الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول ارتفاع الاسعار والميزانية والعلاقة التعاقدية وعلاقة الاملاءات .. أبو زيد حموضة

أبو زيد حموضة

2012 / 9 / 7
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


قبل الخوض في الموضوع علينا أن نتفق على المنهاج، الطريقة، الاداة التي تستخدم في القراءة والتحليل شأن الخريطة التي يستخدمها البناء لكي يبني مجمعا تجاريا، أو العلم الهندسي الذي يستند اليه المهندس في رسم الخريطة.
وعليه علينا أن نقر تاريخيا بأن علاقات الناس ببعضها هي إما علاقات تعاقدية، وإما علاقة ارشادات واملاءات.وما ينطبق على الافراد في هذا المجال ينطبق على الجماعات.
وما علاقات المجتمعات المنسجمة الا علاقات تعاقدية ضمن دستور واضح المعالم والبنود ُمجمع عليه كافة طبقات وفئات المجتمع، والاجماع هنا ضرورة وشرط من ضرورات الانسجام والتعاش والسلم الاهلي بين أفراد المجتمع. وقد تحدث الهبات والانتفاضات والثورات اذا ما انعدم هذا الشرط وعندما يصار الى هيمنة فئة على فئة أواستئثار طبقة على طبقة أو اثنية على اثنية ..الخ ..عندها تحدث الانتفاضات والثورات لآن الفئات المضطهدة الي تحت لم تقبل بشروط الطبقات الي فوق التي تضطهدها وتسرق لقمتها. عندئذ يفرط العقد الاجتماعي، وتحدث الثورة لوضع عقد اجتماعي جديد عليه اجماع بين الافراد والمؤسسات والطبقات في المجتمع.
هذه التوطئة مهمة لنفهم ما يحدث حولنا، سواء علاقتنا بالسلطة، أو بالاحتلال، أو ما يحدث بالعلاقة بين السلطة والاحتلال، وعليه يبرز السؤال المنطقي: ما هي علاقة السلطة بالآخر ( الاحتلال، اوروبا، أمريكا، البنك الدولي، والصندوق الدولي )؟ وخاصة ضمن الاتفاقات المتعددة المبرمة بين السلطة والاحتلال، أو بينها وبين الدول المانحة والدول الاخرى.
هل هي علاقة تعاقدية ؟ أي هل هي علاقة الند للند، وعلاقة المساواة والتكافؤ بين الشركاء والاصدقاء؟
أم هي علاقة الاملاءات والارشادات والتوجيهات؟
علاقة الاحتلال مع السلطة هي علاقة املاءات
ان ما يجري عندنا في الساحة الفلسطينية وفق اتفاق اوسلو ( سيئ السيط ) هو علاقة الاملاءات والارشادات والتوجيهات، املاءات الاحتلال علينا، املاءات وشروط القوي الذي يُسّوق ويفرض شروطه على الطرف الآخر، الطرف الاضعف.
ولم تك العلاقة في يوم من الايام مع الاحتلال علاقة تعاقدية متوازنة، ولا تعاقدية لاحقاق الحقوق، ولا تعاقدية للاستقلال والتحرر، ولا تعاقدية من أجل التنمية، ومحاربة الفقر والبطالة والتعليم والنمو الاقتصادي، بل علاقة تناحر ونفي والغاء، فتعدت هذه العلاقة من علاقة املاءات الى أوامر فقط ،.أما الطرف الاضعف ما عليه الا أن يقول أمرك سيدي، وما عليه الا أن ينفذ الاوامر لأنه رهن قراره الوطني وسيادته وحريته بهذه العلاقة المهينة وارتبطت مصالحه بها منذ أن وقع على هذه الاتفاقات الشينه وخاصة ( اتفاق القاهرة ) ورضي الموقعون في المادة 22 منه ومواد اخرى في ملاحقه ( أن لا تتحمل اسرائيل المسؤولية القانونية أو المالية عن " أية أعمال مارستها " أو عن أعمال" ومشاريع امتنعت عن إكمالها " ولا عن أي أضرار ألحقتها، كما لا تتحمل تبعة أي أحكام تصدر ضدها او ضد أي من أجهزتها ومؤسساتها من أية محاكم كانت، رفعها أو سيرفعها في المستقبل أفراد أو جماعات.
وهذه الاتفاقات الاملاءية والاذعانية ارفقت بحملة دعائية من قبل من وقعوها ضللت الشعب بأن أوهمت شعبنا في الضفة وقطاع غزة بأنهما سيكونا سنغافورة الشرق الاوسط.
وشعبنا المنهك من الاحتلال والانتفاضة الكانونية والمسكين والمكلوم والمجروح شرب طعم الاتفاقيات التي زينها مثقفي موقعي الاتفاقيات واقلامهم وصدقها وهرول وراء سراب ووعودات عرقوب... واليوم خرج هذا الشعب عن صمته بعد أن اكتشف الامر وجوع وافقر يسأل ؟؟؟؟
أين هي سنغافورة الشرق الاوسط التي وعدنا بها الذين وقعوا هذا الاتفاق؟
أين هي المدن الصناعية والرخاء الاقتصادي والمطارات وسكك الحديد ؟
وخرج ليقول لن أقبل بالشروط القديمة وما علينا الا أن نبحث عن عقد اجتماعي جديد، يؤسس الى وحدة وطنية تحقق اهداف الشعب الفلسطيني وتطلعاته ويجمع عليه كافة أبناءه. عقد اجتماعي لا يميل للسياسة البرغماتية المضللة التي وقعت الاتفاقاقات المذلة وكبلت الشعب، ولا يميل للسياسة الانفصالية الدينية التي تبعث اشارات لاسترضاء الاحتلال لعمل اتفاق غير تعاقدي معه وبدأت في حسن نواياها في وقف المقاومة من جانب واحد! وتفرض اجندة الحزب الواحد خارجة بذلك عن قواعد الديمقراطية التي قبلت بقوانينها.
علاقة السلطة مع المواطن هي علاقة املاءات
العلاقة غير التعاقدية مع الاحتلال، أي علاقة الاملاءات، انعكست على المواطن الفلسطيني بكل أبعاد حياته، فلا خيار أمامه، وهو لا يستشار لا بأمنه أو بأكله وشربه ولبسه، ولا في القضايا المصيرية حتى شعر بالاحباط والياس، وأمامه خياران أحلاهما مر، أما أن يهاجر أو يخرج عن صمته كونه شعر أن السياسة التي تتبعها السلطة هي سياسة الاوامر، ففي رفع سعر رغيف الخبز أوامر، وفي رفع سعر البنزين أوامر، وفي رفع أقساط الطلاب أوامر، وفي رفع سعر الدواء أوامر، فأضحت حياة المواطن هي املاءات باملاءات، وأوامر بأوامر، ولم تقتصر الامور على الاوامر، بل أخذ يتناقص ويسلب من مائدته يوميا صحن غذائي، أو سلعة من سلته الغذائية بأوامر ارتفاع الاسعار. وهناك عامل موضوعي للهبات والثورات، فمثلا تقارير الاحصاء تفيد أن الجامعات الفلسطينية تخرج سنويا 45 ألف طالب بحاجة الى 45 ألف وظيفة، وسوق العمالة يستوعب في أحسن حالاته 5 ألاف وظيفة، أذن يبقى الغالبية الساحقة وقودا للانتفاضة، سواء نظموا أم لم ينظموا في صفوف الفصائل، لذلك خرجوا بعفويتهم، وسبقوا كل القيادات وفصائل العمل الوطني ومؤسسات المجتمع الاهلي. والشعارات التي رفعوها مطلبية بالدرجة الاولى وبعضها رفع السقف الى اسقاط الحكومة التي يراسها د. فياض.
فالمواطن ما عاد يقبل بتلقي الاوامر كونه لم يشارك في وضع القانون، ولا في رسم سياسة البلد ولا حتى في مصيره، ولم يقبل بقوانين تنزل عليه من السماء على شكل نصوص، وبدأ يتمرد على سياسة الاذعان وفرض هذه القوانين التي تضعها الفئة المسيطرة وذلك تكريسا لسيطرتها، وأبعد من ذلك تمليها علينا جهابذة الاحتلال كون العلاقة هي علاقة املاءات كما أسلفنا وليست ندية أو تعاقدية.
قراءة في الميزانية:
الموازنة تعريفا هي صك تشريعي للدولة تقدر به وارداتها ونفقاتها.
والميزانية تغطى من الدخل القومي: الذي يحوي في بنوده الناتج القومي، والضرائب، والهبات، والريع، ..

علما بأن الناتج القومي أهم بند في الميزانية لانه يتناسب طردا مع حرية ورخاء وحضارة وشخصية أي مجتمع، فبدون ناتج قومي لا تمتلك حريتك، لا تبني اقتصادا، ولا تنال سعادة، فالمجتمع لا يملك حريته الا برفع دخله من الناتج القومي. مع ملاحظة أن دخل الفلاح من زيتونه لا يسمى ناتجا قوميا، بل يسمى ريعا.
والسؤال: ما هي نسبة الناتج القومي في الميزانية العامة الفلسطينية؟
للاسف لم يدرج بند الناتج القومي، اذن كيف نكون كسنغا فورة،
وعلينا أن نبحث عن مقداره قبل قدوم السلطة، وقت كنا تحت الاحتلال.

قراءة سريعة في الايرادات
وجاء في التقرير المالي العام للسلطة لعام 2011:
إيرادات الحكومة المركزية، توزعت بشكل رئيسي على إيرادات الضرائب بنسبة 62.7%، المنح والمساعدات بنسبة 33.7%، والإيرادات الأخرى بنسبة 3.6%.
أما الافت في الامر هو تضخم الجباية من الضرائب، وهي نسبة عالية تفوق كل تصور وخيال لشعب ينوء تحت الاحتلال، فقد صرح مدير عام الجمارك والمكوس والضريبة المضافة أحمد الحلو: منشور على النت بعنوان ( المالية توضح أسباب ارتفاع المحروقات والضريبة المضافة )
" تشكل الضرائب المصدر الرئيس لموارد السلطة، وتشكل حوالي 55-60 % من موازنة السلطة التي تصل إلى 4.5 مليار شيقل سنويا منها 3.4 مليار شيقل من ضريبة القيمة المضافة، وإن قيمة الضريبة المضافة مفروضة على كل ما يستهلكه المواطن وبذات النسبة في النظام المعول به لا يسمح بتخفيض نسبة القيمة المضافة على السلع الأساسية ورفعها على السلع الاستهلاكية، ولا يوجد دعم لأي سلعة، موضحا أن قيمة الضرائب التي تجبيها السلطة تصل إلى حوالي 6 مليار شيقل سنويا.
لاحظ كلمة المفروضة هي كما أسلفنا هي علاقة السلطة بالمواطن هي علاقة املاءات وكأنها واقع لا يمكن تغيره الا ضد المواطن لانها املا ءات من اتفاق باريس الموقعه مع الاحتلال موضحا:
(واتفاق باريس يعطينا هامش للزيادة أو النقصان 2% عن الضريبة المفروضة في السوق الإسرائيلية ، موضحا أن رفع هذه النسبة يؤثر في أسعار السلع بذات النسبة، وأن هذه الضريبة يقوم المواطن بدفعها ولا تؤثر على التاجر بالمطلق.)
مسكين ها المواطن!!

قراءة سريعة في النفقات
نقتطف من الميزانية:
( إنفاق الحكومة المركزية، توزعت بشكل رئيسي على تعويضات العاملين (رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين) والتي بلغت نسبتها 62.0%، بينما بلغت نسبة الإنفاق على استخدام السلع والخدمات 16.9%، وعلى المنافع الاجتماعية ما نسبته 15.2%، والنفقات الأخرى 3.2%. )
الافت في الامر أن ما يجبى من ضرائب تصرف على رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين، ألم تفكر الحكومة بتدوير تلك النسبة؟ وتبقي على جهاز الشرطة وتقنين في تضخم الاجهزة الاخرى التي تمتص ثلثي الوارد ويستنزف الميزانية، وتفكر في الاستثمار في فتح مشاريع انتاجية، ورفع نسبة الناتج القومي من صفر مكعب الى شئ يمكن أن يلمسه الواطن؟
نأمل ذلك !
أبو زيد حموضة
فلسطين المحتلة نابلس
6/9/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تدفع متظاهرين خلال احتجاجات على الحكومة ف


.. في يوم العمال..توتر واشتباكات بين متظاهرين والشرطة التركية




.. اشتباكات بين الشرطة التركية ومتظاهرين احتجاجا على إغلاق ميدا


.. اشتباكات في حرم جامعة كاليفورنيا بين مؤيدين لإسرائيل ومتظاهر




.. اشتباكات بين متظاهرين مؤيدين لإسرائيل وآخرين مؤيدين لفلسطين