الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقدة التمثيل الفلسطيني

فايز رشيد

2012 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



لولا التراجع الذي أبداه إسماعيل هنية عن حضور قمة عدم الانحياز في طهران، لكان التمثيل الفلسطيني في المؤتمر أمام فضيحة مدوية وهي "ازدواجية التمثيل", هذه التي لا تليق بالشعب الفلسطيني ولا بتاريخ قضيته الوطنية ولا بحقوق شعبه.
ما جرى يفتح الباب على مصراعيه من جديد أمام قضية خطيرة في الساحة الفلسطينية، وهي: الانقسام، الذي للأسف،أصبح حقيقة واقعة، ليس بالمعنى السياسي (وما أسهل ذلك) وإنما بالمعنى الجغرافي أيضا، وهي المسألة الأخطر! وفي ظل ماذا؟ في ظل بقاء قطاع غزة تحت الحصار الصهيوني للعام الرابع على التوالي، وفي ظل الاحتلال الإسرائيلي له وللضفة الغربية, وفي ظل الاستيطان ومصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية، وتهويد القدس ومنطقتها، وفي ظل التنكر الإسرائيلي للحقوق الوطنية لشعبنا، والمزيد من الاشتراطات ليس على الفلسطينيين وحدهم، وإنما على الدول والأمة العربية بأسرها.
صادف وأن خرجت الساحة الفلسطينية هذه المرة من إشكالية "ازدواجية التمثيل" ,ولكن من يضمن في مرة تالية أن لا تعود إلى الواجهة؟ الفلسطينيون والأمة العربية وأصدقاء القضية الفلسطينية جميعهم حائرون أمام سؤال، من المفترض أن يسأله القائمون على سلطتي غزة و رام الله لأنفسهم: ما الذي يمنع الطرفين من تجاوز الانقسام والذهاب نحو المصالحة؟ هذا بدوره يجر إلى أسئلة أخرى: هل تحرر شعبنا في كلا المنطقتين من الاحتلال؟ وهل أصبحت كل سلطة في المنطقتين حرة كي نتنازع التمثيل الفلسطيني؟ وهل فعلا أن هناك عقبات حقيقية باستثناء "التمسك بالسلطة" من قبل الطرفين، تمنع من إعادة الوحدة الوطنية ؟، خاصة أننا مازلنا تحت الاحتلال وبانتظار شعبنا كفاح ونضال طويلان من أجل الوصول إلى حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
محاولات للمصالحة جرت عدة مرات في القاهرة، وفي كل مرة يجري وضع برنامج للتنفيذ، وتشكيل لجان عديدة، ويتعانق ممثلوا الطرفين ويشدون على أيدي بعضهم البعض، ويعود كل وفد إلى منطقته ، ويبدأ الجدل والنزاع من جديد، والاتهام من كل طرف للطرف الآخر: بأنه العقبة في طريق تنفيذ المصالحة ! لقد مل شعبنا من هذه المسرحية الهزلية، التي تلحق أفدح الأخطار بالقضية وبمشروعها الوطني وبحجم تأييدها على الساحتين العربية والدولية في ظل الانقسام، وبات الشعب الفلسطيني لا يثق فيما يوعد ه الطرفان من خطوات عى طريق المصالحة.
يتوجب أن تكون المصالحة مبنية ليس على أسس برنامجي فتح وحماس , إنما على القواسم المشتركة بينهما ,اعتمادا على القواسم الوطنية بين كافة الفصائل الفلسطينية في مرحلة التحرر الوطني، التي مازلنا نعيش تحدياتها في هذه المرحلة الحرجة من الضال الفلسطيني. أما بالنسبة لما يتعلق بالسلطة: فإن المشاركة فيها يتوجب أن تكون مضمونة لكل من يريدها (ففي الساحة الفلسطينية توجد فصائل ضد المشاركة في أي من السلطتين: سواء في غزة أو في رام الله) , وهذا أحد الأسس الرئيسية للبعد عن الاستئثار والهيمنة والتفرد, وضمان مشاركة الطرفين في السلطة. هذا ينطبق أيضا على كافة الأجهزة الرسمية بما فيها الأمنية لكل من السلطتين في رام اله وغزة. على الصعيد السياسي، فإن التنكر الإسرائيلي للحقوق الوطنية الفلسطينية يتوجب أن يكون عامل تقريب لا ابتعاد بين حركتي فح وحماس. كلك هو الاستيطان وتهويد القدس والاغتيالات والاعتقالات والمذابح التي تقترفها دولة الكيان الصهيوني بحق كل أبناء الشعب الفلسطيني , سواء أكانوا من فتح أو حماس أو الجبهة الشعبية، فكل الفلسطينيين مطلوبون لإسرائيل تماما مثلما معتقلينا في السجون الإسرائيلية، والذين جعلوا من المصالحة موضوعا رئيسيا لهم وأصدروا مشروعا بهذا الشأن ، سجلوه في وثيقة أخذت تعرف "بوثيقة الأسرى للمصالحة". بمعنى آخر: فمادامت إسرائيل ترفض الاعتراف بحق العودة للاجئين وتقرير الفلسطينيين لمصيرهم، وأن لا سيادة لدولة فلسطينية والقدس ستظل (العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل)، فماذا هي وجوه الاختلاف السياسي بين برنامجي فتح وحماس السياسيين؟ إضافة إلى أن كلا الفريقين يمارس تهدئة مع إسرائيل، وأن كل من يحاول ممارسة المقاومة ملاحق من السلطتين.
إن المستفيد الأكبر من الانقسام الفلسطيني هي إسرائيل، التي تخطط من أجل أن يبقى الانقسام، وهي تمارس ضغوطا سياسية ومالية (بتأخير ومنع إيصال أموال الضرائب التي تعود للسلطة الفلسطينية) إذ ما جرى تقارب بين حماس وفتح، لقد أعلن نتنياهو ومسؤلون إسرائيليون آخرون مرارا أنهم ضد التقاء فتح وحماس وإنجاز المصالحة بينهما: ألا يكون ذلك سببا كافيا لإنهاء الانقسام؟
يبقى القول: أن الحقيقة الأبرز في الساحة الفلسطينية: أنه وكلما طال الزمن على الانقسام الفلسطيني، فإنه يكرس حقيقة واقعة على الأرض , ويصبح موضوع المصالحة أكثر تعقيدا وأصعب إنجازا، فهل يستجيب الطرفان إلى منطق العقل والعودة بالوحدة الوطنية الفلسطينية إلى سابق عهدها؟ هذه التي إذا ما ظلت عليه، فإننا سنشهد مخاطر وإشكالات كثيرة: أبسطها، ازدواجية التمثيل.

* * *
* *
*








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون