الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعا للسلاح

معقل زهور عدي

2005 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


في المسرح اللبناني هناك صورتان متناقضتان لكنهما تصنعان مشهدا واحدا . الصورة الأولى تتمثل في عنف وحشي مدمر يرغب ليس في الاغتيال فقط ولكن في تفجير الوضع اللبناني برمته ودفع الجميع للبحث عن متاريسهم القديمة ، واخراج أسلحتهم من الأقبية ، والاقتناع بأن الحرب الأهلية هي القاعدة ، وان السلم الأهلي هو الاستثناء .
لم تكن رسالة العنف محصورة بشخص رفيق الحريري وما يمثله من ارادة السلام والبناء والتسامح ولكنها كانت تمتد لأبعد من ذلك ، للقول : ان المجتمع اللبناني مؤسس على برميل من البارود ، ويكفي اطلاق رصاصة نحو ذلك البرميل لينفجر ، ومع ذلك فقد اخترنا ان نطلق نحوه بدل الرصاصة قذيفة ، وما على الجميع سوى الانتظار برهة وجيزة ومن ثم مشاهدة كيف سيتطاير البرميل وما عليه في كل الأرجاء ، وحينذاك لن يسأل أحد كان : من الذي أطلق الرصاصة الأولى؟ ، وهل ثمة من يسأل اليوم : من الذي أشعل الحرب الأهلية في لبنان التي ذهب ضحيتها مئات الألوف ؟ لاأحد ربما باستثناء الأكاديميين المختصين بدراسة التاريخ وحتى اولئك سيختلفون حول السبب والمسبب .
لبنان المرعوب سينكمش بسرعة ويتشقق الى أجزائه الفسيفسائية ، وسيصرخ كل فريق : أين السلاح ؟
تلك هي الصورة الأولى بوقعها ورسالتها وفي المقابل ثمة صورة أخرى مناقضة بوقعها ورسالتها أيضا.
صورة لبنان يهب كما تخرج الأجساد مقترنة بأرواحها يوم الحشر ، شعب يريد الحياة ويعشقها ، ويريد السلام كما لم يرده من قبل ليقول في رده على رسالة العنف : نعم نحن منقسمون مذاهب وأديانا وأحزابا و..كل شيء .. لكننا لسنا منقسمين حول أمر واحد هو العزم الأكيد على عدم العودة للحرب الأهلية .
لبنان لم يعد فوق برميل بارود ، لقد أخطأتم التقدير هذه المرة أيها السادة ، لم تدركوا ما صنعته آلام ومعاناة خمسة عشر عاما من الحرب الأهلية ، لم تدركوا كم أصبحنا نكره الحرب ونشتاق للسلام والبناء والحرية لذلك لن تدركوا مدى الفجيعة التي أحدثتم في قلوبنا بقتل رفيق الحريري.
هكذا خرج لبنان كما لم يخرج من قبل لا ليبحث عن المتاريس والبنادق ولكن ليبحث عن الزهور والشموع والمستقبل ، وبدل أ صوات طلقات الرصاص والانفجارات علت أصوات المآذن وأجراس الكنائس ، وخرج الناس للشوارع بدون دروع ولا خوذات . خرجوا بمئات الألوف دون فوضى ودون دماء.
لم يسجل حادث واحد ، ولامظهر للعنف ، ولاأحد كان يطالب بالثأر أو القتال.
من بين الدموع والشموع والورود الحمراء والوشاح الأحمر والأبيض والقرآن والصليب وذلك الاحتشاد غير المسبوق الواثق المسالم يولد عصر جديد .
عصر الشعوب التي قررت أن تعلن نهاية العنف الأهلي وبداية الطريق السلمي – الديمقراطي لصنع المستقبل. قد نختلف حول بعض ما قيل ، ونعتب على بعض ماقيل ، ونخاف من سوء استغلال الآخرين للهبة البرتقالية ، ولكن كل ذلك قابل للإصلاح طالما بقينا نحتكم لصوت الشعب بدل صوت البنادق.
هل عادت السياسة الى الشارع بعد ان تاهت طويلا بين الخنادق وكواليس الفنادق وأقبية الأجهزة الأمنية ؟
ما نراه يوحي بقوة أن الوحشية أخرجت نقيضها وحفر العنف قبره بيده أما من سيتولى دفنه فهو الشعب ذاته الذي نهض لتوه من القبر ودحرج الحجر .
وإذا تأكد ذلك فربما لم يذهب دم الشهيد رفيق الحريري هدرا ، ويكون انجازه شهيدا لايقل عن انجازه حيا ، أما الذين قتلوه فقد عادوا بالخيبة وانتصر دمه عليهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟