الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قمة عدم الانحياز ومحاولة استعادة روحية باندونغ

عليان عليان

2012 / 9 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


أنهت القمة السادسة عشر لحركة عدم الانحياز أعمالها السبت الماضي محققة نسبياً إنجازات بشكل أفضل من العديد من القمم السابقة حيال مختلف القضايا الدولية والإقليمية ، وحيال النظرة للأمم المتحدة الأمر الذي أربك كلاً من واشنطن والكيان الصهيوني .
ولعلنا تابعنا الضغوط الصهيونية والأميركية والصهيونية على الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون لثنيه عن المشاركة في القمة ، وكذلك الأوصاف البذيئة التي نعتوا بها القمة ففي حين وصف نتنياهو مشاركة كيمون في القمة وانعقادها في طهران بأنها " عار على جبين المجتمع الدولي وغلطة كبرى " راح وزير خارجيته ليبرمان يصف المؤتمر بأنه " حفل نفاق ورياء " .
أما الناطقة بوزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند فقد اعتبرت مشاركة كيمون في القمة وبالذات في طهران أمراً غريباً ووقوعاً في الفخ الإيراني ، مشيرةً إلى أن إيران ستستغل فرصة انعقاد المؤتمر على أراضيها والحاضرين لمحاولة تشتيت الأنظار ، عن فشلها في تبديد الشكوك بشأن برنامجها النووي!!.
قلت أن القمة حققت نجاحاً نسبياً آخذاً بعين الاعتبار أن هذه حركة عدم الانحياز حادت – ومنذ عقود - كثيراً عن طريق آبائها المؤسسين سواءً في باندونج 1955 أو في قمتها الأولى في بلجراد عام 1961 رغم المحاولات الدؤوبة ، من قيادات الحرس القديم كالرئيس الكوبي فيدل كاسترو لوضعها على السكة الصحيحة .
فحركة عدم الانحياز- منذ باندونغ - شكلت رافعة لحركات التحرر الوطني، وحقوق الإنسان ولحق تقرير المصير للشعوب واستقلالها الوطني، وللسيادة والسلامة الإقليمية للدول ولمعارضة الفصل العنصري.
كما أنها عملت بكفاءة بشأن ابتعاد دول الحركة عن الأحلاف العسكرية وعن التكتلات والصراعات بين الدول الكبرى ، ونزع السلاح ، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، والتعايش بين جميع الدول الأعضاء ، ورفض استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية وتدعيم الأمم المتحدة.
لكن هذه الحركة تراجعت جراء المتغيرات الدولية ، وتكرس القطبية الأميركية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ، وسعي العديد من دولها إلى التكيف مع معطيات النظام الدولي الجديد ، وعدم شق عصا الطاعة للولايات المتحدة الأميركية ، إذ أنه في ضوء هذه المتغيرات جرى غزو كل من أفغانستان والعراق واحتلالهما ، دون اعتراض يذكر من معظم دول حركة عدم الانحياز ، بل وبتسهيلات ودعم لوجستي من بعضها.
لقد عقدت قمة طهران في ظروف جديدة تميزت بانتهاء عهد القطبية الأميركية الواحدة ، وظهور أقطاب جديدة " كقطب دول البريكس " المكون من روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا " وكذلك " قطب الاتحاد الأوروبي " وغيرهما ، ما يعطي حركة عدم الانحياز إمكانية الحركة وتجاوز مرحلة الاستكانة شبه الكاملة للمشيئة الأميركية ، ناهيك أن القمة عقدت في ظروف الثورات الشعبية العربية التي تحاول الولايات المتحدة احتوائها .
لقد تمكنت قمة عدم الانحياز من خلا بيانها الختامي وإعلان طهران وبقية وثائقها من شق عصا الطاعة على الإدارة الأميركية من خلال عدة أمور أبرزها ما يلي :
1- تأكيدها على الحوكمة الدولية الشاملة لحل الأزمات الإقليمية والدولية ولإرساء السلم الدولي.
2- مطالبتها الجريئة بإعادة هيكلة الأمم المتحدة ومجلس الأمن على وجه الخصوص ، حتى لا يبقى القرار الدولي حكراً على عدد من الدول الكبرى المتنفذة.
3-رفض سياسة العقوبات الأحادية بحق الدول الأعضاء وكذلك التهديدات العسكرية ضد أي بلد.
4- التأكيد على حق إيران في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية ، ما يعني تعميم هذه القاعدة لمصلحة مجموع دول أعضاء الحركة حيث شددت على حق الدول في الإفادة من الطاقة النووية للأغراض السلمية.
5- من خلال الحضور الكبير للقمة حيث شاركت فيها 120 دولة ومثل فيها حوالي 50 رئيس ورئيس وزراء.
وعلى الصعيد المتصل بالقضية الفلسطينية نجحت القمة في إعادة الاعتبار للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بالضد من توجهات الإدارة الأميركية والكيان الصهيوني من خلال ما يلي:
1- أكدت على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
2- أدانت الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وطالبت بإزالته.
3- أكدت ولأول مرة على تضامنها مع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ، ودعت الكيان الصهيوني إلى تطبيق اتفاقات جنيف بشأنهم وإطلاق سراحهم ، وهي بذلك وضعت الخطوة الأولى لتدويل قضية الأسرى.
4- أبدت القمة قلقها الشديد من امتلاك ( إسرائيل ) للسلاح النووي ودعت إلى إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل .
5- أكدت على إنشاء مجموعة عمل خاصة بفلسطين لمتابعة قضية طرح منظمة التحرير الفلسطينية الحصول على صفة " دولة بصفة مراقب- غير عضو " في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، حيث وعدت الدول الأعضاء في الحركة بالتصويت لصالحها.
وفيما يتعلق بالقضية السورية ، ورغم أنها شكلت قضية خلافية إلا أنها تجاوزت المشاريع المتناقضة بشأنها ، وقدمت عناوين عامة للتعامل معها ، ويمكن تطويرها لاحقاً على نحو :
- تشكيل مجموعة اتصال من كل من إيران ومصر وفنزويلا مهمتها إيجاد مقاربة لحل الأزمة في سوريا.
- الاستناد في هذه المقاربة للحوار ورفض الحل العسكري للقضية السورية ورفض التدخل الخارجي.
- الترحيب بجهود المبعوث الدولي الجديد الأخضر الإبراهيمي بما في ذلك مبادرة كوفي عنان.
باختصار شديد فإن قمة حركة عدم الانحياز خلقت بارقة أمل للعودة بالحركة إلى بدايات مؤسسيها الأوائل " نهرو ، عبد الناصر ، نيتو " إلى مباديء مؤتمر باندونغ ، وإلى أجواء مؤتمر 1961 بعد أن بدأت العديد من دول العالم الثالث ، بالانضمام إليها على قاعدة مبادئ باندونغ وغيرها من المبادئ ، التي تستجيب لتطلعات الشعوب في الحرية والاستقلال الحقيقي والسيادة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران.. صلاحيات وسلطات المرشد والرئيس


.. أمم أوروبا.. إسبانيا تكرس عقدة ألمانيا على أرضها | #هجمة_مرت




.. إغلاق مراكز الاقتراع في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الإ


.. توقيف مسؤولين سابقين بالكرة الجزائرية في قضايا فساد.. هل هو




.. مراسل الجزيرة يرصد سير المفاوضات بين حماس وإسرائيل في العاصم