الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حروب طواحين الهواء

محمود طرشوبي

2012 / 9 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


تدور في مصر اليوم معارك كثيرة أشبه ما تكون بمعارك طواحين الهواء , فمعركة علي عودة البرلمان و معارك ضده بمنع العودة , و معركة ضد اللجنة التأسيسية للدستور و معارك في داخل اللجنة داخلها , و معارك مع القضاء و بين القضاء و بعضه , و تشعر إن مصر أصبحت ساحة حرب بين المجلس العسكري و بين الثورة , و بين الثورة و الدولة العميقة , ثم المعركة المشتعلة علي ساحات الفضائيات بين أشباه الإعلاميين و بين الرئيس الإخواني , حتي المعركة التي تدور بين الأحزاب القديمة و الأحزاب التي نشأت بعد الثورة معركة تكاد لا تعرف ما السبب ؟ حتي المعركة الرئيسية و هي معركة الدستور لا تجد فيها طرف له فكر و رؤية محددة بل ما تراه نوع من الإزدواجية الفكرية التي تجعل من المشاركين في كتابته نوع جديد من الممثلين يقومون بدور تمثيلي في مشهدسينمائي لم يكتب , فتراه إرتجالياً , فيظهر داخل المشهد كم هو التناقض الموجود بداخل كل شخصية , فمن يصف نفسه إسلامياً لاتجده إسلامياً كاملاً بل مطعم ببعض من بقايا فكر آخر , و من هو ليبرالي لا تجده كذلك بل به شوائب من فكر آخر , و هكذا تستمر الحرب من أجل دستور لا يعبر عن عقيدة و فكر هذا البلد .
من ضمن هذه الحروب هناك حرب غريبة علي الحس السياسي في العالم كله , و هي الحرب المختصرة في شعار ترفعه بعض الجهات الغير دارسة لسيكلوجيه الحركة الإسلامية و هو (يسقط حكم المرشد ) فرافعين هذا الشعار غير دارسين للعمل الحركي داخل التيارات الإسلامية . إن من يردد هذا الشعار لا يدرك أن العمل و الانضمام إلي أي من الحركات السياسية الإسلامية , لا يكون بمجرد كتابة الأسماء و عمل بطاقات العضوية , بل يتم عن طريق حمل الفكر و السير به و الدعوة إليه أي إن الطريق إلي الانضمام هو إثبات كونك أصبحت جزء من الجماعة بكونك تحمل فكره و قضيته و تسعي إلي تحقيق أهدافه و علي إستعداد لتحمل الصعاب و المشاق في سبيل ذلك بغض النظر عن صحة أو خطأ هذا الفكر بل نتكلم بصفة عامة , و بناء علي هذا فإن وصول الدكتور مرسي إلي رئاسة حزب الحرية و العدالة و من قبلها مسئول سياسي عن بعض الملفات داخل جماعة الإخوان ,يعني أن الرجل معتنق للفكر و يدعو له و سجن بسببه و لا يكاد وجود إختلاف جوهري بين أعضاء الجماعة و بعضها سواء علي مستوي القيادات أو الكوادر إلا إختلافات بسيطة, و علي هذا فإن الدكتور مرسي نفسه يحمل نفس فكر و عقلية المرشد فمن يقول بإسقاط المرشد لا يدرك أن مرسي و بديع لا يختلفان , بل هل كان من المستبعد أن يكون مرسي نفسه في يوم من الأيام مرشداً للجماعة ؟ فإسقاط حكم المرشد هو نوع من الحرب في الهواء لأن العقلية واحدة و المنبع الذي تستقي منه الأفكار واحد ,الأمر الآخر هو استقالته من حزب الحرية و العدالة بناء علي طلب النخبة منه و هو نوع من ممارسة السياسة بشكل مصري , أي مختلف عن أي سياسة تمارس في العالم . فلم يحدث في أي دولة أن ينجح رئيس في الإنتخابات و هو علي رأس حزب ثم يتخلي عن الحزب بعد نجاحه , فهل معني ذلك أنه اصبح بلا فكر حزبه الذي دخل به الإنتخابات , إنه نوع من السخف السياسي الذي تحيا فيه مصر منفرده عن باقي الدول و ليس ذلك لأنها تبدع في نوع جديد من التصرفات السياسية , و من طرح طريقة جديدة في العمل السياسي , أو من طرح النظام المتوافق مع عقيدة و نفسية المجتمع المصري و عليه نضرب عرض الحائط بأي ممارسات , بل الحاص إن النظام الحاكم في مصر مازال كما هو لم يتغير و لم يتم طرح نوع جديد من الحكم , و الحاصل في كل الدنيا إن إنتخاب رئيس كان علي رأس حزب له فكر و منهج محدد نستطيع محاسبته بناء علي فكر محدد يتبناه الحزب .
هكذا تستمر الحرب علي أرض المحروسة في معارك وهمية لا تجد فيها من يراعي مصلحة البلاد و العباد , بل أصبحت ممارسة السياسة في مصر نوع من الشخصنه , و حول المصالح الشخصية و الايدلوجية تتمحور الآراء و الدفاع عنها و إعلان الحرب علي الطرف الآخر أيا كان من هو الطرف الآخر .

محمود طرشوبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل