الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللغة العربية، ألم نعيشه و أمل نتطلع إليه

عقبة بن سعد

2012 / 9 / 7
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


أثارت انتباهي قانونين سنتها أمم تمنع تعليم الطفل لغتا غير لغته الوطنية وهو في سن لا يتعدى الخمس سنوات، مما يفسر على أن تصرفا مثل هذا يؤدي حتما إلى نتائج سيئة على تنشئة هذا الطفل، فهذه الأمم تهتم كثيرا بحاضرها كي تستفيد من نجاحها و تخطط لمستقبلها كي تضمن ما وصلت إليه من تقدم لأجيالها القادمة، فلا عجب في ذلك لان المجتهد لا يكفيه اجتهاده فقط بل يجب عليه حمايته من الزوال أو الانتقال إلى حوزة الآخرين.
هذا حالهم، لكن ماذا عنا نحن يا ترى؟ المدرسة الجزائرية بذلت جهود كبيرة في تعليم الناشئة اللغة العربية، وعاء ديننا و حبلنا الذي يربطنا بأبناء عمومتنا و أبناء خؤولتنا عبر جغرافية الوطن العربي و نافذتنا التي نطل منها على مآثر أجدادنا و التي ملئت تاريخ الأمة الإسلامية، لغتنا العربية صنعنا بها عقيدة الدفاع عن الوطن و هي وازعنا الذي يمنعنا من الإساءة إليه و يدفعنا للاحسان إليه و خدمته.

- إذا درست الشعر العربي الحديث و قرأت بيت الأمير عبد القادر الجزائري:
يا عاذرا لامرئ قد هام في الحضر و عاذلا لمحب البدو والقفر *** لو علمت ما في البدو تعذرني لكن جهلت و كم في الجهل من ضرر لا شك أن نفسيتك سترتبط بهذا المقاوم الرمز.

- إن الذي يتعلم صيغة التأكيد في الأفعال التي انفردت بها اللغة العربية، على وزن "يفعلن"، سيهتدي لا محالة إلى قراءة الآية الكريمة (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)- آل عمران أية 169 - و سوف تجد هذه الآية طريقها إلى قلبه و سوف تصنع منه رجلا مقداما يصبوا للشهادة و هو يدافع عن وطنه.

- إن قرانا خطبة طارق بن زياد يا أيها الناس، أين المفر، البحر من ورائكم و العدو أمامكم و إنكم لا تملكون إلا الصدق و الصبر و إنكم لأضيع من الأيتام على مأدبة اللئام......’’ سنعي أن لنا ارض عزيزة علينا قد خسرناها و التي كانت و لا زالت تسمى الأندلس.

- إن الذي يقرا اللغة العربية سينساق لقراءة المراجع التي تحكي للناس ما كان من علماء العرب و المسلمين، من ابن الهيثم و ابن سينا و الإدريسي و سوف يعلم أننا امة علم و لسنا امة جهل، لان المراجع الأوروبية تذكر العلوم الإغريقية فما إن تصل إلى الحقبة المسلمة إلا و تنتقل مباشرتا إلى العلوم الأوروبية في العصر الحديث و كأن المسلمون لم يتركوا بصمات علمية.

- إن الذي يتلقى تعاليم الإسلام عن طريق السن عربية سيستوعب المعاني و المفاهيم و كأنه في مجلس رسول الله (ص)، لا أن يتلقاها بلغات أخرى فيجدها غير دقيقة و غير منسجمة و لا هادفة.

- إن الذي يتعلم اللغة العربية سيحبها لأنها اقوي و أجمل اللغات، فان أحببت لغة قوم أضحت أفكارهم في متناول فهمك و إدراكك و أصبحت قضاياهم من أولى أولوياتك، فان ارتبط قلبك بلغة قومك أصبحت معول بناء لامتك و إن اخترت لغة عدوك أضحيت معول هدم لامتك و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

..... و هلم جر مما امتلكت اللغة العربية من دفوع و أدلة تتباهى بها أمام سائر اللغات.

المجتمع الجزائري عبر التاريخ، أعطى مكانة عظيمة للغته حتى أن العامية الجزائرية تعتبر من أكثر اللهجات التصاقا بالغة العربية، فهي تحوي تعابير و كلمات لا نجدها إلا في اللغات العربية القديمة و التي أتت مع القبائل العربية التي استوطنت الجزائر، صحيح أن الاستدمار الفرنسي نجح في إبعادنا عن لغتنا العربية الفصحى و ذلك من كثرة التجهيل و شدة التفقير لكن رغم كل ما بذله لم يستطع إبعادنا عن لهجتنا العامية قيد أنملة، خلال أكثر من قرن و ربع قرن من الاحتلال لم ينجح في النيل من لهجتنا العامية أو إذكاء الفرقة بيننا و بين لغتنا العربية الفصحى. لكن حدث شيء ما بعد الاستقلال فما هو يا ترى؟
أصبحت لا تخلوا أية جملة من الجمل التي نتفوه بها من الكلمات الفرنسية، فان لجأت لاستعمال كلمات عربية بدلها أصبحت إما محل ضحك أو استغراب، و بات استعمال الفرنسية تأشيرتا لقضاء الحاجات فلن تجد إدارتا أو مسؤولا ينصت إليك أو يساعدك إن خاطبته باللغة العربية أو العامية، أما في أماكن الراقية كالفنادق و المطاعم الموجودة في المراكز التجارية و كذلك الشركات سوف تجد الجزائريين منساقين لا إراديا إلى استعمال الفرنسية كوسيلة للتخاطب، فيا للعجب ربطنا الفرنسية بمجالات الرقي و الرفاهية و التمدن و حرمنا لغتنا من ذلك !!!
إن مبادئنا لا تطلب منا أن نكون غير واقعيين، لا شك أن هناك مجالات لم تلجها اللغة العربية بعد، مثل علم الاكترونيك و تقنيات الاتصال أو أن تكون في إطار أنت مجبرا لاستعمال لغة أجنبية، لكن أن تطغى الفرنسية و تتوغل إلى ابسط العبارات اليومية ككلمة oui و c est normal .....الخ، فهذا ما لا يجب القبول به. نسينا الحكم والأمثال العربية التي رددها أجدادنا و اكتفينا بمرادفاتها و مثيلاتها الفرنسية و أصبحت أطباق الغذاء لها مسميات فرنسية . أما الساسة فحدث و لا حرج، فالبعض منهم لا يطيب له الحديث و لا يجده هادفا إلا إذا اسمعه للناس بالغة الفرنسية.
رغم ما بذلته المدرسة الجزائرية من خدمة للغة العربية، و مع كل مجهود بذله المخلصون، اصطدم هذا كله بجدار الإدارة الجزائرية التي لا زالت رائحة الاستدمار الفرنسي تفوح منها، إدارة يتحكم في مفاصلها بعض من أبناء منطقة القبائل الذين غرر بهم الفرنسيون و أضلوهم السبيل، صنعوا منهم نخب تكره العرب و تحتقر لغتهم، رغم و جود أناس منهم ابدوا الرغبة في احتضان اللغة العربية إلا أن تأثيرهم ضعيف، على أي حال هم مشكورون على ذلك، فربما رغبة مخلصة خير من أفعال لا طائل من ورائها.
و لعل اغلب خوفي و اكبر وجلي إن كان هذا الحال هو ما قصده الجنرال الفرنسي ديغول عندما قال و هو آسف عن استقلال الجزائر سوف نعود، سوف نعود لكن من دون حرب .
يجب علينا أن نلتفت للغتنا، إن كانت حجتنا التكنولوجيا فنحن مطالبون بالتحكم بها و إن كانت حجتنا العلوم فهذا عذر أقبح من ذنب، نعم ليس هناك خطا لا يصلح و ليس هناك حق لا يسترد، وكما انتزعنا استقلالنا سنمكن للغتنا العربية إن شاء الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة