الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط

علي ابراهيم صافي

2012 / 9 / 11
الادب والفن


كان هناك ثقباً صغيراً لايكاد يرى ثقباً بحجم خرم الابرة. لكنه سرعان ماتحول الى فم واسع , فم أسود كبير وعميق تلفة ظلمة سحيقة . لم يرى فيها حتى باطن كفه . بدأ يهبط ببطء بعد ان زلت قدمة اليسرى وكاد يسقط ارضاً اذ انه سرعان ما اعاد توازنه وضن ان الامر قد انتهى. لكن قدمة غارت في هذا الثقب الاسود وبعدها بدأ جسمة كله يغور في ظلام ابدي . هو الاَن في الطريق الى الهاوية لكنة لايستطيع ان يتصور ذلك, اذ ان الهاوية كانت بالنسبة اليه شيئاً بعيداً وربما حتى ان الهاوية نفسها كانت عبارة عن وهم محكم يفيض بالظلام. لقد تجاهل الامر , تجاهل هذة النقطة السوداء على حد تعبيره تجاهلاً كبيراً اذ ضنها ندبة سوداء او حتى ربما ذرق فأر صغير (شله وزرب) هنا في هذا الجرم السماوي المترامي الاطراف. الواقع الان انه يهبط ببطء في هذة الهوة العميقة حفرة الظلام الهائلة هذة. أنا أراقبه , اَراه يهبط ببطء رغم الظلام, اذ انه يبدو امامي الان (ربي مثلما خلقتني) أراه يمر أمامي مثل صورة أشعة , اراة مثل سونار نادر. أسمع كلماتة , ارى أفكاره وخواطره , وهو لايزال يهبط ببطء في لجة هذا البحر. ماذا يدور في رأسه الان ياترى؟ , رغم اني أراه أمامي ينزل يهبط مثل قطرة زفت شديدة السواد, أرتأيت ان تشاركني عزيزي القارئ هذة التجربة تراه معي وهو يهبط ببطء في جوف الظلمة. وكذلك تعرف ماهو شعوره , اذن لنعود اليه , هو فقط من يستطيع ان يقنع الاَخرين , هو فقط من يحاول ان يلتقط كلماته من وسط هذا الظلام, ويعيدها الينا . المشكلة لربما انه يعتبر كل هذا نوع من المزاح الثقيل
(يمعود هسه اَنه بيا حال, وانته تريد مشاعر ومدري شنو)
أو في أحسن الاحوال يعتبرها سبقاً صحفياً اذ اننا ننقل لكم وعلى الهواء مباشرة هبوطه البطيء هذا وهو ينزل الى عمق الظلمة, هبوطه وهو يلبط مثل كَطان مزوهر يلبط في بحر الظلام يرمي بيديه ورجليه الى كل الجهات يرفس في جدران الظلام التي تحيطه, جدران الظلام التي تدنو منه , من روحه , تدنو شيئاً فشيئاً لتطبق عليه, في الظلام كل شئ يبدو بعيداً وسحيقاً, في الظلام الذي يلفه الان نزلت ستارة سوداء أمامه لتعلن نهاية فلمه , الفلم الذي كانه : حياته.
أنا بدوري أردت ان أرمي اليه ببعض الخيوط البيضاء التي هي كل حيلتي, وبدون تردد رميت بها اليه خيوطي البيضاء , التفت حول رقبته, هو بدوره حاول ان يلتقط رأس الخيط بلسانه , لسانة الذي تحول الى كتلة كبيرة من الصمغ . لكن كم هو بعيد هذا الخيط الابيض.
في الظلام يبدو كل شئ أسود.
ضحك بسره ( هاي شلون ورطه , شيدبرها ؟ وين الكَه راس الخيط)
الأمر بسيط ما عليك سوى أن تلظّمَ هذه الأبره.
(هو غير كون الظلام ينطينه فكَه)
هذة المرة وهو يهبط ببطء أدار وجهه الى جهة ما , كل الجهات في الظلام ظلام.
حتى أخرجه من كاَبته قلت له مازحاً:
(حتى الظلام هناك أجمل)
عندها فقط انتبه ولم يعد يسقط ببطء بل هوى مثل صخرة كبيرة الى الاسفل الى قاع الجحيم وهو يصرخ:
(يا ظلام ولك يا أجمل من خره بربك ....زين)
10.9.2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حكايتي على العربية | ألمانية تعزف العود وتغني لأم كلثوم وفير


.. نشرة الرابعة | ترقب لتشكيل الحكومة في الكويت.. وفنان العرب ي




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيب: أول قصيدة غنتها أم كل


.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: أول من أطلق إسم سوما




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: أغنية ياليلة العيد ال