الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحب والعاصفة 19

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2012 / 9 / 4
الادب والفن


جلست في مكاني أنظر اليه وهو يبتعد خطوة بعد خطوة، والدموع التي كانت حائرة في عينيّ قد انسابت وغطّت كل وجهي.
نظرت اليّ فاتن وقالت وهي تتصنّع العطف: "آسفة لما جرى. لم أكن أعرف بأنه لا يعلم بالأمر. يبدو أنني تسبّبت لك ببعض الإحراج. أرجوك، سامحيني. لم أقصد شيئا."
تفجّر من داخلي الغضب. قمت بمواجهتها، وصرخت في وجهها: "ماذا تريدين مني؟! ابتعدي عني! ألا يكفيك ما فعلت؟ ابتعدي عن حياتي!"
"هنادي، عزيزتي،" قالت بلهجة ملؤها الدهاء. "لقد نبّهتك من قبل، ونصحتك أختك فادية كثيرا، ولم تسمعي كلام احد. ألم تفهمي بعد أن سامر ليس لك؟ أتركيه وشأنه ترَين كيف تتحوّل حياتك الى سعادة أبدية."
"أيتها الحقيرة! أتركينا وشأننا وستكون حياتنا على أحسن ما يرام!"
" أما زلت تعيشين في أوهامك؟ ألم تقتنعي بعد أن لا مستقبل لك مع سامر؟ مستقبلك مع رامز... ابن عمك... وخطيبك!"
"لا شأن لك بي! أنت لا تتدخلي أبدا فيما لا يعنيك! ابتعدي عني! أفهمت؟!"
"لن أبتعد ولن أهدأ الى أن أحصل على ما أريد! على حقي!"
"حقك؟!"
"طبعا. سامر هو من حقي!"
"أنت واهمة. لن تحصلي على سامر مهما فعلت ومهما قلت، ذلك لأنه لا يحبك ولا يريدك. أنت من تحاولين فرض نفسك عليه... بالقوة!"
"أنا أحبه!"
"أنت لا تفهمين معنى الحب، ولا تحبين سوى نفسك، انما تريدين أن تضيفيه الى ممتلكاتك كأية حلية جميلة لديك من حليك الكثيرة. أنت مريضة!"
"اصمتي!"
تركتها دون اضافة شيء وعدت الى البيت مسكونة حزنا سحيقا ويأسا من الدنيا.
...............................................

حين عدت الى البيت كنت قد دخلت الى قلب العاصفة.
وجدت وليد في انتظاري بوجه متجهّم، تكاد النار تنطلق من عينيه الحمراوين.
"أين كنت؟" سألني بحدة وسخط وهو يستوقفني لدى الباب.
أجبته محاولة التغلب على الصدمة التي أصابني بها: "في الجامعة. وأين سأكون يعني؟"
رأيته يضيّق عينيه وهو يسأل: "وماذا كنت تفعلين في الجامعة؟"
"كانت لدي محاضرة." أجبت وأنا أستغرب سؤاله الغريب.
اقترب مني بخطوة، وسأل: "وبعد المحاضرة؟"
أحسست بداخلي أنه يعلم كل شيء، ولم يعد هناك داع لإخباره. لقد وصلته أخباري أولا بأول قبل وصولي الى البيت.
قرّرت أن أكون شجاعة، فرفعت رأسي وقلت بصوت يدّعي الثقة: "وليد، ماذا تريد مني؟ لِم تسألني كل هذه الأسئلة؟"
"ولِم انت منزعجة من أسئلتي؟"
"لأنني أحسّ أنك تعرف أجوبتها أفضل مني."
تنهّد قائلا: "كنت أظن أنني أعرف أجوبتها، وكنت واضعا فيك ثقتي الكاملة وأرى فيك أختي العاقلة، الواعية، التي لا تخبّئ عني شيئا ولا تعرج عن الطريق الذي نعرفه جميعا. ولكن... يبدو أنني كنت مخطئا جدا، وكنت واضعا ثقتي في غير مكانها. والآن، لم يعد بإمكاني أن أدعك كما فعلت الى الآن. لقد ارتكبت خطأً فادحا، يا هنادي، أخطأت بحقك وبحق العائلة وبحق ابن عمك، وعليك تحمّل نتيجة أخطائك."
أخذتني الدهشة لسماع كلامه واستبدّ بي القلق. قلت: "ماذا تعني؟"
"أعني... أنك من الآن لن تذهبي الى الجامعة ولا الى أي مكان آخر. ستبقين هنا الى حين زواجك، ولن تتركي هذا البيت الا برفقة خطيبك. أفهمت؟"
"ماذا؟!"
"ما سمعته."
"لا يمكنك حبسي في البيت بهذه الطريقة."
"حقا؟! اذن، فأنت لا تعرفينني، ولا تعرفين ما يمكنني فعله."
"فعلا. يبدو أنني لم أعد أعرفك."
ثم قال بنبرة تطغى عليها الخيبة: "أنت من اضطرّتني لفعل ذلك بتصرفاتك الغبية."
موجة من الحزن الداكن عصفت بروحي، وشقّت صدري. أحسست أن الدنيا بأكملها لم تعد تطيقني ولم أعُد أطيقها.
سمعته يقول: "والآن، اذهبي الى غرفتك ولا تتركيها الا بإذني."
....................................


10
تقرير المصير

بقيت في غرفتي أياما وليالي طويلة وعصيبة. كنت محبوسة في البيت وممنوعة عن الخروج الى اي مكان الى حين زواجي من رامز. لازمت سريري معظم الوقت وحاولت قتل الوقت بالنوم. ولكن البكاء غادرني، وأبت دموعي أن تسيل مجدّدا على خدّي، وكأنها تشتكي مني الضجر.
لم أكلّم أحدا طوال أيام. ولم يكلّمني أحد. كان وليد وفادية يتجاهلان وجودي كليا، وكأن اتّفاقا سريا يسري بينهما لمعاقبتي بذلك أيضا. ولم يأتِ عمي او ابن عمي، أي خطيبي، الى بيتنا. لم يسأل عني أحد. حتى سامر.
انتظرت أن يتّصل بي. كنت أتحرّق ليفعلها... الا أن الأيام مرّت دون أن أسمع منه شيئا. فكّرت أن أتّصل به بنفسي، ولكن لم أملك القدرة لفعل ذلك. أردت أن يبادرني بالكلام. فقد عاتبته في نفسي على تصرّفه حين تركني غاضبا دون أن يسمح لي بشرح نفسي أمامه. ولم أشعر أنني كنت مخطئة بحقه. بل على العكس. لقد ضحّيت بنفسي من أجله، ودعوت على نفسي العاصفة التي تكاد أن تسحقني. وها أنا اليوم حيث ما أنا بسبب حبي له.
ترى، ماذا يفعل الآن؟ هل يفكّر بي كما أفكّر به؟
لماذا لا يتّصل؟ ألم يعد يحبني؟ أهو غاضب مني الى هذا الحد؟ ألا يبحث عني؟ ألم يلاحظ أنني لم أعد أحضر الى الجامعة؟ ألا يتساءل عن السبب؟
ولكن، ربما يكون قد علِم بأخباري من خلال فاتن. لا بد أنها أخبرته. إنها لن تتركه أبدا. ستبقى تلاحقه الى أن تحصل عليه. فهو من حقها! عليها الحصول على حقها! ربما تكون قد بدأت تلفّ شباكها حوله منتهزة فرصة غيابي. لا شك أنها لن تضيّع لحظة واحدة.
ولكن... كيف سيتصرّف سامر بشأنها؟ هل سيتركني ويذهب اليها؟
ربما سيبحث عن سلوان لديها وهو يشعر بالجرح والخيبة وحتى الخداع من قبلي. ربما يلجأ اليها كي ينسى أمري. ينسى حبي.
يا الهي! ماذا أفعل؟ أشعر بالعجز كما لم أشعر به من قبل.
بينما كنت مستلقية على سريري، مستغرقة في دوامة أفكاري، دخل وليد الى الغرفة. فوجئت به. جلست على سريري وتأمّلته باستفهام وتعجّب.
اقترب مني بعض الشيء وانتصب أمامي بقامته الرفيعة التي باتت تثير فيّ الرّعب، وقال بنبرة آمرة، حازمة: "تجهّزي لاستقبال خطيبك. سيأتي مع عمك وزوجته الينا بعد ساعة. أريدك ان تستقبليهم كما ينبغي."
"وكيف يكون ذلك بالضبط؟"
"كما ينبغي لفتاة أن تستقبل خطيبها."
"وماذا تريدني أن أقول لهم؟ أنني محبوسة هنا منذ أيام وأنني بانتظار الإفراج على أيديهم؟!"
"هنادي! تكلّمي معي بأدب ودون استهزاء!"
"ألا يقلقك أن يعلموا بأنك أجبرتني على ترك الجامعة وحبستني في البيت دون خروج؟! ماذا ستقول لهم؟"
"لم تتركي الجامعة. ستكملين دراستك بعد زواجك."
"والإمتحانات التي على الأبواب؟ على الأقل، دعني أذهب لأتمم الإمتحانات! أرجوك!"
"لن تخرجي من هنا الا مع زوجك. ألم تفهمي بعد؟"
"ولكن الإمتحانات ..."
"تبًا للإمتحانات! قلت لك لن تخرجي يعني لن تخرجي!"
"ولكن هكذا سأخسر الموسم الدراسي بأكمله!"
"لا يهمّ. المهم أن يتمّ زواجك بأسرع وقت."

يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د


.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل




.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف


.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس




.. أحمد فهمي عن عصابة الماكس : بحب نوعية الأفلام دي وزمايلي جام