الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى ( المثقفين ) !!

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2012 / 9 / 3
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


جميع الكائنات الحية يمكن حثها وتحريضها وتحريكها . فالحيوانات تقاد بالضرب والصوت أو العلف ، بينما النباتات تقوّم بالربط أوتغيير إتجاه الضوء الساقط عليها . أما الإنسان الذي يتميّز بالحواس الخمسة ويمتلك العقل الذي يجعله في قمة المراتب بين الكائنات الحية ، فإنه يكون على نوعين : الأول الذي يمتلك دفعاً ذاتيّاً ، فيكون المبادر في التوجه بدون حاجة إلى حث أو تحريض من مصدر خارجي ، والنوع الثاني الذي يمكن مخاطبة إحدى أحاسيسه ليتولّد لديه التوجه لفعلٍ أو الإمتناع عنه . يكفي الإنسان أن يسمع كلاماً ، يتذوّق مادة ، يرى أمراً ، يشمّ رائحة أو يتلمّس مادة ، أو حتى يقرأ مخطوطاً ليتحفز لنشاط معيّن ، بل أن بعض الناس يمتلكون الحاسة السادسة فيتحسسون الأمور بدون وجود مصدر مادّيٍ محدد .

يسمّي بعضهم " عدم الإحساس " بالسلبية ، وقد يبررون ذلك بعدم أخذ القضايا بالأهمية الكافية بإعتبارها تافهة أو إمتعاضهم من تكرارها ، أو بحجة الإبتعاد عن الأمر الذي لا يعنيهم . فكم سلبيّاً لا يشعر بجوع ولده لعدم توفيره غذاءً له . وكم منهم يُباعُ ماله رخيصاً دون أن يتحرّك ، ومن تُحطّم شخصيته ويُهدر حقه وهو ساكن . إن عدم الإحساس موتٌ حقيقي للإنسان .

كنت من المجادلين ، وبإصرار، أن الناس لا ينحدرون إلى درجة اللإ إحساس ، ولذلك كنت من الرافضين تحميلهم أسباب تدهور الأوضاع العامة ، دون أن يتحركوا لتغييرها . كنت أعزو ذلك إلى قصور نشاط المثقفين والحركات والتنظيمات السياسية والأحزاب في رفع وعي الجماهير وتعريفها بحقوقها ، والنضال من أجل نيلها والحفاظ عليها . كنت ألومهم على فشلهم في القيام بواجبهم في المساهمة لدفع عجلة التقدم إلى أمام . وكنت متفائلاً دائماً : أن الزمن كفيلٌ بتحقيق ما أطمح إليه ، بجهد بعض المخلصين والمتفانين في عملهم ، على قلّتهم . ولكن : يا للخسارة . لقد كنت على خطأ مبين ، وكنت أنادي في وادٍ غير ذي زرع ، بل كنت أنفخ في " قربةٍ مقطوعة " . إكتشفت أخيراً أن معظم مَن يُسمَّون " مثقفينا " هم " بلا إحساس " .

لا جدال في أن القائمين على إدارة النظام الجديد هم مجموعة من الجهلة ، ضاعت على أيديهم ما يقارب العشر سنوات من عمر العراق ، وهم مشغولون بالصراعات من أجل المناصب وإستغلال مواقعهم في أنواع من الفساد الإداري والإنتفاع المادي ، حتى أصبح العراق بؤرة يشار إليها في العالم كله بالتخلّف والتراجع .

سمة النظام الحالي ، تناول كل برنامج بدون التخطيط له بفكرٍ علمي ، وبدون الإستفادة من تجارب الدول والأمم الأخرى . كلّ مشروع أو برنامج يُنظر إليه من زاوية " المحاصصة " ومدى تناسبه مع مصالح كل فئة متنفذة ، وبالتالي يخضع إلى مقاييس إعتباطية تُدخله في متاهات وإشكالات تحتاج جهوداً لحلها وتُبدد الجهود التي كان المفروض أصلاً تخصيصها لتنفيذ المشروع .

طُرح على مجلس النواب " مشروع قانون النشيد الوطني العراقي " وكان من المفروغ منه أن النواب لم يستوعبوا أهمية وماهية هذا القانون ، فإنصرفت الأذهان وإنحصرت في " كلمات النشيد الوطني " دون الإلتفات إلى أن النشيد الوطني يتكون من نصٍّ ولحن وموسيقى . وبعد النقاش المُسهب توجهت الأفكار إلى ثلاث قصائد لثلاثة من الشعراء العراقيين ، وتمّ تشكيل لجنة برلمانية لصياغة مشروع القانون . وهنا هبّ أحد الذائدين عن المحاصصة ، معترضاً على جعل نص النشيد الوطني باللغة العربية فقط ، وطالب أن يكون للغة الكردية حصتها ، وكذا فعل آخرٌ مطالباً بحصة اللغة التركمانية . فما كان لنوابغ مجلس النواب من وسيلة لحل الإشكال سوى أن يكون النشيد الوطني العراقي منتهياً ببيتين من الشعر أحدهما باللغة الكردية والثاني باللغة التركمانية .

لقد إعترضنا على هذا التوجه اللامنطقي واللامعقول بمقالة نشرت على موقع الحوار المتمدن في 15/تموز/ 2012 ثم تبعناها بحملة لجمع تواقيع الجماهير، وبالطبع في مقدمتهم المثقفون ، الذين يتعاملون مع الإنترنيت ، مقترحين أن يكون نص النشيد الوطني العراقي باللغة العربية ، ثم يترجم هذا النص إلى جميع اللغات واللكنات التي يتكلم بها العراقيون ، ويوضع لهذا النص لحن موَحد وموسيقى موحّدة ، وعندئذٍ يكون بإمكان كل عراقي أن ينشد بفخر النشيد الوطني باللغة التي يحسنها وبأحاسيس تجمعه مع جميع العراقيين الذين ينشدونه باللغات الأخرى .

هذا النداء الذي لا يتطلّب التوقيع عليه أي جهد والمنشور في 18/8/2012 لم يوقع عليه غير 29 شخص لغاية يوم 1/9/2012 . النداء نداءٌ لعمل خير ، وجمع الشعب بجميع شرائحه وفئاته في ظل نشيد وطني موحّد ، لم يلق الإهتمام من لدن " مثقفينا " ليقوموا بالتوقيع عليه و لا بتوزيعه على معارفهم لتوسيع الحملة وجمع أكبر عدد ممكن من التواقيع لكي يكون ضغطاً كافيا على أولئك المتمسكين بذيول المحاصصة .

أليس عيباً " أن لا ينفع فينا كل أنواع الحث والتحريض " .
http://www.ahewar.org/camp/i.asp?id=368
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=315822








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المثقّف العربي مادي ونفعي
سامي بن بلعيد ( 2012 / 9 / 3 - 07:08 )
العقلية الشيئية تغلّبت على المثقف العربي الذي يتحرك على مختلف الجهات التي تتحرّك فيها المنفعة للأسف
فالعقلية ألإنسانية النزيهة التي تمثّل عقل ألأُمة وجودها أصبح نادر ومع ذلك فهي تُحارب بقوّة من قبل الغالبية النفعيّة المتعصبة
وللأسف أصبح معشر المثقفين العرب بصورة كارثة تنتج كوارث
أستاذ ييلماز لك التحية على مقالك الجميل


2 - وهل يهم الشاة المذبوحة نوع السكين ؟
الحكيم البابلي ( 2012 / 9 / 3 - 07:25 )
زميلي الأخ بيلماز جاويد ... تحية
صدقني أفهم بالضبط مقاصدك وحرصك حتى على الصغائر ، وهذا يدل على حرقة قلب كما نقول ، وعلى محبة للوطن المسكين الذي لم يعد أحد يعيره إهتمامه
ولكن .. من ناحية اخرى فالشعب يعاني الأمرين ، وليست هناك عائلة عراقية لم تُنكب بقتيل أو جريح أو متخلف أو عاجز ، وأصبح الخبز اليومي هماً يشغل طبقات الشعب المسحوقة أكثر مما عاد يشغلها الله مثلاً ، وغيرها وغيرها وغيرها ، فكيف سيجد هذا الإنسان الموجوع والمهموم بتوفير لقمة العيش والتي يستبدلها أحياناً بعرضه وكرامته وكبريائه .. أقول كيف سيجد هذا الإنسان المثقوب الوقت أو السبب أو المعنى من النشيد الوطني العراقي ؟
ثم هل إستوفينا كشعب وحكومة كل شروط العيش الكريم والحرية والرفاهية والأمان كي نفكر في النشيد الوطني العراقي ، وأرجو ان لا تتصور بأنني لم أفهم محنة النشيد الوطني العراقي ، ولكن هناك محن أكبر وأقسى وأكثر ضرورةً للدراسة والعمل من محنة النشيد الوطني
يقال أن الشعب خرج في تظاهرات عنيفة لإسقاط الملكة ، صرخوا عالياً : نريد الخبز .. نريد الخبز ، فما كان من الملكة إلا أن قالت لهم جهلاً : إن لم تجدوا الخبز فكلوا الكيك
تحيات


3 - المحاصصة في كل شيء أين أنتم أيها الكلدواشور سريان
سيلوس العراقي ( 2012 / 9 / 3 - 08:05 )
السيد جاويد المحترم
تحية
اسمح لي بهذه المزحة الدامية : مادام العراق قد دخل في نفق المحاصصة المعتم، لماذا لا تطلب كل من الطوائف المسيحية الثلاث التي يسمونها بالسريانية والكلدانية والآشورية ، وأضف اليهم الارمنية (لما لا ؟ )، الا يحق لهم ايضاً أن يتم تخصيص بيتاً من شعر النشيد الوطني بلغة كل من هذه الطوائف ؟؟ وبالمناسبة فليتركوا بيتاً شعرياً آخراً باللغة العبرية كاحتياطي للمستقبل ، ربما ترجع الطائفة اليهودية يوماً ما فيكون لها حصة في النشيد الوطني العراقي، وهكذا يصبح النشيد الوطني العراقي كوكتيلاً ورمزاً خالداً للمحاصصة، لمَ لا ؟ وعراق اليوم هو الأول في كل شيء لا قيمة له ولا معنى ، ونكون قد أصبحنا فرجة للعالم كله، وتكون البلاد أشبه بأي شيء يخطر في بالك لكن لا شبه لها بالعراق الاصيل، لأن البلدان صورة عن شعوبها تعكسها للعالم !! تحية لموضوعيتك


4 - الزميل سيلوس العراقي
الحكيم البابلي ( 2012 / 9 / 3 - 10:30 )
من بع أذن السيد كاتب المقال
أخي سيلوس ، ربما كنتَ تهزأ ، وهذا واضح ، ولكن الهزء هنا في مكانه ، فنحنُ من الشعوب التي إبتلاها القدر بقوميات كثيرة وأواصر محبة قليلة
أنا كلداني ... وكم هو مؤلم أن أرى الكلدان 75٪ من مسيحيي العراق ، والسريان 15٪ منهم ، والآشوريون 10٪ وهم على أشد ما يكون الإختلاف والمخالفة فيما بينهم ، ناهيك أن الأرمن غير مُحتسبين علينا لأنهم ملة غير عراقية الجذور
المضحك أنه كان هناك أغنية حتماً يتذكرها جميعكم ( إنتَ العزيز إنتَ ) والتي خلقت خصيصاً لتمجيد صدام حسين ، وكانت تُغنى بثلاثة لغات العربي والكردي والسورث وهي لغة الكلداشوريون ههههههه ، فلمَ لا النشيد الوطني العراقي ؟
برأيي أن غناء النشيد الوطني لأي دولة بأكثر من لغة واحدة أمرٌ غير مستحب ، وأنه يجب أن يعتمدوا لغة الغالبية في ذلك البلد وإلا فهي فوضى نوعاً ما ، ولو كانت المحبة والثقة متوفرة لما كان هناك إعتراض
هنا في أميركا توجد قوميات وأجناس وعروق لكل أنواع البشر على الكرة الأرضية ، ولكن نشيدنا الوطني هو باللغة الإنكليزية لأن غالبية الرواد الأوائل كانوا من الإنكليز ، لذا أصبحت الإنكليزية لغة البلاد الرسمية
تحياتي


5 - الى الحكيم البابلي
سيلوس العراقي ( 2012 / 9 / 3 - 10:50 )
نعم اؤيدك يا أخي بأنه من غير اللائق ان لا يكون النشيد الوطني العراقي موحدا لغة وكلمات لأنه رمز البلاد الواحدة والمعبر عن ضمير وأمل كل عراقي مهما كانت خصوصياته فهي شخصية لكنها بالضرورة الوطنية عليها أن تضع العراق اولا وثانيا وثالثا و.. فوق كل الخصوصيات ، وأن تعليقي على مقال السيد جاويد هو سخرية من المحاصصة غير المالوفة في أغلب مراحل تاريخ العراق، لذلك أسميتها سخرية دامية ، لأنها تُدمي الضمير العراقي وتشظيه لتطاله المحاصصة ، فالضمير العراقي اليوم لم يعد واحدا وموحداً ونقياً ، للاسف، ... لا أحب أن أطيل أكثر لأني متأكد بأن الموضوع يدمي قلوبنا العراقية ويزيد بنزيفها وألمها، تحياتي


6 - المحاصصة وفقدان الثقة
آکو کرکوکي ( 2012 / 9 / 3 - 12:30 )


حقيقة مايدعو للإمتعاض وعدم إيلاء تلك الأمور أهمية، هو تكرار هذا النمط من التفكير المثالي الكلي الذي يسطر شروطهُ في يجب كذا وينبغي هكذا دون سعي لأزالة أسباب المشكلة أو يقفز الى مقارنات غير متكافئة.

الكل يطمح الى دولة المواطنة والمساواة وسيادة القانون.

لكن المحاصصة وفقدان الثقة هو نتيجة لأسباب أغلبها تأريخية بإزالة الأسباب تزول النتائج. لكننا غالباً ما نتغاضى عنها وأكاد أجزم أن يكون ذلك عن عمد.

ثم أين العراق من أمريكا...يالها من مقارنة عجيبة غريبة.

أقول لربما كانت أمريكا تبيد شعبها بالغازات السامة كالحشرات وبقنابل النابالم ونحن لا نعلم. ورغم هذا لديهم نشيد وطني واحد وبلغة واحدة. أي لغة الأغلبية السائدة (العدد يمنح السيادة والشرعية-هكذا الديمقراطية وله بلاش) !


7 - للاسف
بدري ( 2012 / 9 / 4 - 08:56 )
للاسف لايسعني التعليق لان جواب الكاتب سيكون (أود أن أقول أن أمنياتك ، وبالتبسيط الوارد في تعليقك، لا تتعدى كونهاأحلام )ه


8 - حكمة مصلاوية
خالد علوكه ( 2012 / 9 / 5 - 05:49 )
تقول / بعد أن ضاعت الملعقة تبحثون عن الجقجقة / عن اي علم تتحدث راح العراق كله واسفاه عن بلد يحكمه ولد !!!!!!!!!!!!!!!!!!


9 - شكر لجميع المهتمين بالمقالة وما وراءها من هموم
ييلماز جاوويد ( 2012 / 9 / 5 - 07:10 )
إخوتي الأعزاء
هذه المقالة معطوفة على مقالة سابقة ( أشرت إلى الرابط إليها في نهايتها ) وأنا إذ أشكركم على إهتمامكم بالموضوع ، أرى أن يكون تعليقكم بعد قراءة المقالة الأولى ثم الثانية . وحدة الشعب العراقي تتجلّى في الإرادة الحرة الجماعية لأبناء الطوائف والقوميات التي يتكون منها شعب العراق . لا تتحقق هذه الوحدة إذا كانت إجبارية. فرض لغة واحدة في بلد متعدد القوميات والأجناس يعتبر إجباراً ويجب علمكم أن معظم أبناء تلك القوميات لا تعرف اللغة العربية ( وإن كانت لغة البلد الرسمية ولغة الأكثرية ) فالكردي في نواحي العراق لا يعرف العربية والتركماني كذلك و لا الكثير من السريان والآشوريين ) ولعلمكم أن الذين يعرفون اللغة العربية من أولئك يلفظون بعض الكلمات بلكنة قد تجعل معناها مخالفاً للمقصود أو معيباً . ليست أمريكا النموذج الصحيح للمقارنة في هذا المجال لأن ( الديمقراطية ) المطبقة فيها تختلف عن المعنى الحضاري المتعارف عليه في تعريف الديمقراطية وتطبيقاتها . هناك دول أخرى أكثر حضارية من أمريكا في تطبيق الديمقراطية ( مثل كندا ) حيث ينشد النشيد الوطني باللغة الإنكليزية أو الفرنسية .

اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية