الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قبل التسليح وبعده

ساطع راجي

2012 / 9 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


مع عودة الحرارة للعلاقات العراقية الامريكية تقدم ملف التسلح قائمة الاهتمامات والمطالب الرسمية العراقية الموجهة للامريكان، وهذا أمر طبيعي، فالعراق مازال يخطو في المراحل الأولى من بناء قواته المسلحة ومنظومته الدفاعية كما إن العراق اليوم في وسط سباق دولي محموم للتسلح التقليدي وغير التقليدي تنفق عليه دول المنطقة أموالا طائلة، والهدف العام المعلن لكل عملية تسلح واسعة هو حفظ أمن وإستقرار البلاد ومصالحها وسيادتها، لكن هل يقود التسلح الى هذا الهدف دائما؟، بل هل يمكن أن يقود التسلح الى العكس تماما؟.
حفظ أمن وإستقرار وسيادة ومصالح أي بلد قد تحتاج الى السلاح ولو في إطار الردع، لكن وجود نظام سياسي يحقق العدالة والكرامة والرفاه ويحمي المواطنين من الفقر والتمييز والبطالة وضياع الحقوق ويوفر فرصا متكافئة، هو الضمان الاكبر للامن والاستقرار، قبل وبعد التسليح، وهو ضمان يحتاجه أي بلد سواء كان بلا سلاح أم مدججا بترسانة كبيرة من الاسلحة التقليدية وغير التقليدية، وقد شهدنا بلدانا عدة بما فيها العراق نفسه في عهد صدام، إمتلكت ترسانة أسلحة كبيرة لكنها فشلت في تحقيق الامن والاستقرار، بل إن الانظمة المتساقطة من حولنا لاينقصها السلاح ومع ذلك لم تنفعها قواتها المسلحة في شيء عندما وضعت في زاوية جماهيرية حرجة كما لم تنفعها في تحقيق الاستقرار، بل كانت تلك القوات المدللة عبئا كبيرا على الانظمة واحدى أسباب كره المواطنين للحكام.
وجود نظام يحقق التداول السلمي للسلطة ويضمن الحريات العامة والخاصة ويمنح القوى السياسية فرصا متكافئة ويضمن حقوق كل الفئات والمكونات والطبقات والشرائح تحت سقف المواطنة الواحد هو ما يضمن الاستقرار لأي بلد وليس السلاح رغم أهميته، بل إن نظما وحكاما فشلوا في بناء مثل هذا النظام الواقعي والاخلاقي والطبيعي، أو لم يرغبوا ببنائه أصلا وجدوا إن السلاح وما يصاحبه من صفقات سياسية واقتصادية ومخابراتية هو الحل الامثل لأزماتهم مع الشعوب ولو عبر القتل والتهجير والابادة.
قد يكون السلاح ضروريا لردع الاعتداءات الخارجية لكن توفر السلاح قد يكون (وهو ما حصل غالبا) أداة اغراء لاستخدامه تحت شهوة العنف أو على اعتبار إنه الوسيلة الاسرع والاشد حسما للخلافات مع الدول الاخرى، وقبل السلاح وبعده، فإن الضمان الاكبر لسيادة وسلامة أي دولة تكون بالسياسة الخارجية الواقعية وتكوين روابط فعالة مع القوى الدولية والاقليمية على قاعدة الاحترام والمصالح المتبادلة والاهم هو تماسك الدولة مؤسساتيا وسياسيا وسيادة الوحدة الوطنية، ولذلك هناك دول ونظم حكم ضمنت سيادتها بالقليل من السلاح أو حتى بدونه تماما في مقابل دول ونظم حكم إمتلكت ترسانات عملاقة ومع ذلك فشلت في البقاء على قيد الحياة.
التسلح ضروري للعراق والقلق من رغبة التسلح ليس نتيجة لأوهام أو تخيلات أو تخرصات أو أحقاد بل إن هذا القلق مصدره الواقعي هو التجاهل التام لبناء الوسائل المدنية والسياسية لتحقيق الاستقرار والامن وحفظ السيادة الوطنية.
نحن نعيش تجاهلا تاما فيما يتعلق بالتوزيع العادل للثروة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي للمواطنين وتعزيز الوحدة الوطنية وتجاوز الخطابات الحزبية والطائفية والمناطقية والعرقية وحتى العشائرية، ونعيش تناحرا سياسيا يهدد الوحدة الوطنية منذ عدة سنوات، وتتصاعد رغبة الاستئثار بالسلطة واقصاء وتهميش الاخرين، ويعاني العراق تخبطا في السياسة الخارجية لم تترك له صديقا حقيقيا من بين جيرانه الكثر، وكل هذه الظروف والملابسات تثير القلق من أي سياسة تسلح رغم إنها مصيرية للعراق.
لاننتظر ممن يريد استخدام السلاح لحل المشاكل التصريح بذلك، بل لا يمكننا اتهام أحد بالتخطيط لاستخدام غير مبرر للسلاح، فالظروف المربكة وغياب الرؤية الواقعية والفشل في تجاوز الازمات كلها قد تدفع لاستخدام السلاح في التعامل مع القضايا الداخلية والخارجية، وسيجد من يستخدم السلاح الكثير من العبارات المطاطة لشرعنة خطيئته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أجواء من البهجة والفرح بين الفلسطينيين بعد موافقة حماس على م


.. ما رد إسرائيل على قبول حماس مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار؟




.. الرئيس الصيني شي جينبينغ يدعم مقترحا فرنسيا بإرساء هدنة أولم


.. واشنطن ستبحث رد حماس حول وقف إطلاق النار مع الحلفاء




.. شاهد| جيش الاحتلال الا?سراي?يلي ينشر مشاهد لاقتحام معبر رفح