الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا.. وإلا فالأمور مرشحة للمزيد من التراجع

سامر أبوالقاسم

2012 / 9 / 1
السياسة والعلاقات الدولية


لابد من التأكيد ـ في البداية ـ على أن الأمور في مجال التفاعل بين مكونات المشهد السياسي المغربي الحالي لا تبعث على الاطمئنان بالمطلق، وأن مسارات التطور التي ستعرفها الساحة السياسية في الأمد القريب والمتوسط تبدو مقلقة للغاية، وهو ما يدعونا إلى الاعتقاد بأن العديد من المهام ينبغي القيام بإنجازها، والعديد من الأهداف والغايات يجب تحقيقها، وإلا سيبقى كل هذا الذي نتداول اليوم في شأنه من قبيل المتمنيات.
فبعد درس الانتخابات التشريعية لسنة 2007، التي استفزت العديد منا، لكنها أحرجت الجميع. وبعد الاهتمام والاشتغال بموضوع الانعكاسات السلبية لنتائج ذلك الاستحقاق السياسي الفاشل. وبعد الحركية والدينامية التي أطلقها بعض الفاعلين ذوو المشارب الفكرية والسياسية المختلفة. وبعد خوض غمار تجربة تنظيمية غير مسبوقة في التاريخ السياسي المغربي الحديث والمعاصر من حيث صهر الطاقات والكفاءات المتعددة والمتنوعة على مستوى مواقع فعلها السياسي والاجتماعي. وبعد إطلاق مبادرة تحرير الطاقات وتجديد النخب وإعادة النظر في منطلقات وطرق اشتغال الإطارات السياسية برمتها.
بعد كل هذا المسار الشاق والطويل يمكننا المغامرة والمجازفة للخروج بخلاصة مفادها أن كل ما أنجز ـ بتراكماته وإخفاقاته ـ قد لا يخدم مسار القضايا العادلة والمشروعة لكافة الفئات والشرائح الاجتماعية المغربية، إن لم يتم تتويجه بتجميع الجهود والطاقات في أفق تشكيل تيار مجتمعي واسع وعريض يحمل مشعل الدفاع عن قضايا التنمية والدمقرطة والتحديث بطرق معقلنة، غير قابلة للقرصنة والتمييع.
وهو ما يفرض الدخول في إنجاز مهمة النقاش الجدي والمسؤول حول أنجع السبل المحفزة للقيام بثورة ثقافية وميدانية على مستوى التنظيم الداخلي للإطارات السياسية المشتغلة، خاصة وأننا اليوم نعيش في ظل اعتبارات سياسية وتنظيمية دقيقة، تفرض على الجميع جعل هذه المهمة على رأس أولوية الأوليات، للتغلب على العديد من أسباب الشتات المؤدي حتما إلى خسران القوى الديمقراطية لكل المعارك في مواجهة قوى المحافظة والتخلف.
علما بأن التاريخ لا يرحم، والفرص التاريخية لا تتهيأ سبلها إلا لماما. وهو ما يستلزم عدم الاكتفاء بالنقاش، وعدم البقاء في وضعية الإعلان عن المبادئ والمنطلقات والمواقف المنجزة في مراحل سياسية وتاريخية سابقة ومغايرة للمرحلة التي نعيشها اليوم، واعتماد نوع من السياسة البراغماتية في التعاطي مع موازين القوى المختلة لصالح قوى المحافظة وفي القلب منها تيارات العمل السياسي الديني التي أصبح جزء منها يتربع على كرسي رئاسة العمل الحكومي الحالي.
فالظرف الحالي يتطلب العمل بشكل موازي للدخول في خطوات إجرائية عملية، سواء في إطار العلاقة البينية للتنظيمات السياسية ذات الاستعداد للعب أدوارها كما تتطلبها المرحلة التاريخية، أو في إطار العلاقة بالنخب الجديدة بغية مصالحتها مع العمل السياسي الذي افتقد الكثير من الجاذبية والمصداقية في العقدين الأخيرين، أو في إطار العلاقة بالمواطنات والمواطنين وقضاياهم ومشاكلهم ذات الصلة بالمعيش اليومي...
ونعتقد أن التجربة التنظيمية والسياسية لحزب الأصالة والمعاصرة لعبت دورا أساسيا ومركزيا في هذه الآونة؛ من حيث تجاوز العديد من العقد التي كانت ترجع إلى بعض التصنيفات التي لم يعد لها أي معنى في غياب الفعالية السياسية، من قبيل اليمين واليسار، حيث إن الممارسات السياسية الميدانية كشفت بالملموس غياب الحدود الفاصلة بينهما خاصة على مستوى السلوكات التي لا تمت بصلة إلى المرجعيات القيمية والمبدئية والأخلاقية لأحزاب تنتمي إلى الصنفين معا.
يكفي أن نقطع اليوم أشواطا أخرى لصهر طموحاتنا والانتقال بها إلى مستويات أكثر تطورا من حيث الأداء السياسي المؤثر والمؤدي إلى استقطاب المزيد من الغيورين والمهتمين وذوي القابلية والاستعداد للمساهمة في تحمل المسؤوليات السياسية والتاريخية والقيام بمتطلبات ومستلزمات الواجب النضالي الوطني.
نحن في أمس الحاجة اليوم إلى:
• طموح نضالي كبير ومشروع، يلامس ترجمة الأفكار والتصورات والمواقف والبرامج السياسية إلى واقع ميداني ملموس.
• تيار مجتمعي واسع، يضم كل الحداثيين والديمقراطيين على اختلاف مشاربهم السياسية والاجتماعية والفكرية.
• بنيات تنظيمية حزبية متراصة، قادرة على القيام بمهام التأطير والتوجيه والاستقطاب، وكذا إخصاب وتطوير الأداء ذي الصلة بمواجهة قوى المحافظة والتخلف.
• تطوير الدينامية النضالية السياسية والاجتماعية، ونهج تحفيز الطاقات الإبداعية في مختلف مواقع الفعل النضالي المؤثر في التطورات التي تعرفها بلادنا.
• توفير شروط إنضاج التراكم الكمي والنوعي لمختلف النضالات الاجتماعية والثقافية والسياسية، وتوسيع آليات ومجال التضامن مع المواطنات والمواطنين.
إن الظرفية الحالية تتطلب إبداعا في مجال المبادرات السياسية، وتنويعا في سياق تنظيم مواجهات سياسية وتأطيرها في أفق الارتقاء بها الى مستوى إنجاز التغيير المطلوب، استحضارا للعديد من التجارب الدولية الناجحة في هذا الإطار. وتتطلب ممارسة السياسة بغايات وأهداف وشعارات واضحة وقوية من شأنها التأثير في مجريات الأحداث والوقائع الحالية، والحد من تغلغل القوى المحافظة في الدولة والمجتمع، والكشف عن منطلقات وغايات مشروع التحكم الذي تقوده قوى المحافظة ذات النزوع الديني المتهافت.
إن الظرفية الحالية تفرض جمع شتات القوى الديمقراطية بمختلف مشاربها الفكرية والسياسية في إطار تيار مجتمعي واحد، على أرضية حد أدنى للتعاقد من أجل قيادة المواجهات السياسية القادمة، والتي سيكون لها ما بعدها على مستوى النتائج والآثار على المشهد السياسي المغربي في الأمد المنظور والمتوسط.
فجميع المعطيات الميدانية تفيد أن المشهد السياسي لا يحتمل هذا الشتات، ولا يطيق كل أشكال المزايدات وكافة أنواع الحسابات الصغيرة التي لا تخدم الصالح العام، كما أنه لم يعد قادرا على استيعاب تعثرات ونواقص ومعيقات الأداء السياسي السابق، ولا معطى التجمعات التنظيمية والسياسية غير المجدية.
فالوقت وقت تصور سياسي بسيط وواضح، وبرنامج نضالي واقعي وقابل للإنجاز، وكفاءات كثيرة ومتنوعة، وأداء قائم على أساس التحليل الملموس للواقع الملموس. وإلا فالأمور مرشحة للمزيد من التراجع والنكوص.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف