الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجاذبات الوهن النفسي وتأثيراته على الثورة السورية

هيفيدار ملّا

2012 / 9 / 3
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


إن إطالة الفجوة الزمنية للثورة و دخولها في منعطفات عدّة أنتجت دونما دراية حالة من الاحتقان وسوء الفهم لقراءة الأمور المستقبلية، التي أدت في الآونة الأخيرة إلى الابتعاد بعض الشيء عن المفهوم الوطني للنظرة المستقبلية لسوريا القادمة وتحريفها عن مسارها الصحيح ، الوضع الداخلي وتأثيراته شهد حالة من الانقسام منذ بداية الثورة بين مؤيدين للثورة وموالين للنظام والذي كان المشهد الحقيقي والواضح للصراع في المجتمع، لتنتقل بالتالي العدوى بين النشطاء من خلال التفكير الغير الجدّي قبل اتخاذ أي قرار اتجاه الغير وحصول انقسام في فكر وإيديولوجية الثوار الناتج عن صخب عام في النفوس.
إن عدم وجود قوى مؤسساتية رقيبة تامة وإعلام شفاف داخل سورية أوصلت الأمور لمجريات مشوهة المعالم نتج عنها فلتّان في الحالة القائمة، وتغير مسارات الثورة وحصرها في بوتقة واحدة، تمثلت بالفكر والمعتقد ونوع من الانتقام اتجاه الأخر، حيث بات المشهد في المرحلة الأخيرة يعتمد بشكل تام على الإعلام المتجاذب في الثورة الذي أخذ منحى الاتهامات والتهجم من قبل المعارضين والناشطين السياسيين فيما بينهم، وكان لقنوات الإعلام المتابعة للثورة دور كبير في الوقوع في هذه المصيدة التي نقلتنا لنتائج انقسامية في المجتمع، بعد أن تم اعتماد كواليس الإعلام كمطابخ لإنتاج سيناريوهات تتفق مع سياساتها وأهواءها.
أمثلة انقسامية
رغم أننا لا ننكر بأن الانشقاقات التي حصلت في الجيش وظهور الجيش الحرّ كان بمثابة سند للثورة، إلا أنه في الحقيقة لعدم وجود حاضنة عسكرية مؤسساتية فعالة كان لا بد من وجود بعض الأخطاء لدى تلك العناصر، لأنهم لا يمثلون الحالة المثلى في ظل الظروف التي تمر بها سوريا، ما خلق نوع من الانقسام في وجهات النظر ضمن حقل الانتقاد من قبل بعض النشطاء، لتصرفات غير مضبوطة لعناصر الجيش الحر المنشقين عن النظام، أو من يعمل تحت مسمى الجيش الحر، كان من تلك الانتقادات طبيعة تعامل بعض جماعات الجيش الحر مع الأسرى والمدنين أو الموالين للنظام التي شبهها النشطاء بأساليب النظام في التعامل، ليؤكد هؤلاء النشطاء أو السياسيين أو المعارضين على إن مبدأ النقد هو ما يوصل بنا للحالة المثلى التي نطمح إليها، وأن عدم اللجوء لتقديس الأشخاص مسار صحيح يبعدنا عن الأخطاء السابقة التي وقع فيها الشعب طيلة أربعة عقود اتجاه حاكم أثبت أنه قاتل بامتياز.
رغم الطموح لديمقراطية مثلى خرج من أجلها السوريون ودفعوا الثمن الباهظ من الشهداء إلا أن تلك الانتقادات خلقت حساسية وفجوة وسط الحالة الثورية، أقل ما يمكن أن نقول عنها أنها انقسامات إيديولوجية تتمثل بالوعي والمعتقد لكل فرد ما خلق طرفين في النزاع أحداهما ينتقد ويهاجم تصرفات هؤلاء الذين يراهم غالبية الشعب أنهم حماة الديار الجدد، وطرف أخر يرى مهما كان الخطأ كبير لا يجب انتقاد من يدافع عن الوطن.
حالات أخرى أدت إلى انقسام مجتمعي نستطيع تصنيفها ضمن الخانة القوموية تمثلت بالتركيز الإعلامي على أن أكراد سوريا يطالبون بالانفصال من خلال العديد من التقارير التي بينت أن النظام يقوم بتسليم مقاره الأمنية للأكراد في مدنهم، من يتابع المشهد عن كسب يدرك أن تلك الهالة التي قام بها الإعلام من خلال تقارير مقدمة أودت لردود فعل وتشنجات بين النشطاء، لم تكن بذلك الحجم المصور أو الحقيقة الموجودة، كل ما ذكر من ترك المقار الأمنية وتسليمها للأكراد وبالخصوص حزب العمال الكردستاني كانت مغالطات يدركها من يعيش واقع المنطقة، فغالبية المقار الأمنية مازالت موجودة باستثناء انشقاقات من قبل بعض الضباط المتواجدين في المنطقة، بالإضافة لوجود حواجز لحزب العمال الكردستاني في المنطقة على مشارف المدن ومداخلها، إن اعتماد الإعلام لتضخيم الأمور كما حصل جراء انسحاب الأكراد من مؤتمر القاهرة الأخير للمعارضة، أدى لا شعورياً لحالة انقسام مجتمعي، وذلك لعدم وضوح الرؤية لدى هؤلاء النشطاء خاصةً وأن الأكراد لم يكونوا السبب الرئيسي في فشل ذلك المؤتمر بعد انسحاب العديد من قوى المعارضة غيرهم من المؤتمر، كل هذا الاحتقان زرع فجوة كبيرة بين فرقاء الثورة بات يتطلب الحكمة وعدم التسرع في سبق الأمور خلال نقل المعلومة، وعدم تحريفها لغايات ومدركات ومنافع شخصية.
في الأيام الأخيرة الماضية ظهرت حالة جديدة من التشنج والسخط لدى السوريين وهي استغلال أوضاع اللاجئات السوريات في المخيمات و اتهام الخليجين باستغلال ظروفهن، هذه المشادات حركة بشكل منفعل مشاعر السوريين ما أطلق حالة من الاستياء لدى المعارضين والنشطاء، وصلت لحد الجفاء اتجاه بعض الدول العربية، ما فتئ أن استطاع السوريون نشر الموضوع فيما بينهم على نطاق واسع لم يخلوا من المغالطة في تعميم الموضوع على الخليجين أو العرب ككل ، ربما كانت الصدفة أو القصد من سارت بهم إلى التهجم بنسبة كبيرة على الخليجين بشكل أكبر، في حين أنه من المعروف هناك لاجئين في تركيا والأردن ولبنان والعراق لم يتم التركيز عليهم بقدر التركيز على دول الخليج، وهذه مغالطة كبيرة عندما نعمم على شعب ما بأكمله من خلال حالات فردية لا نملك فيها أي دلائل ومواثيق جمعية مؤكدة للحالات التي جرت، رغم أنه في الحالة المقابلة كان على الخليجين الذين ساندوا الشعب والثورة السورية أن يتساءلوا عن هذا السخط والتعميم، رغم أن العديد منهم طالب بإيراد حالات موثقة تشمل التعميم والتهم الموجهة إليهم.
عينات انقسامية وأمثلة قليلة لحالات حقيقية باتت واقع للعيان، تلك الانقسامات واستمرارية ديمومتها ربما تأخذ بنا نحو نسيان الخارطة السورية المستقبلية واللجوء لتفريغ شحناتنا بعيداً عن الواقع، إن تلك الحالات أنفة الذكر عملت على تأجيج زوايا حادة وجارحة يجب لملمتها وطرحها بدقة موزونة كي لا تسبب لحالة فوضى تجر البلاد نحو دوامة الانقسام، إن نقل عدوى الانقسام الداخلي وتحويرها مع التعميم للعالم المحيط دون دراسة مركزة ستجعلنا نسير في دوامة عزلة ربما تؤثر على البيت السوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية