الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هنا يكمن اليسار وهنا ينتهي؟

فراس جابر

2012 / 9 / 10
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


هنا يكمن اليسار وهنا ينتهي؟
نعم هذه لحظة أخرى مصيرية في عمر الشعب الفلسطيني، وتحديداً المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، تجسد اللحظة بدءَ زخم شعبي متصاعد ضد السياسات الفلسطينية الرسمية، وأهمها حالياً الواقع الاقتصادي والمعيشي للشعب الفلسطيني.
تتكثف وتتجسد في هذه اللحظة كافة عوامل الإحباط المتراكم لدى الشارع الفلسطيني من قياداته الرسمية والفصائلية المختلفة، ورغم الإشارة القوية لوجود أطراف تحرك جزء من الشارع لأسباب ومصالح خاصة وفئوية، إلا أنه بالمقابل هناك فئات جذرية تتحرك وفقاً لرؤية وطنية شاملة تشمل بجانب الوطني التحرري الاقتصادي المقاوم، ومن أهمها الحراك الشبابي الذي أخذ بالتبلور منذ سنتين، ويحقق فيه الشباب ما عجز الكثيرون عن فعله في هذه المرحلة.
اليسار له أزمته الكبيرة التي بدأت منذ عقدين، ولكن هذه اللحظة التي تتجسد الآن هي التي تميزه ويتمايز بها عن غيره من القوى السياسية والاجتماعية، فهو قد أعلن انحيازه التام للفقراء والمهمشين وحقهم في العدالة الاجتماعية، فإذا أنحاز لهم فقد أثبت أصالة موقفه الفكري، وإن بقي رهين الحسابات والمصالح والتخوفات فقد مرت لحظة تاريخية أخرى دونما استغلال كما مرت لحظات من قبل، رفض فيها أن يقود الشارع الفلسطيني.
كما أن التركيز في خضم هذا الحراك على انتخابات المجالس المحلية، أمر غير مبرر أو مفهوم، فالانتخابات في سياق "طبيعي" أي لتحسين مواقع في أجسام إدارة محلية، ولكنها مصممة لخدمة الناس ورعاية شؤونهم، وما تحمله الأحداث الجارية تؤكد على فشل كافة الأجسام في تحقيق الحد الأدنى من حقوق الفلسطينيين السياسية أولاً، ومن ثم الاقتصادية والاجتماعية ثانياً وثالثاً، لذا يبدو التركيز على جزئية بدل النظر للخارطة الكبيرة توهاناً لا تحمد عقباه.
هناك الكثير من الشباب والمجموعات التي تنتمي فكرياً لليسار وهي في قلب هذا الحراك، وعملت وما تزال من أجل تغيير الواقع الاجتماعي والسياسي، وما يتبقى هو انحياز تنظيمات اليسار لهذا الخيار؛ أي النزول بكل الثقل الجماهيري وقيادة الشارع نحو تغيير الواقع الفلسطيني، وفتح ورشة وطنية كبيرة لإعادة بناء الاقتصاد الفلسطيني على أسس الصمود، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تأصيل الشعارات التي تطرح في الشارع، فالمدخل لتغيير السياسات الاقتصادية يجب أن يترافق مع مواجهة لمشروع التسوية وفرضياته ونظرياته وخطابه الذي أثبت فشله، فالنمو الاقتصادي ودولة المؤسسات ما هي إلا مرادف عملي للتسوية والحكم الذاتي واتفاقيات الذل التي تربطنا.
الاكتفاء بالمراقبة، أو المشاركة المحدودة، أو حتى الانهماك في الإعداد للانتخابات لن يعدل من الميزان السياسي الحالي، كما أن قيادة للحراك واعية بالتأكيد ستعمل على ضبط الشارع وتحويله من الاحتجاج غير المنظم والذي تعتريه بعض المظاهر غير المناسبة، إلى حراك وطني منظم ويلتزم بأسس العمل الوطني. وهذا بدوره سيعمل على توعية جيل شاب كامل لم ينخرط في مظاهر العمل الوطني أو فصائله، وما يمارسه حالياً ما هو إلا "استنساخ" لما شاهدوه يمارس ضد الاحتلال بالسابق. كما أن عقدين من حكم السلطة قد أنشأ بالتأكيد جيوب فساد وشلل من المنتفعين التي قد تستغل الوضع الحالي – إن ترك على عواهنه- من أجل تحقيق ما يخدم مصالحها أكثر دون النظر للوطن.
اليسار غني بالكوادر والنشيطين والمفكرين، وأصحاب المشاريع، وحتى المؤسسات الأهلية يمكن أن تترجم جزء من قوتها بالمساهمة في هذا التوجه، عبر الانخراط النشط، ويمكن لليسار أن يدعي إلى مؤتمر وطني من أجل صياغة سياسة وطنية بشقيها السياسي والاقتصادي من أجل تعزيز الصمود والمقاومة، وربطها بإحياء ديمقراطي لمنظمة التحرير لاستعادة دورها.
هنا يكمن اليسار، في الجرأة والعمل المباشر من أجل إمداد الحراك بزخم فكري وجماهيري حقيقي، وطرح الخطاب البديل الآن، وهنا ينتهي كذلك إن تجاوزته اللحظة!!!!!
فراس جابر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا


.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في




.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة