوجة بين هدر المال العام و تبييض الأموال المحلية و الأجنبية، و لا علاقة لها بالفن لا من قريب و لا من بعيد. طبعا للمهرجانات أدوارا أخرى لكن شرورها أكثر من حسناتها. فأثناء إقامة هذه المهرجانات ترى الشباب يتعاط المخدرات علانية و يتجه إلى مقر الحفلات و هو مخمور لأن البعض جعله يظن أن هذا هو "النشاط"، هذه هي الطريقة المثلى للتعبير عن الفرح !! هنا لا بد من الإشارة إلى دور رجال الأمن ، فمدينة تفراوت أثناء المهرجان تغص برجال الدرك، بعضهم بكلاب مدربة و هذا أمر لم أتمكن من استساغته، و تغص بالقوات المساعدة، و لكن مع ذلك هناك ممارسات مشينة لم يسع لا المناضلون و المناضلات فوق المنصة و لا قوات الأمن على الأرض أن تتصدى لها. ربما تريدون أن تعرفوا سبب حضور ذلك الحشد من رجال الأمن، الجواب لا يحتاج إلى الكثير من التفكير: حماية المهرجان من الفشل كما يراه القيمون على المهرجان، حماية المهرجان من سكان مدينة تفراوت المغربية الطيببن؛ و ليس حماية الأمازيغ من الشركات المتعددة الجنسيات و من المخدرات و الخمور !!!
أخيرا أؤكد أن تفراوت فعلا تحتاج إلى مناضلين و مناضلات لكن من طينة محمد خير الدين، مناضلين و مناضلات يدافعن عن حقوق سكان المنطقة كيف ما كانت لغتهم و هويتهم. أستغرب تجاهل المناضلة على الأقل إبداء رأيها في قضايا ساخنة تهم التفراوتيين، لماذا تجاهلت الحديث عن جور مراسيم ما يسمى بتحديد الملك الغابوي الذي زحف على سكان المواطنين؟ و كيف تغاضت عن الملف الساخن لمنجم الذهب وما يشوبه من استغلال بشع لثروة المنطقة و قبلها لسكان المنطقة. إن من ينوي النضال الحقيقي لا يمكن أن يغض البصر عن واقع التهميش و الإقصاء الذي تعيشه المنطقة في القطاعات الحيوية من طرق و صحة و تعليم و خدمات، بعيدا عن تسليع الأمازيغية كلغة و ثقافة وتراث.

نتمنى أن تمتعنا الفنانة فاطمة تبعمرانت لاحقا بأغنيات أمازيغية تهدف إلى التقريب بين مكونات المجتمع المغربي و ثقافاته المتنوعة، و أن تحمل تلك الأغنيات قيم إنسانية كونية، و تغني للشعب المغربي ككل كما غنى الفنان الدمسيري الذي – كما تتذكرون - ضحى بحريته يوم عبر في إحدى أغنياته عن رفضه مساهمة الفقراء المغاربة ماديا في بناء مسجد الحسن الثاني.

زائر









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر