الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة الطراونة والحلول المالية الترقيعية

خليل خوري

2012 / 9 / 3
الادارة و الاقتصاد


في الوقت الذي ترزح فيه الشرائح الاجتماعية المتوسطة الدخل والفقيرة تحت وطأة غلاء فاحش طال تقريبا كافة السلع والخدمات الاساسية قررت حكومة الدكتور فايز الطراونة على نحو مفاجىء وفي يوم الجمعة تحديدا أي في يوم استرخاء المواطن بعيدا عن ضجيج السياسة رفع اسعار المشتقات النفطية بنسب متفاوتة وملموسة دون الاخذ بعين الاعتبار ان القرار ستكون له اثار سلبية على مختلف القطاعات الاقتصادية وسيؤدى في بداية تدحرج كرة الاسعار الى ارتفاع كلف التشغيل في قطاعات الصناعة والخدمات ليتمخض عن هذا القرار في نهاية المطاف ارتفاع في اسعار الخدمات والسلع المحلية على المستهلك الاردني . والسؤال هنا : لماذا ترفع الحكومة اسعار المشتقات النفطية في الوقت الذي تشهد فيه الاسواق الدولية تراجعا ملموسا في اسعار خامات النفط ؟ وهل ثمة بدائل اخرى لتغطية العجز في الموازنة العامة غير رفع اسعار السلع والخدمات التي تحتكرها الحكومة ؟ لو طرحنا هذه الاسئلة على أي مسئول يدير مرفق الطاقة فسوف يخرج من جعبته الحجج والذرائع التي باتت معروفة لرجل الشارع الاردني لكثرة اجترارهم بها فسوف يجيب بنبرة تعكس قدرا كبيرا من الاعتداد والثقة بالنفس قائلا : وهل ثمة خيار اخر عندما يكون الاردن بلدا مستوردا للنفط وليس منتجا له غير رفع اسعار المشتقات النفطية ، او عندما تاخذ اسعار النفط منحى صاعدا في الاسواق الدولية ؟ وهل ثمة وسيلة اخرى امام الحكومة للحد من تضخم فاتورة الاردن النفطية غير ان يتلقى مالكي سيارات الركوب الخصوصي لسعات رفع اسعار البنزين . و في سياق مرافعته عن حتمية رفع اسعار هذه السلعة لا ينس المسئول ان يعزز حجته بتذكيرك ان خزينة الدولة رغم رفع الحكومة لاسعار المشتقات النفطية مازالت تتحمل دعما بكذا مئة مليون دينار كرمال عيون المستهلك الاردني. والمقصود بالدعم هنا ان وزارة الطاقة كان الله في عونها تشتري دائما النفط من الاسواق الدولية ولا تحصل على قسم منه مجانا من الاشقاء الخليجيين ، باسعار اعلى من السعر الذي تبيعه لشركة مصفاة البترول الاردنية والحكومة تتحمل فرق السعر راضية مرضية حفاظا على المستوى المعيشي للمستهلك الاردني، وكنا نسمع هذه المعزوفة حتى عندما كانت الحكومة العراقية في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين تزود الاردن بنصف احتياجاته من خامات النفط باسعار تفضيلية والنصف الاخر مجانا !!! ولعل افضل رد على هذه الحجج هو القول اذا كانت محصلة احتكار وزارة النفط لعملية شراء وبيع النفط في السوق المحلية مؤداه تحميل خزينة الدولة كذا مئة مليون دينار وبالتالي توسيع فجوة العجز فيها فلماذا لا تخرج من العملية برمتها بدءا من مرحلة شراء النفط وانتهاء بمرحلة بيعها لمحتكر اخر ولا منافس له في السوق المحلي هو مصفاة البترول ؟ مثل هذا المخرج من مازق" الدعم" المزعوم كان قد تقدم به قبل ربع قرن رئيس مجلس ادارة شركة مصفاة البترول السابق عبد المجيد شومان مبديا انذاك استعداده بيع المشتقات النفطية للمستهلك باقل من السعر الرسمي المدعوم مع ضمان ارباح مجزية لمصفاة البترول لو قامت الاخيرة بشراء النفط مباشرة من الاسواق الدولية !!!. ولكن الحكومة اهملت المقترح انذاك ولم تاخذ به على ما يبدو لان الدعم كان مجرد فبركة اعلامية ولان احتكار وزارة الطاقة لخامات النفط استيرادا وتسويقا في السوق المحلي كان يضمن للخزينة موارد مالية اضافية وان شئتم ارباحا مجزية !!! ولو صح ان ثمة دعم تتحمله الحكومة فلماذا تبدى تساهلا حيال تضخم قيمة فاتورتنا النفطية رغم ان مبلغها يقترب من خمسة مليارات دولارسنويا و ربع هذه القيمة تقريبا يهدرها اصحاب السيارات الخصوصي اثناء قيادتها جيئة وايابا اما ترويحا عن النفس او لعزوفهم عن استخدام وسائط النقل العام تفاديا لاحتكاكهم بالبروليتاريا الرثة وحفاظا على تمايزهم الطبقي!! وهل ثمة تفسير لهذا التساهل الحكومي ازاء استنزاف النفط " المدعوم" سوى ان الحكومة غير جادة في اتخاذ اجراءات تحد من استنزاف النفط في مهمات ترفية ، في رحلات "الدرايف والتفعيط "مثلا ، ولو كانت جادة في تخفيضها فلا اظن ان ثمة حل لهذ الفنتازيا سوى ترشيد استهلاك الطاقة بصورة اجبارية كأن تحدد سقفا لاستهلاك السيارات الخصوصي من المشتقات النفطية وبان تتم عملية توزيع الحصة المقررة لمالك السيارة من محطات الوقود بموجب كوبونات لا تتجاوز كمية الوقود المبينة فيها كمية الحصة المقررة للسيارة ، وايضا لو كانت الحكومة جادة لبادرت الى رفع نسبة ضريبة المبيعات والرسوم الجمركية المفروضة على سيارات الركوب الخصوصي للحد من استيرادها وحتى يتوقف نزيف الدخل الوطني الناشيء عن الاستيراد المفتوح لهذه السلعة الترفية .ا وهل ثمة بديل لتقليص مديونية الاردن البالغة 20 مليار دولار غير ان تمد الحكومه ومثلها البورجوازية سيقانهم على قدر فراشهم وان تعتمد قواعد التدبير الاقتصادي على الاقل في استيراد السلع المظهرية والترفية بدلا من ان تزج المواطن في منافسة غير متكافئة على الاستهلاك الترفي مع المستهلك الخليجي . مثل هذا الكلام يندرج ضمن الحلول الجذرية ولا اتوقع من حكومة تتمسك بشكل حنبلي باتفاقية التجارة الحرة ان تبادر الى تطبيقة بل ستترك الباب مفتوحا على مصراعيه لاستيراد السلع الكمالية والمظهرية حتى لو تضاعفت مديونية الاردن الى 40 مليار دولار وهبط سعر صرف الدينار او قوته الشرائية الى الحضيض نتيجة تاكل احتياطياتنا من العملات الصعبة وبذلك لا يبقى امام الحكومة لتضييق فجوة العجز في الموازنة العامة وتفاديا لافلاسها سوى ان تشد الاحزمة على البطون وان تبادر في ترجمتها لهذا التوجه بضغط الانفاق الجاري للموازنة العامة وتحديدا في بند الرواتب الذي يلتهم 80% من ايرادات الخزينة ولا اقصد هنا لا سمح الله تخفيض رواتب كافة العاملين في جهاز الدولة بل اقصد تحديدا التالي:
1- تخفيض رواتب اصحاب الدولة والمعالي .
2- تخفيض عدد الوزارات
3- الغاء رواتب اعضاء مجلس الاعيان والاستعاضة عنها مقابل اتعابهم التمثيلية ببدل حضور الجلسات
4- تقليص عددهم الى النصف كونهم لا يمثلون دوائر انتخابية
5- الغاء رواتب اعضاء البرلمان والاستعاضة عنها مقابل تمثيلهم لقاعدتهم الشعبية ببدل حضور جلسات
6- تخفيض مشاركة المسئولين في المؤتمرات والندوات والمهرجانات الدولية وغيرها من الفعاليات الحنجورية والسفسطة الكلامية حمولة طائرة جامبو جت الى ربع حمولتها على الاقل وعودة المسئولين الى الاردن بعد انتهاء هذه الفعاليات مباشرة
7- الاستغناء التدريجي عن فائض العمالة " البطالة المقنعة" فى اجهزة الدولة بعد تاهيلها وفق متطلبات سوق العمل المحلي على ان يتم بموازاة ذلك تفريغ سوق العمل تدريجيا من مليون عامل وافد . تشير دراسة للبنك الدولى ان نسبة البطالة المقنعة لا تقل عن 15% من مجمل العاملين في جهاز الدولة وان احلالها محل العمالة الوافدة في القطاع الخاص سيحقق لخزينة الدولة في بند الرواتب وفورات كبيرة فضلا عن تبسيط اجراات العمل وتحسين مستوى الاداء الوظيفي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة طارق الشناوي يتخلى عن النقد.. مش جاي عشان يجلد حد ب


.. بوتين يغير القيادات: استراتيجية جديدة لاقتصاد الحرب؟ | بتوق




.. رشا عبد العال رئيس مصلحة الضرائب: لا زيادة في شرائح الضرائب


.. مستقبل الطاقة | هل يمكن أن يشكل تحول الطاقة فرصة اقتصادية لم




.. ملفات اقتصادية على أجندة «قمة البحرين»