الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إغتيال الحريري والإنسحاب السوري

عمر أبو رصاع

2005 / 2 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يطل سؤال مركزي في غمرة الحدث الحالي من نفذ هذه الجريمة الآثمة في قلب بيروت والتي أودت بحياة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري ومن معه ؟ ولماذا ؟ ... ومن هو المستفيد الحقيقي من هذه العملية ؟ وماذا يريد ؟

المستفيد منها تماما هو من نفذها ، هذا ما يقوله المنطق أليس كذلك ؟
رفيق الحريري الزعيم الملياردير السني العائد إلى لبنان عبر إتفاقية الطائف والمعروف بعلاقته المميزة بالنظام السعودي والذي كان على مقربة من القصر الجمهوري السوري لفترة طويلة قبل أن يغادر عربته اللبنانية إلى المعارضة التي راحت تشتد في الآونة الأخيرة عقب قرار الأمم المتحدة القاضي بإنسحاب سوريا من لبنان وعقب وضع الكماشة الطاحن الذي تواجهه سوريا بعد إحتلال العراق ، من الطبيعي وربما المشروع في العرف الذي ينتهجه الساسة أن لا يراهن أحد على حصان خاسر ، والجو العام بلا شك ينبئ أن النظام السوري في مأزق سياسي خطير ، ويواجه أزمة واسعة النطاق داخليا وخارجيا .
ألم تخطئ سوريا عندما أصرت على إعادة إنتخاب إميل لحود رئيس للجمهورية ؟
إرتكبت خطأ سياسي إستراتيجي ، حين عرضت بالشرعية اللبنانية حتى ولو من حيث الشكل وكما نعلم صوت لسوريا ممثلة بلحود أغلبية ساحقة في المجلس النيابي اللبناني فلماذا لم تختر سوريا شخصا آخر غير لحود وتحول دون المعركة الدستورية التي رفضت التجديد؟
وما كان أغناها عنها ، ففتحت على نفسها بوابة جهنم التي لا تقفل والتي كان المتربصون الكثر ينتظرون هذه الفتحة ليلجو المستنقع منها .
طبعا الساسة الذين يقودون لبنان زعامات الطوائف والمصالح الأرستقراطية والبرجوازية اللبنانية الجديدة رسخت لديهم قناعة أن الوقت قد حان لرفع يد سوريا عن لبنان في ظل الظرف السياسي الحصاري القاسي الذي تواجهه سوريا إنها اللحظة الأنسب ليعلن فيها الزعيم الدرزي وليد جمبلاط ما كتمه دهرا من أن البعثيين السوريين هم المتهم الأول بتصفية وإغتيال والده زعيم الحزب الأشتراكي الديموقراطي وزعيم الطائفة الدرزية الذي إرتبط بقوة بالسنة وبالمقاومة الفلسطينية كمال جنبلاط الذي كان يعارض سوريا ، لم يأتي ذلك عبثا فوليد جمبلاط الذي وجد نفسه لأكثر من عقد وحرصا على مصالح الطائفة ومصالحه الأرستقراطية الوراثية إقتصاديا وسياسيا مضطرا لمهادنة سوريا بل والتحالف معها إنقلب عليها كما إنقلب رموز الطائفة المارونية سواء الدينية أو الأرستقراطيةعلانية في لقاء قرنة شهوان بالرغم من أن الكتائب اللبنانية كانت من طلب العون السوري لإنقاذها في بيروت ، لن نعيد تاريخا قدرما يعنينا أن ننبه أن الساسة اللبنانيون لا تحركهم إلا المصالح أي مصالح ؟
مصالح الطبقة السياسية أولا في السلطة ومصالحها الإقتصادية دائما ، المجموعة التي حركتها فرنسا ضدا على الوجود السوري اليوم هي التي تقف في خندق الإتهام لسوريا بتدبير إغتيال الحريري لأنه إنقلب عليها ، والواقع أنه من الغباء السياسي منصرف النظير أن يقدم النظام السوري في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه على مثل هذا العمل الذي يعتبر هو تماما الخاسر الأكبر فيه وهو المحاط بجو ملبد بالغيوم يستهدف وجوده برمته .
سوريا تدخل مأزقا عويصا الآن فما هو المطلوب من سوريا ؟
سوريا كما أرى بحاجة إلى خطوة إستباقية سياسية ذكية تخرجها من هذه الورطة إنها بحاجة إلى إعلان ترتيب مؤتمر لجميع القوى اللبنانية وهي لا تزال تملك ورقة لبنانية قوية هي الطائفة الشيعية كبرى الطوائف اللبنانية ممثلة بحركة أمل وحزب الله لإعادة ترتيب البيت الداخلي اللبناني بما يرضي الطوائف اللبنانية ويحفظ مصالحها السياسية ، إنها بحاجة الآن إلى ترتيب إنسحابها من لبنان وإرضاء القوى السياسية اللبنانية وإعادة تنظيم العلاقات السورية اللبنانية على هذا الأساس ، حتى لا تسمح بتحويل الساحة اللبنانية إلى خاصرة تتلقى منها الضربات المؤلمة ، سوريا بحاجة في الساحة اللبنانية إلى تحويل ورقة الضغط عليها الممثلة بالإنسحاب تنفيذا للقرار 1559 إلى ورقة قوة وقوة سوريا في لبنان لا تتمثلا حصرا بوجودها العسكري قدرما تتمثل بحلفائها الأقوياء في لبنان ، الساحة السياسية اللبنانية بكل نسيجها الفسيفسائي ليست ساحة موحدة كما قد نتوهم وهي دائمة التفكك وإعادة التركيب ومن هو حليف فيها اليوم يكون عدوا غدا وسوريا ليست ضعيفة لبنانيا كما قد يوحي ظاهر الحدث البناني بل هي أقوى الموجودين في الساحة اللبنانية حتى وإن إنسحبت من لبنان ، والمراجع المدقق لتاريخ لبنان يعرف جيدا أن دمشق محطة مركزية في السياسة اللبنانية ، وعقب وجودها الطويل وما أسفرت عنه الحرب الأهلية الطاحنة من نتائج سياسية تعزز مركزها داخل لبنان ، والحكمة تقتضي أن تستعيض سوريا عن وجودها العسكري المباشر بنفوذها السياسي القوي في لبنان وهي لعبة سياسية ربما أكثر تعقيدا لكن الحتمي أنها تعزز موقف سوريا وتحول دون أن تصبح لبنان مركزا للهجوم على سوريا نفسها .
في ظل الفسيفساء اللبناني السياسي الطائفي من قبل وبعد لا مكان للدولة اللبنانية كما يتوهم البعض فالموجود في لبنان سابقا والآن ما هو إلا شكل سياسي لتقاسم السلطة بين الزعامات اللبنانية وما تمثله من طوائف ومصالح إقتصادية ، ولا زالت بطاقات هوية المواطن البناني تحمل الألقاب الأرستقراطية إلى اليوم " الأمير فلان والشيخ فلان "
ولا زال دستورها وقانونها طائفي بكل المقايس رئيس الجمهورية مسيحي ماروني ورئيس الوزراء مسلم سني ورئيس مجلس الشعب مسلم شيعي ، حتى المناصب العسكرية والوزارية توزع على أساس القسمة الطائفية ، لقد عمقت الحرب الأهلية القسمة الطائفية اللبنانية بشكل بشع ورسخت قوائمها ، وزعامات المصالح اللبنانية هم أول من يقرع طبول الحرب الأهلية دائما فلا فرق بين دور إنتهازي متطفل إقتصاديا وأميرحرب ، ما موقع ورقة المقاومة اللبنانية في المشهد الحالي مع أنها تلتزم الصمت التام حاليا وهل إغتيال الحريري الآن يشكل خطرا عليها ؟
إذا كان دعاة الخروج السوري من لبنان اليوم يضغطون بقوة في هذا الإتجاه فإن الطائفة الشيعية اللبنانية ممثلة بحركة أمل وحزب الله والتي لا يقل ثقلها عن أربعين في المئة من الشعب اللبناني حلفاء أساسيين للنظام السوري وهم من كان يمارس المقاومة في الجنوب ويملك الجزء الأهم من أوراق القوة اللبنانية فهل إنسحاب سوريا من لبنان بعد إغتيال الحريري يضعفها ؟
سؤال ليست إجابته سهلة ويتوقف على كيف ستتعامل سوريا مع الحدث
فالفرق كبير بين أن ترتب سوريا خروجها مع اللبنانيين وأن يتم إخراجها ، وإنسحاب سوريا من لبنان لا يمكن أن يتم إلا بالترتيب معها وبما يحفظ مصالحها السياسية وإلا دخل اللبنان مرة أخرة بحيرة الدم الطائفية .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيناتور أمريكي لنتنياهو: نقف بجانب إسرائيل في حربها ضد حماس


.. نحو نصف الديمقراطيين يدعمون استبدال الرئيس الأمريكي جو بايدن




.. ناشط يوثق اشتعال النيران في مستوطنة -كفار عتصيون- شمال الخلي


.. فوضى في شوارع العاصمة الهندية جراء سقوط أمطار قياسية




.. منافسو الرئيس الموريتاني يتهمونه باستغلال موارد الدولة لتحقي