الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طقوس السلطة في المغرب

حميد المصباحي

2012 / 9 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


لكل سلطة طقوسها الخاصة بها منذ القدم,فقد عرف عن ملوك العالم القديم,تنظيم مواجهات دموية,يحاكي بها المقاتلون المعارك التي خاضتها الإمبراطوريات ضد الخصوم والأعداء,حيث يحارب العبيد باعتبارهم متوحشين مواجهات تنتهي في الغالب بموتهم جميعا,وقبل ذلك يحيون الحاكم,تحية من سوف يقتلون على عتبات مجده,وهم مزهوون باالقتل أمام عيون الحاكم,كما تقام صراعات بين بطلين,يطلب المنتصر منهما الإذن من الحاكم بقتل خصمه أو تركه حيا,فيوافق الحاكم بإشارة منه بالقتل أو تحرير المنهزم أمام جمهور متعطش للقتل,منبهر بسلطة الحاكم وجبرونه,وهو طقس الغاية منه,خلق رهبة في قلوب الشعوب من حكامها,كأسلوب لإخافة المحكومين من الحاكمين,وقد تتخذ الطقوس بعدا رمزيا مع تطور الحضارات الإنسانية,ويمكن مقارنة طقوس الدول الشرقية بغيرها من أنماط السلط الأخرى,لنكتشف أن الشرقية كانت أكثر عنفا,بل يمكن المجازفة بأنها لم تجد بديلا للقتل طيلة تاريخها,فحتى إبان قيام سلطة الخلافة,كانت الرؤوس تجز وتوضع بمداخل المدن,ولا يجرؤ أحد على دفن القتيل أو الإقتراب منه,أو حتى الدعوة له بالغفران,وهناك من الخلفاء أو الحكام في العهدين العباسي والأموي,من انتظر حتى يوم عيد الأضحى لقطع رأس غريمه,ليصور ككبش فداء,ويحرم من إنسانيته حيا وميتا في الوقت نفسه,وعندما تراجهت هذه الطقوس العنيقة حلت محلها طقوس أخرى,تبالغ في تصوير هالة الحكم,باستعراض مظاهر القوة,والقداسة باستحضار التاريخي أو الديني,أو هما معا,لكن الدول الغربية حاولت,تكثيفها واختزالها في استعراضات عسكرية,تظهر بها الجديد في عالم الأسلحة وأشكال المواجهات الحديثة,التي تفاجئ المشاهدين,فينبهرون بها,ويزدادون تقديرا لقواتهم وجيش دولتهم العتيدة,وهذه طقوس جديدة في عالم السلطة,تجدد بها السلط هيبتها وضرورتها وحتى حضارية العنف فيها,فهي ترهب الأعداء أكثر من المواطنين,الذين بمثل هذه الإستعراضات يزدادون احتراما لدولتهم وليس خوفا منها إلا في لحظات نادرة,مع وجود بعض الطقوس البسيطة,كوجود جنود حاملين للسيوف أو مرتدين لألبسة تاريخية,تذكر بالماضي التليد لأحد المؤسسين لتلك الدول الكبار,بعيدا عن أي سلوك يكرس التفاوت بين الحكام والحاكمين,أو يحث على أي شكل من أشكال القداسة الدينية أو العرقية للحاكم,ترى أين نصنف طقوس السلطة المغربية؟؟؟
السلطة في المغرب بطقوسها التي شاهدها العالم,تمتح من نظام البيعة الإسلامي,حيث يصطف زعماء القبائل وولاة المدن,ويكون ذلك بمثابة تحديد,حدود السلطة,سلطة الخلافة جغرافيا وقبليا,إذ أن غير المشاركين في البيعة يعتبرون متمردين على سلطة الدولة أو الخلافة الدينية,وهي طقوس عتيقة,لآنها تستحضر هلاقات العبودية,بحضور السود فيها,وما يمثله التاريخ العربي وحتى الإسلامي من جراح تجاه الأفارقة,الذين يحاولون نسيانها بسماحة الإسلام رغم قسوة المسلمين عليهم تاريخيا,فطقس البيعة نفسه,ليس تعاقديا كما يعرف التعاقدي في التاريخ الأروبي,لأنه إسلاميا يمتح من قداسة الديني,وليس الإرادي والجماعي وقوة الجماعة المؤسسة على الحق العام كما هو في فلسفة التعاقد الإجتماعي,ولذلك كان من الملاحظ أن طقوس السلطة المغربية,لم تواكب تطورات العصر,وأثبتت أن السلطة في المغرب لازالت متشبتتة بماهيتها التقليدية,وبفن الهيبة الدينية رغم انتفاء مظاهر العنف,غير أن هناك عنفا رمزيا,يسميه البعض مخزنيا عتيقا لا يمكن للسلطة التنازل عنه,ولا التنكر له بسهولة مهما كانت الظروف وملابسات التغيير المنشود حاضرا ومستقبلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات إيران الرئاسية: خامنئي يحث الناخبين على التصويت في


.. الحكومة الجديدة في مصر تؤدي اليمين الدستورية • فرانس 24




.. الانتخابات النيابية الفرنسية: نتائج الجولة الأولى في ميزان ا


.. مقتل قيادي بارز في حزب الله بغارة إسرائيلية استهدفت سيارته ب




.. #مصر.. إغلاق مبكر للمحال التجارية عند العاشرة مساء #سوشال_سك