الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية الرأي أو لا شيء

علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي

2012 / 9 / 11
حقوق الانسان


ما زال الوقت مبكرا للحديث عن حرية رأي في المغرب رغم ما يبدو عليه الأمر ظاهريا من خلال الدستور الجديد و النخب السياسية، و ما زلنا نتابع مأساة من يمارسون هذا الحق الإلهي الذي لا كرامة دونه و التجاوزات التي تقترف باسم العدالة في حقهم. و لم تمنع العناوين العريضة و التحركات الكثيرة و الخرجات الإعلامية المغردة بنشيد الصحوة الأخلاقية و دولة الحق و القانون، من تكرار الهزليات و تغيير منحى القانون دون مبالاة بالأعراف و الالتزامات. و هذا إن دل فيدل أن النظام لم يستسغ بعد حتميات المرحلة و ما أقره بإرادته في الدستور الجديد (الذي يبقى بدوره محل نقاش) من حقوق و حريات، و أن معظم الشعب المغربي ليس مؤهلا بعدُ لممارسة حقوقه، كذلك ليست نخبه السياسية مستعدة للنضال (لتفسخها داخليا) في سبيل القيم الإنسانية التي تشكل جوهر إنسانيتنا و دونها لا شيء.

أكبر تحد لا شك يواجه الدستور الجديد هو المؤسسات التي تسهر على تفعيله، و ما لم تقم بدورها بأمانة و إخلاص، سيصبح بمثابة وثيقة سقوط النظام و ما يجري في فلكه، لأنه مجموعة التزامات أقرها النظام على نفسه اتجاه الشعب و فشل في تحقيقها، و حسب المعطيات فلا مجال لفرصة ثانية أو عهد جديد لأن الشارع سيتأكد أن جوهر الإشكال ليس بالقوانين بل في المؤسسات التي ترعاها، لذا سيتحرك لتغيير الأخيرة و بالتالي نظاما لم يتكيف مع التغيير و يقف عائقا لكل حرية و حق و نهضة...

لذلك أظن أن الوقت حان لإعادة نظر النظام في طريقة تعامله مع الحقوق و الحريات و تركيز عمل المؤسسات على ضمان هذه الممارسات، و أقصد بالنظام المؤسسة الملكية التي تحكم و تسود و ليس حكومة (بنكيران) التي لا يجب تحميلها تراكمات مراحل و فشل أجيال. و أرى أن هذه المؤسسة أمام فرصة لن تتكرر لتبعث من جديد و تصالح التاريخ و الإنسان المغربيين، و برفضها ذلك على أرض الواقع و بعيدا عن الخطابات تُوقعُ صك الزوال، فارتفاع الفقر و مستويات الجريمة و تفشي الدعارة و البطالة بين الشباب و العديد من نقط الفشل التي ينسبها الشارع للنظام، لا تساهم في تزكية وجود المؤسسة الملكية أو تمديد عمرها. و الشارع عموما لن يستمر (في جميع الأحوال) في لعب دور المغفل الخاضع الخنوع، و سيسعى بقدرته الجماعية الكامنة و ذكائه المتوارث إلى توجيه البوصلة إلى المسار الصحيح و نحو الأفق الواعد، و لن يكون هذا الحراك سوى سيلٍ جماهيريِ لن تحدده حركات أو أحزاب لأنها جزء من الإشكال في الذهن الجمعي و ليس عنصرا في الحل.

و من السخف التبجح (في الوقت الراهن) بالاستثناء المغربي و التغني بمرحلة انتقالية جديدةٍ، لأن المنظومة الحالية تحمل نفس ملامح الدولة العميقة التي حكمتنا و تحكمنا منذ الاستقلال، و الحديث عن ذلك و الجهر به استهتار بالوعي الشعبي و ترسيخ لنظرة النظام الدونية إلى المواطنين.

في المقابل يبدو الوقت مناسبا لتغيير النظام و ترتيب البيت السياسي المتهالك و طمس معظم نخبه المتواطئة بقصد، إذا لاحظنا أن الأعذار التي قدمها النظام تبدو واهية للشارع الذي لن يتقبل أية مبررات أخرى للبقاء في أجواء ملوثة و مناخ فاسد، و إذا أراد النظام تغيير منهجيته و طمأنة الشارع عليه أن يحترم حرية الرأي أولا لأنها البداية و دونها لا شيء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين