الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة على هامش الحراك الفلسطيني في مواجهة الغلاء

عليان عليان

2012 / 9 / 11
القضية الفلسطينية



تساءل الكثيرون بشأن الحراك الشعبي الفلسطيني المتصاعد منذ أكثر من أسبوع ضد حكومة د.سلام فياض - التي يحملونها مسؤولية الغلاء المستحكم الذي طال سلعاً أساسية ، وبخاصة سلعة الوقود والطاقة بشكل عام - وعن سر تفجره على هذا النحو غير المسبوق في مختلف المدن الفلسطينية ، وبخاصةً في الخليل ورام الله وجنين ونابلس .
ورأت غالبية من جرى استطلاع رأيهم ، بأن الغلاء وعدم قدرة الدخول على الوفاء باحتياجاتهم المعيشية جراء السياسات الاقتصادية لحكومة الدكتور سلام فياض ، أدى إلى تراجع أولوية مقاومة الاحتلال والاستيطان إلى المرتبة الثانية.
لقد تنوعت التحليلات والإجابات بشأن أسباب الغلاء سواء تلك التي صدرت عن قيادات في السلطة الفلسطينية أو عن كتاب ومحللين سياسيين واقتصاديين، فقيادات السلطة ربطت الأزمة الاقتصادية ومظهرها الرئيسي متمثلاً في الغلاء الفاحش - الذي لا تقوى دخول الطبقة المتوسطة والعمال على تحمله – ربطتها بأربعة عوامل هي: ( أولاً ) استمرار الاحتلال ( وثانياً ) عدم انتظام الدفع من قبل الدول المانحة ونقص المساعدات الخارجية التي تشكل ثلثي ميزانيتها ما أدى إلى عجز في الموازنة العامة للسلطة ، وصل إلى أكثر من مليار دولار ( وثالثاً ) بروتوكول باريس الاقتصادي ( ورابعاً ) الانقسام الفلسطيني.
وقد صدر عن مصدر في السلطة الفلسطينية تصريح جريء لم يجر تكراره لاحقاً ، في أن أحد الأسباب الرئيسية للازمة الاقتصادية هو أن بعض الدول العربية المانحة- دون أن يذكر اسمها – تمارس ضغوطاً على السلطة للعودة للمفاوضات ، وفقاً للشروط الأميركية وتريد معاقبتها جراء إصرارها على الذهاب للجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل حصول فلسطين على صفة " دولة غير عضو " في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أما المحللون السياسيون والاقتصاديون فقد تباينت تحليلاتهم للغلاء والأزمة عموماً ، ففي حين وافق البعض على قراءة السلطة للأزمة ذهب البعض الآخر إلى تفسير الحراك الشعبي غير المسبوق بشأن القضايا الاقتصادية ، بأنه عائد للارتفاع الجنوني في الأسعار وإصرار حكومة سلام فياض على رفع الضرائب لحل مشكلة العجز في الموازنة .
بينما ذهب فريق ثالث إلى تحميل كل المسؤولية للاحتلال مشيرين إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة في مناطق السلطة الفلسطينية عائد لإقدام حكومة العدو نفسها على رفع ثمن الطاقة في ( إسرائيل ) بنسبة ( 1 ) في المائة ، وهو ما انتقل مباشرةً للاقتصاد الفلسطيني نتيجةً للارتباط التبعي الوثيق للاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي وفق بروتوكول باريس ، خاصةً وأن السلطة الفلسطينية تستورد كامل الوقود من الكيان الصهيوني ، وفقاً لهذا البروتوكول الذي سبق وأن فاوض بشأنه مع الإسرائيليين أحمد قريع ( أبو العلاء ) عام 1994 .
لا يختلف أحد مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أو رئيس وزرائه سلام فياض بشأن تحميل الاحتلال المسؤولية الرئيسية عن الأزمة لأن الاحتلال يتحكم بحصيلة الضرائب والجمارك التي تشكل نسبةً عالية من موازنة السلطة ، ولأن 60 في المائة من الأراضي الفلسطينية لا يمكن استثمارها جراء الاحتلال والاستيطان – على حد تعبير الرئيس وهي نسبة صحيحة جداً - وأن الاحتلال يقوم باستغلال الموارد الفلسطينية ، ومن ثم يقوم ببيعها لأصحابها الشرعيين بأسعار مضاعفة.
لا يختلف أحد مع الرئيس ومع فياض حيال ما تقدم ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا : ألم يدرك الذين وقعوا على اتفاقات أوسلو بأن الحكم الذاتي من منظور الاحتلال الذي جاهرت به قيادات العدو ومن منظور النصوص الأوسلوية ، هو حكم على الشعب دونما الأرض ؟ وأن العدو الصهيوني طبق ذلك حرفياً منذ اللحظة الأولى لقيام السلطة الفلسطينية عبر ما يلي:
( أولاً )الاستيلاء على أحواض المياه الرئيسية في الضفة الغربية " البادان وكفر لاقف وتقوع " وغيرها، وعدم السماح للفلسطينيين بحفر الآبار الارتوازية سواء لأغراض الزراعة أو للشرب والاستخدام المنزلي.
( وثانياً) عبر الاستيطان وإقامة الشوارع الالتفافية خاصةً وأن بند الاستيطان في اتفاقات أوسلو ، لم يتم الاحتكام بشأنه لقرارات مجلس الأمن التي تعتبر الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس باطلاً وغير شرعي ( وثالثاً ) عبر جدار الفصل العنصري الذي يتلوى في الضفة الغربية ملتهماً مساحات واسعة من أراضيها.
وألم يدرك كل من له دراية بألف باء الاقتصاد والاتفاقات الاقتصادية بأن بروتوكول باريس الاقتصادي ، الذي اشتمل على الغلاف الجمركي أي حرية انتقال الأفراد والبضائع ما بين ( إسرائيل ) والسلطة الفلسطينية ، جعل من اقتصاد الضفة الغربية مجرد تابع للاقتصاد الإسرائيلي وخاضع لكافة ميكانزماته ، حين وضع مفتاح جمع الضرائب بيد الاحتلال ، بحيث بات يستخدمها للضغط على السلطة في قضايا المفاوضات والعملية السياسية عموماً ، بعد أن يحصل على حصته منها !! علماً أن الضرائب والرسوم الجمركية التي تجبيها ( إسرائيل ) من الفلسطينيين من المنافذ الجمركية تشكل ما يزيد عن ثلث الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية.
إن أدنى قراءة للبروتوكول سيء الذكر تصيب بالغثيان وهو يرى مفرداته تتحكم بالمياه والطاقة ، وماذا يجب أن نزرع وما لا نزرع وتتحكم حتى بتربية البط والدواجن ؟! والسؤال هنا : لماذا السكوت على هذا البروتوكول المذل للعباد ثمانية عشر عاما ؟ رغم أن مدة سريانه وفقاً للنصوص خمس سنوات فقط ؟!
وعلى رئيس الوزراء د. سلام فياض أن يجيب على بعض الأسئلة التشكيكية من قبل المستويات المهنية للمتابعين ، ومن قبل المستويات الداخلية لحركة فتح – والتي حفلت بها بعض المواقع الالكترونية الفلسطينية – والتي ترى أن فياض يستخدم سلاح المال في صراعاته الداخلية والسياسية.
كما أن عليه أن يجيب على الدراسات والأسئلة التي تشكك في وجود أزمة مالية ، والتي يطرحها بعض الباحثين ، بالاستناد إلى العديد من المعطيات من بينها:
أولاً: زيادة الضرائب على الكثير من السلع والخدمات ، في حين لم يتم رفع رواتب الموظفين بشكل مطلق.
ثانياً: تحسن المدخولات الضريبية للسلطة نتيجة عدة عوامل من بينها عودة الأيادي العاملة داخل الكيان الصهيوني ، وهو ما يعود على السلطة بمنفعة مزدوجة ، من بينها حصول السلطة على ضرائب عن العمال الذين يعملون ضمن تصاريح عمل داخل الكيان الصهيوني بالإضافة إلى زيادة القوة الشرائية للمواطن من فئة العمال ، وهو ما أدى إلى زيادة الاستهلاك وزيادة كمية الضرائب المأخوذة من المستوردين.
ثالثاً: أن السلطة لا تقوم بأية نفقات خدماتية على المباني الحكومية والمدارس وتعبيد الشوارع وتأهيل شبكات الماء والكهرباء في الضفة الغربية كونها منح من الدول العربية والدول الغربية.
رابعاً: خفض عمليات التوظيف في الضفة والقطاع بشكل كبير ما خفف إلى حد كبير النفقات التشغيلية للسلطة.
هذه المعطيات- لا يمكن تجاهلها – وقد تطرح " سؤال الفساد " في حال ثبوتها كأحد عوامل الأزمة الاقتصادية في مناطق السلطة الفلسطينية ، لكن هذه المعطيات وغيرها يجب أن لا تنف بأي حال من الأحوال حقيقة أن الاحتلال هو السبب الرئيسي للأزمة الاقتصادية الفلسطينية ، وأن الاقتصاد الفلسطيني لن يتعاف إلا بزوال الاحتلال.
كما أنه يتوجب على حكومة الدكتور سلام فياض أن تجيب على سؤال التسهيلات المالية الإقراضية للموظفين من قبل البنوك التي تمنحهم أضعاف أضعاف رواتبهم ، على أن يتم تسديدها خلال 72 شهراً ما يعني أن أولوية الموظفين على مدار ست سنوات هي تسديد هذه القروض بحيث تتراجع قضية مقاومة الاحتلال عندهم ويصبح جل همهم في الليل والنهار سداد هذه القروض ، التي تستهلك نسبةً عالية من رواتبهم.
وفي مجال البحث عن الحلول تم حتى اللحظة ما يلي :
1- أصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قراراً بتشكيل لجنة وزارية مختصة مهمتها اللقاء مع الفعاليات الاقتصادية والقطاع الخاص مهمتها البحث عن حلول تخفف من وطأة الأزمة الاقتصادية ، وهي خطوة نظرية في الاتجاه الصحيح تحتاج إلى تفعيل وتطبيق عملي.
كما أوعز أبو مازن للمسؤول عن ملف الشؤون المدنية حسين الشيخ بالاتصال بوزارة الحرب الإسرائيلية من أجل إعادة التفاوض على بروتوكول باريس بغية تعديل بعض بنوده .
وكان رد نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون بالرفض حيث صرح للإذاعة العبرية أمس الأول بما يلي : " لا مجال لتعديل البروتوكول ما دامت العملية السياسية تراوح مكانها ، معتبراً أن الاتفاقات الاقتصادية مع الجانب الفلسطيني مرتبطة ارتباطاً عضوياً بالاتفاقات السياسية ، التي كانت ستوقع بين تل أبيب ورام الله إلا أنها لم توقع بسبب مواقف الأخيرة – حسب مزاعمه الكاذبة –
ما تقدم يستدعي من قيادة منظمة التحرير والسلطة أن تتخذ قراراً سيادياً بغض النظر عن كلفه بإلغاء اتفاقات أوسلو وما تفرع عنها مثل برتوكول باريس المذل ، وأن تعمل على إلغاء التنسيق الأمني مع الاحتلال ، وان تعيد الاعتبار لمختلف أشكال المقاومة.
2- طروحات من وزراء في السلطة ومن فعاليات اقتصادية بضرورة تنويع مصادر الحصول على الطاقة ، وعدم قصر استيرادها من الجانب الإسرائيلي ، ولكن هذا الطرح على أهميته يحتاج من قيادة المنظمة والسلطة إلى قرارات سيادية وآليات لتطبيقه ، وعلى رأس هذه القرارات استخدام أوراق الضغط المطلوبة التي هي بحوزتها لوضعها موضع التطبيق.
وبالإضافة لما تقدم من حلول لا بد من ما يلي:
أولاً : تجميد ووقف الارتفاعات الجديدة في الأسعار والضرائب فوراً .
ثانياً: إعادة فتح ملف الفساد والفاسدين، لاسترداد الأموال المنهوبة التي سبق أن كشف عنها النائب العام أحمد المغني بالاسم وبالكمية حيث أن استردادها يحل نسبياً العجز في الموازنة ، ويخفف من وطأة الضرائب.
ثالثاً: كشف وفضح الدول العربية المانحة التي لم تف بالالتزامات المالية التي ترتبت عليها في سرت وشرم الشيخ والتي تقدر بمئات الملايين من الدولارات ، خاصة وأن هذه الدول باتت عملياً تربط مساعداتها للسلطة بالرضوخ للمطالب والاشتراطات الأميركية ممثلةًبالعودة غير المشروطة للمفاوضات ، وبعدم الذهاب للأمم المتحدة بهدف الحصول على صفة " دولة غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
رابعاً: التوقف عن تنفيذ إملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين التي ألحقت أكبر الضرر بالدول المستقلة ، فما بالك بالضرر الناجم عنها حيال سلطة قائمة على أراضي محتلة.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عزوف واسع عن التصويت في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية ال


.. من وراء تسريب بيانات ملايين السوريين في تركيا؟




.. وزارة الداخلية الإيرانية: نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاس


.. نافذة خاصة من إيران ترصد جولة الحسم من الانتخابات الرئاسية




.. تسريب بيانات 3 ملايين لاجئ سوري في تركيا.. والمتورط في الواق