الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بقايا النهار

عبله عبدالرحمن
كاتبة

(Abla Abed Alrahman)

2012 / 9 / 1
الادب والفن


بقايا النهار
عبله عبد الرحمن
حين يحل المساء يحلو السمر مع فنجان من القهوة وبعض حبات من الشكولاته واغنية مختارة، وحديث يسير الهوينى على اطرافه يمينا وباتجاه واحد لان الفرحة لا يمكن ان تظلل بغيم الصمت، فالوقت ما زال مبكرا لاحلام ليست واقعية بل ملائكية تساوي يدي فنان ماهر يكمل عزف اللحن بخفة حتى لا نلحظ متى وكيف ابدعه. معظم الكلام فقدت منه لذة الحلم ورنة النغم بعد كل هذا الزخم المفتوح وعلى كل القارات وبشكل مكثف بالتركيز على حروبه وجرائمه، فذهبت مسرة الحديث تحت عجلة احصاء من مات ومن مرض ومن قتل، ومعظم هذه المحاور وعلى لسان العامة باتت تدور حول السياسة الملعونة حتى اصبح معظمنا يعرف في الشؤون السياسة الدولية اكثر مما يعرف باحوال جيرانه والفضل لقناتي الجزيرة والعربيه اللتين تشكلان عقول الكبار والصغار بارادة امريكية.
كان للحديث المسائي تفاصيله المحببه والتي غالبا ما تكون من اخر الفنجان ففي طياته بقايا النهار وما علق به من نوادر الصباح واحلام الفجر، نكهتة تأخذ صفة الحميمية وحب الاخر كانت له سلطة الشجن بعطر ياسميني مستوحى من شؤون لا نطلع عليها احد ولا نتذكرها الا حين نكون في حالة هروب، الانفاس تبدو متلاحقة حد الاضطراب علوا وانخفاضا ونحن نقص ونتبادل احاديث يغلب عليها الفرح.
عندما نكون سعداء لا نحتاج ان نتفحص لحظات الرضا لاننا نتمثلها واقعا حقيقيا تماما كما لو اننا نذيب طعم الشوكلاته في افواهنا حتى اخر حلاوته فلا نترك قطرة سكر تفوتنا من دون ان نكون متذوقين لها. لكن سكر الحياة بات سكره قليل.
اخشى انني احلم في عز الصحو، كما اخشى ان اقول ان مسامرة الندماء اصبحت من سالف العصر، لم يعد هناك حديث يحكى، الحديث معظمه من وراء حجاب، حتى يخيل اليك ان الانسان يتحدث الى نفسه لكن من غير ان نقول بأنه قد فقد عقله فتراه في السيارة في الشارع في البيت في العمل وعلى وتيرة واحدة، لا حرمة لاي اسرار الكل بات يسمع من الاخر جل الكلام المباح وغير المباح، كلام لا يغلب عليه السكون والطاعة بل التذمر والشكوى.
العودة الى الحياة بلونها الرتيب لا نريده ان يصير امل الكثيرين، نريد ان نحيا النهار كله وليس الرضى ببقاياه، نريد ان يعود الفرح من الاعماق وليس من سرداب النفس وما فيها من خوف وهلع.
هناك عبارة لفان كوخ يقول فيها: للاشياء القبيحة خصوصية فنية قد لا نجدها في الاشياء الجميلة، في مساءاتنا وصباحاتنا وحياتنا لم نعد نرى اكثر من الجمال في القبح، ولكن وان كان جمال القبح له خصوصيته فأننا نريد صخب الحياة وجمالها وليس رتابة الحروب وقبحها لا نريد ان نفقد النظرة المختلفة للاشياء، بل نريد نظرة الغد المستنير وليس ضوء النفق.
ملاحظة : بقايا النهار عنوان روايه للكاتب الياباني كازو ايشيجورو.




















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاعلام يرتب اولويات الناس كيفما شاء !
علاء علان ( 2012 / 8 / 31 - 23:00 )
في ظل الاختناق الذي نعيش في عالمنا العربي ، و الهموم التي تعتصر الانسان العربي ، في شأنه العام و الخاص ، أتذكر امنيتنا لاستاذ عرفت ، يقول متى سنقرأ على صدر صفحاتنا الأولى ، عن اختراعنا لعطر جديد ، او وردة لم يعرفها احد !


2 - امنية غالية
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 9 / 1 - 14:42 )
صديقي العزيز علاء علان
تحياتي اليك
لا نريد ان ننقب عن الوردة بقدر ما نريد ان نرى الورود التي نمتلكها فلا نضيعها ولا نتركها لغيرنا ينعم برائحتها وجمالها
كل الشكر لك


3 - كل أسلوب كتابي يُذكرنا بشيئ حياتي مختلف
الحكيم البابلي ( 2012 / 9 / 2 - 05:08 )
مقال جميل وهادئ عزيزتي وزميلتي عبلة
أرتاح جداً لكتاباتك الرزينة وإتقانك العربية وأسلوبك السلس غير المعقد والذي يستطيع فهمه كا صاحب ثقافة عالية أو متوسطة او متواضعة
وكثيراً ما أشبه أسلوبك الهادئ بجدول ماء كان قرب بيتنا يوم كنتُ في بغداد ، دائماً أتذكر ذلك الجدول الذي ينساب الماء عبر ساقيته بكل سلاسة وجمال
إستمري على نفس النمط ، ولا تدعي الصرعات الجديدة تُفسد هذا العطاء الرقراق
تحياتي


4 - جدول ماء في بغداد
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 9 / 2 - 09:28 )
الاستاذ الحكيم البابلي تحياتي اليك
صديقي العزيز اذا كنت ترتاح لكتاباتي فأنني ارتاح حين اكتب اليك والان عرفت السبب انه جدول الماء الصغير الذي يقرب ما بيننا
شكري الكبير لحكيمنا البابلي

اخر الافلام

.. ا?صابة الفنان جلال الذكي في حادث سير


.. العربية ويكند |انطلاق النسخة الأولى من مهرجان نيويورك لأفلام




.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي