الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام العربي والشراكة في الجرم !

علي شايع

2005 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


سينجو هذا العنوان من مقص الرقيب الإعلامي العربي،لأنه يُنشر في فضاء حرّ مدّ أمله بأتساع الرجاء الأعظم في المستقبل القريب..
نعم الآن بأمكاننا نشر بعض ما نريد،وليس كلّ ما نريد بالطبع..
نعم.. العدالة متعة الله وحده..
قالها شاعر فرنسي عتيد اسمه رامبو.. لا يعرفه ال.. رامبو الأمريكي المتغطرس..
فالعدالة لا يحققها مطلق الكاوبوي،مع اعتزازي الجميل بحرية العراق التي وهبتها لنا بعض الدماء الأمريكية الزكية..
العدالة قادمة..
الغد سيصل.. والعراق سيصل مكتملاً في أمله..
وستقولها حكومة قوية منصورة بالأغلبية،لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من فوقها..
ستقولها الحكومة للإعلام عربي ظلّ يهزأ عابثا من قلق "الانتقالي"..
يدفعني لقول هذا، فرحاً بما قرأته من خبر وثائق نشرتها مؤخرا منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان حول العالم (هيومن رايتس ووتش)... وفي تقرير من 36 صفحة صدر قبل أيام ، توثق هذه المنظمة فيه لعمليات الإعدام بدون محاكمة، وعمليات التعذيب، والاعتقالات الجماعية، وسلسلة من جرائم حقوق الإنسان التي اقترفها مسؤولو الحكومة العراقية السابقة وحزب البعث في جنوب العراق مطلع عام 1999..
ربما لا تضيف هذه الوثائق جديدا في المتداول العراقي غير انها توثق بشكل قاطع لتورط علي حسن المجيد في هذه السنة تحديدا بإقامة مجازر اثر التظاهرات العارمة في محافظات الجنوب بعد نبأ اغتيال السيد محمد صادق الصدر...
هل هذا ما جعلني سعيدا هذا اليوم؟..
ربما ولكن ثمة أشياء أخرى؛..فرحت بشكل كبير لمعلن ما قرأته وما سيسمعه العالم غدا من اعترافات وأدلة..
وفرحت أكثر بصيغة (الشامت!) بالإعلام العربي الذي حاول ويحاول ان يخفي بريق عظامنا بغربال من تضليل تعرّى زيفه سريعا..فثمة شركاء عرب في الجرم ،وفي المسكوت عنه، من أهوال تلك الأيام المريرة التي عانى فيها العراق الاعتقالات العشوائية والمقابر التي انتشرت بعبثية بعثية غير مسبوقة المثيل.أيامها كان الإعلام العربي شريك أساس في الجريمة الصدامية وهو يتغاضى عن الكثير.. بل بعد ان أتم النظام العراقي الجزء الأكبر من شراء الذمم ومعاهدات الكوبونات،وصفقات الصمت وهدنة الهجمات الإعلامية بينه وبين مصر والسعودية، بوساطة وزير الخارجية اليمني عبد القادر بو جمال الذي التقى الصحاف يومها وابرم معه الاتفاق..كان هذا مع بداية الشهر الثاني من عام 1999 ..
بعد ان تم له هذا ، وأكثر في تعاضد بعض الفضائيات والصحف ،وجد الفرصة المواتية لإنجاز جريمة كبيرة تمثلت في جزءها الأول اغتيال السيد محمد صادق الصدر ونجليه،وجزءها الأعمّ قمع الانتفاضة الشعبية التي ظهرت بوادرها في محافظات الجنوب بارتكاب سلسلة من المقابر الجماعية. وكان ما كان من صمت وتجاهل،بل أسهمت الصحافة العربية بالتضليل الكبير،ولاقت الآلام العراقية صمتا وتجاهلا رهيبا في كل العالم، وتجاوزتها الصحافة والأوساط السياسية العربية كعادتها في التعامل مع الشأن الذي يخص الشعب العراقي..
كان الإنسان العراقي وحيدا ومحاصرا في الداخل والخارج..واقتصرت الاحتجاجات والتظاهرات للتنديد بمقتل السيد الصدر وحملات الاعتقال والإعدام التي أعقبتها على مجاميع خرجت في إيران وسوريا وبعض دول أوربا.وكنت ممن خاطب الصحافة العربية. أذكر اني أرسلت رسالة الى صحيفة القدس العربي احتفظ بنصها الى اليوم،و لم استلم ردا عليها،وبفعل متابعتي لتجاوب الصحيفة مع ما كتبت من عدمه وجدتني في تلك الأيام اقرأ الصحيفة من البداية الى النهاية، وهي تجربة جعلتني اطلع بشكل كبير على مدى الزور والزيف في كل ما تنشره هذه الصحيفة،وليس الأمر بجديد عليهم، ولست ممن يعوّل بشكل شخصي على منجزهم،لكني وجدت في مخاطبة رئيس تحريرها محاولة لنقل رسائل أصدقاء خرجوا للتظاهر في مدينة لاهاي. فكتبت للسيد عطوان لرفع مذكرات احتجاجهم للمنظمات الدولية،ومن اجل إيصال صوت العراق الى العالم.

العرب أمة بلا أرشيف.. ستبدو جملتي هذه مفخخة، ولكن، اعتقد ان الكثير من القراء سيشاركونني الرأي ان قلت ان الإعلام العربي لا يصلح ان يقرأ بعد حين لأنه سيصبح مادة فكاهية بامتياز،وتلكم ميزة كبرى من ميزات الأعلام الكاذب والزائف.. وللبرهنة على كلامنا السابق لنتذكر معا تجربة الصحاف وتجارب زعيق وصراخ عربية كثيرة..وكشاهد عن ما ابتدأنا به الحديث سأورد مثالا من أرشيف الإعلام العربي الصحفي يكشف رخيص الذمم ومشتراها،وحجم التضليل الكبير في نقل صورة مغايرة عن الواقع العراقي في اعقد ظروف بلاده وأكثرها حاجة للناصر الإعلامي.ففي وقت نقلت إذاعة البي بي سي الأخبار عن إعدامات واعتقالات في الجنوب، واشتباكات مسلحة في مدينة الناصرية طيلة الأسبوع الأول لاغتيال السيد الصدر، نشرت صحيفة السيد عبد الباري عطوان في اليوم الثاني و في افتتاحيتها صباح 25-2-1999 صورة كبيرة لمجموعة تحمل صورا للديكتاتور وضعت تحتها العنوان: (عراقيون شيعة يهتفون للرئيس صدام حسين في مدينة الناصرية بالجنوب) *. ونسبت القدس العربي الصورة الى وكالة الأنباء رويترز،في حين كانت تلك الصورة تعود الى وقت يزيد على السنة وفي مناسبة أخرى ومكان مختلف!.
صحيفة القدس العربي لم تتطرق الى حادث اغتيال السيد الصدر بل تجاوزته وضللت عنه.وليس اشد قبحا من تبجح بعض الإعلاميين والصحفيين أيام أزمة النجف الأخيرة وهم يدعون نصرتهم للسيد مقتدى على اثر مساندتهم القديمة لوالده..
لكن المتابع سيذّكر تلك المواقف،ويفضح حرباويات الإعلام العربي الذي نقل وجهة نظر النظام كاملة عن مقتل السيد الصدر بكل ما تحمله من تبريرات حكومية.

العدالة قادمة.. ومحسوبة مواقفهم القديمة، وسيكون قريبا ذلك اليوم الذي تعلو الأصوات فيه لتقول لهم مليا؛أيضا..تأخير إحقاق العدالة بالتضليل عنها شراكة في الجرم.



----------------------------------------------

* الرابط أدناه يحمل نسخة من أرشيف الجريدة
http://www.alquds.co.uk:8080/archives/pdf/1999/02Feb/25%20Feb%20Thu/QudsPage01.pdf








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية