الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سر باولو كويليو ...!

حنين عمر

2012 / 9 / 6
الادب والفن


كنت اعرفُ أن لـ باولو كويليو سرا... ! سرٌ خطير جدا يجعل رواياته تدخل القلوب دون أن تستأذن من أصحابها ويجعل منه يسرق انتباهنا غصبا عنا، وقد اقتفيت آثار هذا السر لأكثر من خمسة أعوام، كنت أقرأ فيها ما يكتبه وأعيد قراءته من أجل اكتشاف الخلطة السرية التي يتبل بها شخصياته، ومن أجل معرفة الكود السحري الذي يفتح لي حقيبته الدبلوماسية الروحية لأقرأ ما فيها وأشفي فضولي المعرفي العنيد.
ولأكون صادقة جدا – ولا أخون مبدأ صدقي- فإنه لابد لي أن أعترف أنني لم أجد أبدا في رواياته ما يدلني على حل مشكلة علامة الاستفهام في رأسي، وكنت أرجع ذلك لكوني في أغلب الأحيان أغوص مع الشخصيات والأحداث وأنسى سبب قراءتي للرواية من جديد في كل مرة.

فهذا السر... لم أكتشفه لا في "الزهير "ولا في 11 دقيقة ولا في " فيرونيكا تقرر أن تموت" ولا في "الخيميائي" ولا في أي رواية من رواياته الأخرى مع أني قراتها باللغتين : العربية والفرنسية، وكنت أنوي أن اقرأها بلغات أخرى أيضا إلى أن وقعت على كتاب لا اعرف كيف أفلت مني قبل تلك اللحظة.
الكتاب اسمه " كالنهر الذي يجري" وهو ليس رواية إنما مجموعة حكايات تشبه المذكرات ، كتبها باولو كويليو من خلال تأملاته ومصادفاته اليومية. وسأعترف مرة أخرى أنني لم أتحمس لقراءته، لأنني تعودت ربما على الأنا المتضخمة للكتاب عادة، هؤلاء الذين يصورون أنفسهم بطريقة ملائكية خالية من الأخطاء والكولسترول، فيجعلوننا نشعر حينما نقرأهم بأننا نقرأ مغامرات سوبرمان أو سوبر ومان.

إلا أن باولو كويليو فاجأني بطريقته الجميلة في التعبير عن نفسه، ورويدا رويدا رحت اكتشفه من خلال السطور، وأكتشف إنسانا...!!! إنسان لا أعرفه ولا يعرفني ولكنه جعلني أبتسم له ولتصرفاته ولما يقوله ببساطة بعيدا عن التعقيدات والفلسفات والخطب المنبرية. عرفت لحظتها لماذا لم أستطع فك اللغز طوال هذه السنوات، إذ أن حله كان في شخصية روائية لم اقرأها في رواياته السابقة كلها...الحل كان في شخصية البطل في رواية حياته ...شخصية باولو كويليو.
السر الذي بحثت عنه طويلا كان أمامي ...ينساب كالنهر الذي يجري ويقول لي أن شخصية الكاتب الحقيقية في عالمه الحقيقي هي ما يصنع الدهشة في عالم شخصياته الخيالية، وأن المعادلة التي أبحث عنها في مختبر الكيمياء البشرية الذي أعيش فيه ماهي سوى معادلة طبيعية جدا ولا مصطنعة ومرتبطة بنظرية : دوران الشمس والأرض.

لقد استطاع باولو كويليو أن يخلق عوالم متفردة في الرواية العالمية لأنه لم يجعل نفسه الشمس، لم يبحث عن السطوع والظهور كما يبحث كثير من كتابنا وأدبائنا وشعرائنا من خلال تحويل أنفسهم إلى مركز يجب على كل المجموعة الشمسية أن تدور حوله، إنما جعل نفسه الأرض وجعل العالم كله الشمس....فرأى وانكشفت له الرؤية جيدا: باولوا كويليو يبتعد قليلا عن الصخب ليشاهد من بعيد فقط...ويجعل من الآخرين مركز اهتمامه ولا يجعل من نفسه مركز اهتمامهم، إنه يراقب دواخلهم بمحبة...يتسلل إلى أرواحهم ببساطة، يحاول معرفتهم ويكتبهم كما هم دون أن يضيف فلسفته ومكياجه وتنظيره عليهم...إنه يغوص فقط في هذه المعرفة أكثر فأكثر ليصورها في روائعه ويصوغ بصدق شكل الإنسانية الحقيقي لا شكلها من وجهة نظره.
باولو كويليو لا يريد أن يكون أي شيء آخر سوى إنسان بسيط ومحب وطيب وصالح ومتواضع، لا يهمه عدد قرائه ولكن يهمه حبهم له وحبه لهم، ولا يهمه مدى اتساع ربحه المادي من نشر الكتاب بقدر ما يهمه ما قدمه فيه من إبداع... ولا تهمه لا جائزة البوكر ولا جائزة نوبل ولا أي جائزة بقدر ما تهمه ابتسامة امتنان على شفاه قارئ مجهول....! ها قد عرفت الآن سر باولو كويليو وارتحت من فضولي...وعرفت أيضا سرا آخرا لابد أن يتعبني كثيرا!!!
حنين//








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط


.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش




.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح