الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السورية أمام تدويل الأزمة

محمد سيد رصاص

2012 / 9 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


منذ نشوب الأزمة السورية في يوم18آذار2011،مرت المعارضة للنظام الحاكم بثلاثة مراحل:1- مراهنة على حراك الشارع لتحقيق الأهداف السياسية للمعارضة،2- مع سقوط القذافي من باب العزيزية في 23آب،جرى جنوح عند قسم كبير من المعارضة والشارع المتحرك نحو الاقتداء بالسيناريو الليبي والمراهنة على الخارج لتحقيق أهداف داخلية،3- منذ مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية(2-3تموز2012)،ومع وضوح عدم رغبة الخارج الغربي في تكرار السيناريو الليبي ،أولعدم استطاعته بحكم توازنات دولية محددة،هناك اتجاه عند من كان مراهناً على الخارج نحو اعتماد العنف المسلح طريقاً وحيداً لتحقيق الأهداف السياسية،وقد كان ماجرى بتموز وآب في دمشق وحلب بمثابة حصيلة عملية لهذا الاتجاه.
خلال ستة أشهر من نشوب الأزمة،لم يكن عند الخارج الدولي – الاقليمي اتجاه نحو تدويل أوأقلمة الأزمة،بل كانت هناك رغبة،كانت تلمس حتى عند واشنطن وباريس وأنقرة مع صمت ملفت للرياض،في أن يتولى السوريون زمام الأمر لحل الأزمة.مع فشل السوريين،بالسلطة والمعارضة، في ذلك،كان هناك قطع للخيوط مع النظام أولاً من أنقرة، في النصف ألأول من آب،ثم من واشنطن والاتحاد الأوروبي في نصفه الثاني.كان طلب واشنطن ل"وحدة المعارضة"ليس ببعيد عن هذا الجو المستجد،وهو ماأوحى(سواء في المحادثات التي جرت بين "هيئة التنسيق"و"اعلان دمشق"و"جماعة الاخوان المسلمين" في الدوحة في الأسبوع الأول من أيلول ،ثم بعد فشلها، بسبب اصرار "هيئة التنسيق" على تضمين النص المقترح للائتلاف رفضاً للتدخل العسكري الخارجي، في المحاولات المحمومة التي جرت بين يومي15أيلول و2تشرين أول لماأعلن يومها عن قيام "المجلس الوطني" بين "الاعلان"و"الاخوان") وكأن هناك حاجة عند الغرب وأنقرة لجسم سياسي سوري معارض يقوم بتكرار ماقدمه المجلس الليبي(أومؤتمر لندن للمعارضة العراقية في كانون أول2002) من ستارة محلية للتدخل العسكري الخارجي.
هنا،قامت موسكو ،وهي التي أصبحت التجربة الليبية بمثابة تجربة احباط عندها،برفع سلاح الفيتو في مجلس الأمن بنيويورك بعد يومين من قيام"المجلس الوطني السوري"،معلنة عن تدويل الأزمة السورية وعن تحويلها إلى أول أزمة دولية بين موسكو وواشنطن في زمن مابعد الحرب الباردة،وهو مالم يحصل بينهما بسبب كوسوفو1999ولاأفغانستان2001ولاعراق2003ولاجيورجيا2008ولاليبيا2011.كان ذلك الفيتو في 4تشرين أول،وهو مزدوج بحكم الاشتراك الصيني، بمثابة اعلان نوايا روسي عن استعداد الكرملين للمواجهة من أجل منع السيناريو الليبي في سوريا،وهو مايبدو أن موسكو قد قرأت محاولة تكراره من خلال قيام مجلس اسطنبول،وهو استعداد تأكد عملياتياً في أواخر تشرين ثاني عندما أرسل أسطول البحر الأسود الروسي إلى طرطوس في الأسبوع التالي لطلب مراقب جماعة الاخوان رياض الشقفة للتدخل العسكري التركي بعد يأسه من حصول الغربي.
كان تصريح رياض الشقفة،وهو قد أطلق من اسطنبول،بمثابة اعلان اصطفاف ضمن أحد الضفتين المتجابهتين في خضم نار الأزمة السورية التي أصبحت دولية،أحد طرفيها هو(الناتو)الممتد من واشنطن إلى أنقرة عبر ضفتي الأطلسي،مع امتدادات اقليمية،والطرف الثاني المواجه هو محور موسكو- بكين،ومن ورائهما (مجموعة دول البريكس) و(منظمة شنغهاي للتعاون)،مع تحالفات وتلاقيات اقليمية مع هذا المحور المواجه للناتو في طهران وبغداد والضاحية الجنوبية لبيروت.في يوم 3كانون أول أكمل الدكتور برهان غليون ملامح الاصطفاف الدولي- الاقليمي ل" المجلس الوطني" من خلال مقابلة مع صحيفة"وول ستريت جورنال" أعلن فيها مواقف المجلس تجاه الصراع العربي الاسرائيلي والجولان وايران وحزب الله . مقابل هذا،وفي محادثات مع دبلوماسيين روس ،ومع مسؤولين ايرانيين في طهران خلال أشهر تشرين ثاني وكانون أول وكانون ثاني،أعلنت "هيئة التنسيق" أن مواقفها المعارضة للسلطة السورية من أجل التغييرلاتنسيها ضرورة أن لاتنزاح سوريا من موقع دولي- اقليمي إلى آخر بحكم ادراكها أن سوريا محتاجة إلى ظهير دولي- اقليمي وإلى مصادر للسلاح في صراعها مع اسرائيل ،قبل احتلال الجولان وبعده، وهي المدعومة من ظهير ممثلاً في الغرب الأميركي- الأوروبي. وفي الحقيقة كانت التباينات في رؤية الطوابق الدولية- الاقليمية- المحلية وراء وفاة اتفاق المجلس والهيئة بعد أربع وعشرين ساعة من توقيعه مساء30كانون أول بالقاهرة،وبالذات عملية خضوع المجلس للتجاذبات الدولية- الاقليمية وهو مايبدو أن الدكتور برهان غليون قد تناساه عند التوقيع أوأنه أراد من هذا التوقيع انشاء تكتل ليبرالي- يساري – علماني في جسم معارض موحد يوازي أويفوق نفوذ الاسلاميين الذين وضحت مقدار هيمنتهم على المجلس في مؤتمره بتونس قبل أسبوعين من توقيع اتفاق القاهرة.
عملياً،أدى تدويل الأزمة في 4تشرين أول إلى وفاة محاولات تعريبها التي جرت أولاً مع تسريب خطة الجامعة العربية إلى صحيفة"الحياة"في 6أيلول،قبل أن يتبناها المجلس الوزاري العربي في 2تشرين ثاني،ثم ثانياً في الخطة الثانية المتبناة من الجامعة في 22كانون ثاني والتي تتضمن السيناريو اليمني.حصلت وفاة التعريب في نيويورك لماحملت خطة 22كانون ثاني إلى مجلس الأمن وجوبهت بفيتو روسي- صيني في يوم4شباط،وقد كانت نصيحة "هيئة التنسيق" لنبيل العربي بأن يسلك طريق موسكو قبل الوصول إلى نيويورك،وهو مالم يفعله هو ووزير خارجية قطر في طريقهما إلى هناك حاملين السيناريو اليمني الذي كان لافروف قد لمح إليه لمرتين في كانون أول بعد قليل من توقيع اتفاق23نوفمبر في صنعاء.
هنا،كان يوم 4شباط2012مؤدياً إلى جعل التدويل عنواناُ للأزمة السورية،وهو مابرز مع خطة عنان في آذار ونيسان عبر بيانين رئاسيين من مجلس الأمن ثم عبر القرارين2042و2043:لم يوافق على خطة عنان سوى "هيئة التنسيق"ضمن المعارضة السورية عبر بيان رسمي،وهو مالم يفعله "المجلس الوطني"،الذي تبارى مع بعض الخليجيين منذ أوائل نيسان في تعداد النسب المئوية التي لاتتجاوز أصابع اليد الواحدة لماكان يراه (أوبالأحرى لمايرغب)من احتمالات فشل الخطة،قبل أن يطلب الطرف المهيمن على المجلس،وهم الاخوان المسلمون في بيان رسمي يوم 27نيسان،من الأمم المتحدة “إعلان فشل خطة المبعوث الدولي كوفي أنان”،الذي تبارى مسلحو المعارضة في خرقها مع النظام منذ يوم12نيسان،إن لم يكن قد تفوقوا عليه في ذلك.
في مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية،الذي أتى بعد يومين من بيان مؤتمر جنيف(30حزيران) الآتي كحصيلة لتوافق أميركي- روسي على صيغة تفسيرية لخطة عنان من خلال خطة طريق لمرحلة انتقالية"التي تقودها حكومة انتقالية لها كل السلطات التنفيذية " وتكون مؤلفة "من ممثلين من الحكومة القائمة والمعارضة ومن مجموعات أخرى"و"تقوم على الرضا أوعدم الاعتراض المتبادل"،جرت محاولات من الدكتور ناصر القدوة ومن نبيل العربي لتضمين البيان الختامي موافقة أوترحيب ببيان جنيف،وهو مالم يحظى سوى بموافقة"هيئة التنسيق"و"المنبر الديمقراطي"و"المجلس الكردي"،فيماوقف بالمرصاد أمام ذلك كل من "المجلس الوطني"و"الجيش الحر"والتنسيقيات وأطراف من المعارضة أصبحت بعد خروجها من "المجلس"محسوبة على الرياض التي استبعدت هي وطهران من مؤتمر جنيف،حاملين نغمة ،وبعد وقوفهم لعشرة أشهر يشحدون التدخل العسكري الخارجي كالمتسول على باب الجامع بعد صلاة الجمعة ، تقول بأننا "سنأخذ الأمر بيدنا وعبر السلاح".
خلال شهري تموز وآب2012جرى تجريب ذلك في الميدان وصلاح الدين،ولم تكن النتائج سوى طبعة جديدة من باباعمرو،مع الفرق بأنه لم توجد بيئة حاضنة للتسلح في مدينتين عريقتين تجارياً مثل دمشق وحلب يحسب فيها استعمال السلاح ليس من خلال رد الفعل أومن خلال حجم الآلام،وإنما من منطق قياس الفعل بنتائجه.هذا التجريب كان تكراراً لماجرى بين يومي23آب2011و2تموز2012من تسول التدخل العسكري الخارجي ،والذي أتى بدوره بعد اكتشاف البعض من المعارضين،بين يومي18آذار-23آب2011،بأن الحراك الشعبي لايملك الآلية الذاتية الكافية لتحقيق "شعار اسقاط النظام" الذي أقحموه على الحراك منذ حزيران،ممادفعهم،ومعظمهم إما من معارضي ربع الساعة الأخيرة أومن المقيمين بالخارج أومن الملتحقين بالمعارضة بعد أن كانوا بالسلطة وهم يظنون بأن التطرف الشعاراتي- اللفظي هو غسالة لممارساتهم السابقة،إلى طرح شعارات طلب التدخل الخارجي كعنوان لتحركات الجمع،مستغلين قلة خبرة الشارع المتحرك بالسياسة ،بعد صيام اجباري عنها فرض عليه من السلطة منذ نهاية شباط 11982إلى يوم18آذار2011، الذي أوحى إليه أولئك بأن جنرال البنتاغون عند المتظاهر السوري هو مثل نادل المقهى الذي تحدد له ماتطلبه من مشروبات.
السؤال الآن:هل تكون التسوية السورية،في صراع توحي توازناته الدولية- الاقليمية- المحلية بأنه ليس مسموحاً فيه بأكثر من نتيجة حرب1975-1990اللبنانية:"لاغالب ولامغلوب"،هي حصيلة لفشل التجريبات الثلاث:اسقاط النظام،التدخل العسكري الخارجي، السلاح طريقاً عند طرفي الصراع لتحقيق الأجندات السياسية؟....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جنوب أفريقيا: حزب المؤتمر الوطني ينوي إجراء مشاورات لتشكيل ح


.. يديعوت أحرنوت: ليبرمان يفضل انتظار خوض الانتخابات المقبلة |




.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص


.. انهيار مبنى سكني في #إسطنبول #سوشال_سكاي




.. وول ستريت جورنال: إسرائيل أعادت النظر في خطتها في رفح لتفادي