الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((حوران البطلة تقاتل ))...زميلي المعتقل .

ثامر ابراهيم الجهماني

2012 / 9 / 2
أوراق كتبت في وعن السجن


ايقضني صوت صرير الباب وطقطقة السلاسل والاقفال في اليوم السابع للاعتقال ، كالعادة جلس الجميع جلسة القرفصاء وجوههم الى الحائط وانا منهم .
ران الصمت فسحة المكان ..المهجع نظيف وبلاطه نظيف لكن لالمعان فيه ، الرطوبة تعبق في أجواء المكان ، بكل الاحوال افضل من المنفردة .
خمس دقائق مضت ثقيلة لم نسمع خلالها سوى اقدام تتحرك وهمسات ، اغلق الباب من جديد واغلق المتراس ..التفتُّ برويّة وخوف وتململ جميع زملائي المعتقلين .
كنا وجها لوجه مع ذاك الضيف الجديد ، طويل القامة أبيض البشرة قوي البنية مفتول العضلات جسمه متناسق .
في البداية ارتاب زملائي منه وسألوني رأيي ، قلت لهم معكم في شككم وخصوصا ً ان لباسه عبارة عن بدلة عمل زرقاء يلبسها عناصر الدفاع الجوي .
قرر اغلب الموجودون مقاطعته والحذر منه . وشعرت انهم يستغيثون بي لأسبر اغواره سيما وانه عرف عن نفسه بأنه محامٍ معتقل منذ قرابة العامين .
في صباح اليوم التالي أخذ النزيل الجديد بعد وجبة الفطور وتنظيف المهجع وصف المعتقلين بالطوابير وجلوسهم القرفصاء ، أخذ يسير بسرعة بين الصفوف في الممر بين الطابورين على طول المهجع الذي لايزيد عن العشرة أمتار . ويمارس التمارين السويدية
، فجأة جلس القرفصاء مقابلي وناداني ((كيفك زميل )) انت محامي ؟ نعم أجبته ! . كان الاحتكاك الاول فيه الكثير من الريبة والخوف ، لكن فيه نوع من استقراء الاخر دار الحديث بيننا كأي شخصين التقيا في مقهى او منتزه . اسألته كانت تدور حول ما يحدث في الخارج ولماذا كلكم من حوران ؟ مالذي يجري بربك أخبرني ؟ الحيرة تأكل قلبي ؟ . حدثته عن الثورة وبداياتها والشرارة التي انطلقت من حوران وسألته بعض الاسئلة عن بعض الاجراءات القانونية والقوانين والتي لايعرف الاجابة عنها الا المحامي المتمرس حتى اكشف خداعه من صدقه .
تتالت الجلسات واللقاءات ليلاً وهمساً فعرفت صدقه وتشجع للثورة كأنه كان ينتظرها كان معتقل منذ عام ونصف تقريبا ً رهن التحقيق ..فبشرته بالافراج عنه كون قانون الطوارئ الذي أوقف بموجبه قد ألغي ّ، كان يتكلم عن الثورة وحوران بحماسٍ ٍ شديد وأقسم أمامي انه لو أفرج عنه وقدر الله ورزق ببنت سيسميها حوران .
تتالت الايام واليالي وانا اروي له بطولات حوران وشبابها بأدق التفاصيل والقصص والصور البطولية وكيف أحرقنا تمثال الاسد (( إله الجوع والخوف )) في درعا .
قال لي زملائي (( خف عن الرجل قليلا )) ، سألتهم لماذا ؟ مالذي حصل ؟
قالوا الا تراه يسير ويحدث نفسه يكاد الرجل يفقد عقله .
اجبتهم وانا على يقين وضحكت : لا ايها الاصحاب انه يرتب الاحداث في عقله والتواريخ ، يرتب كيف سينقل الثورة الى بلدته تلكلخ ان خرج وكانت الثورة لم تصلهم بعد .
قبيل نقلي الى فرع التحقيق وحدة المداهمة في السومرية التابع للمخابرات الجوية بسويعات جلسة قبالتي القرفصاء فرحاً ووضع يديه على ركبتي و أبلغني انه انتهى من تأليف كتاب عن الثورة من القصص التي رويتها امامه وابدع خياله جزءاً كبيراً وقال لقد اسميته بعنوان : (( درعا البطلة تقاتل )) ، لم يكن يدري ان عشقه لحوران وثورتها سيغدو عشقا للوطن وثورته .
بعد هروبي الى الاردن وكنت قد علمت ان زميلي قد افرج عنه وتابعت اخباره عبر صديق مشترك (( أكيد سيقرأ ما كتبت وسيعلق تعليقا ً جميلا ً وقتها ستعرفونه لاشك )) ، واخبرني ايضا ان صديقنا البطل يسطر ملاحم بطولة في بلدته الجميلة ، قد فقد اخوته الثلاثة شهداء واحرقت ممتلكات العائلة كاملة وهم ابناء عز . وأي عز اكبر من عز الثورة .
فكل محبتي لزميلي داعيا الله ان يصونه ويحميه وينصره حتى اكتب على لسانه رواية ((حوران البطلة تقاتل)) ونتعاون لتأليف ملحمة الوطن (( سوريا الانسان تقاتل وتبني )) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإغاثة اللبنانية للعربية: 180 ألف نازح داخل مراكز الإيواء ف


.. يونيسف للعربية: لا مكان آمنا في لبنان




.. أمريكيون يتظاهرون أمام البيت الأبيض للمطالبة بوقف حرب إسرائي


.. ليبيا.. ترحيب بأوامر اعتقال بحق ستة أشخاص متهمين بارتكاب جرا




.. -الخسائر بلبنان غير مقبولة-.. المتحدث باسم الأمم المتحدة: أو