الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقة الجدلية بين رقبة مرسي العياط وسفك دماء الشعب السوري

خليل خوري

2012 / 9 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي




في سياق كلمته التي القاها في مؤتمر دول عدم الانحياز الذي عقد قبل ايام في العاصمة الايرانية طهران تطرق الرئيس الاخواني لمصر مرسي العياط باستفاضة الى الاوضاع الماساوية السائدة على الساحة السورية ، وحمل بشدة على الرئيس السوري بشار الاسد محملا النظام السوري مسئيولية المجازر التي يتعرض لها الشعب السوري ، كما انه تمشيا مع موضة ترحيل الزعماء العرب التي تروج لها الادارة الاميركية بدافع حرصها المزعوم على حرية الشعوب العربية ، فقد دعا العياط الرئيس بشار الاستجابة الى مطالب الشعب السوري وفي مقدمتها رحيله عن سدة الحكم بعد ان سفك كثير ا من دماء هذا الشعب المقهور والمقموع. وفاجأ العياط اعضاء المؤتمر قائلا بلهجة متهدجة شابها الكثير من التاثر : ان سفك دماء الشعب السوري في رقبتي ورقابنا جميعا . وبدا كلام العياط لاول وهلة وكأنه يحلف برقبته تاكيدا لنزعته الانسانية ولرغبته في بذل كافة المساعي الدبلوماسية وصولا الى حل سلمي للازمة السورية ولكنه في جمل لاحقة افصح عن المقصود من توظيف رقبته حيث اكد تاييده للثورة السورية المزعومة متعهدا بتقديم كافة اشكال الدعم الكفيلة بتحقيق الاهداف التي ثار من اجلها الشعب السوري . ولم يلبث العياط في مؤتمر وزراء الخارجية الذي عقد في جامعة الدول العربية بعد اسبوع من مؤتمر عدم الانحياز لمناقشة الوضع السوري واتخاذ التدابير اللازمة لوقف سفك دماء الشعب السوري لم يلبث العياط ان جدد تاييده المطلق للثورة السورية عارضا رقبته الغليظة مرة اخرى من اجل وقف شلال الدم في سورية داعيا الاشقاء العرب ان يحذو حذوه في وضع دماء الشعب السوري " في رقابهم ".
كأي مبادرة سياسية تحظى بالرفض والقبول لم تلاق مبادرة العياط " الرقبية " استجابة من جانب غالبية اعضاء دول عدم الانحياز لان المبادرة ولو كانت ف شكل رقبة مثقلة بدماء الابرياء تتعارض مع ميثاق عدم الانحياز وتشكل انحيازا لاحد اطراف الصراع ويتمثل ذلك في الحالة السورية بالانحياز للجماعات الاسلامية المسلحة ضد طرف اخر هو الجيش النظامي السوري ، ولم يشذ عن الغالبية الا بعض مشايخ النفط والغاز امثال حاكما مشيختي السعودية وقطر الذين كانا سباقين على العياط في الدفاع عن المتظاهرين السلميين بتمويل ما يسمى بالجيش السوري الحر، وتزويده بالسلاح والمرتزقة، فضلا عن تقديم دعم مماثل للجماعات الاسلامية المسلحة التابعة لتنظيمات جماعة الاخوان المسلمين والسلفيين وتنظيم القاعدة ولا حاجة تبعا لذلك ان يوظفوا المبادرة العياطية بحذافيرها والى حد توظيف رقابهم من اجل وقف سفك دماء الشعب السوري . وعلى النقيض من موقف الدول المشاركة في مؤتمر دول عدم الانحياز فقد حظيت المبادرة العياطية بتاييد اغلب وزراء الخارجية العرب وبادروا بالاستجابة لها باتخاذ قرار بوقف بث القنوات السورية عبر اقمار عرب سات ونايل سات التي يتم تشغيلها والتحكم بمفاتيح بثها من خلال محطات مراقبة وتشغيل موجودة على الاراضي المصري ، لم يلبث العياط ان اصدر تعليمات لوزارتي الاتصالات والداخلية مشددا فيها على وقف بث القنوات السورية ، داعيا في نفس الوقت "اخيه " في الجماعة خيرت الشاطر الى تعزيز القدرات القتالية لتشكيلات الاخوان المسلمين المسلحة على الساحة السورية مثل لواء التوحيد وكتائب الفاروق والقعقاع واحباب الرسول الاعظم وابو بكر الصديق والفرقان والزبير وغيرها بارسال دفعة جديدة من "مجاهدي" اخونجية وسلفيي مصر .
تفرّد مرسي العياط عن سائر الزعماء العرب والاجانب وتميزه في طرح "مبادرة رقبية " لا تمت بصلة بأي بحل توفيقي وسلمي اوبحل لاغالب ومغلوب للازمة السورية لكونها على ما يبدو مبادرة تاريخية عفا عليها الزمن وكان معمولا بها فى حروب مثل حرب داحس والغبراء والفتنة الكبرى وحيث كان جز الرقاب بالسيوف هو الوسيلة الكفيلة بحل النزاعات، تفرّد العياط يثير التساؤل التالي : ما دام العياط قد التزم بتحميل رقبته الغليظة
دماء الشعب السوري فلا بد ان تكون لهذه الرقبة ايضا علاقة جدلية بدماء المظلومين والمستعبدين الذين ثاروا بدورهم ضد الانظمة الاستبدادية والدول الاستعمارية في مناطق اخرى من العالم غير الساحة السوري ، وبعبارات اكثر وضوحا : لماذا لا يبدي العياط حماسا وتعاطفا مماثلا مع ثورة الشعب البحريني ضد النظام الملكي الوراثي الاستبدادي الفاسد والمناهض للديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والذي لا يعترف بالشعب مصدرا للسلطات والصلاحيات ، خلافا للدستور السوري الذي يؤكد على هذه المسالة ؟ ولماذا لا يطرح العياط مبادرة رقبية لوقف سفك دماء الثوار البحرانيين برصاص اجهزة الامن التابعة للنظام وايضا برصاص الجنود السعوديين الذين زج بهم خادم الحرمين الشريفين من اجل حماية النظام الملكي وفي نفس الوقت من اجل اجهاض الحراك الشعبي البحراني لمجرد ان المشاركون في الحراك يطالبون بتحقيق اصلاحات سياسية واجتماعية تحد من الفوارق الطبقية وتضع ضوابط وقيود على الحكم الملكي المطلق . الا يستحق الشعب البحراني ومثله الشعب العربي في نجد والحجاز الذي اطلق حراك شعبيا في منطقة القطيف ضد النظام الاستبدادي السعودى الذي لا يحتكر السلطة فحسب بل يستحوذ الى جانب ذلك على الجزء الاكبر من عوائد مبيعات النفط والسياحة الدينية وحيث تصل عوائد النفط يوميا الى 880 مليون دولار الا يستحق الشعب المقهور في هذين القطرين العربيين مبادرة رقبية من العياط ؟ اليس مثيرا للدهشة والاستغراب ان يخصص العياط رقبته من اجل رفع الظلم عن الشعب السوري ويحجم في نفس الوقت عن طرح مبادرة رقبية تساهم في تخفيف وطأة الظلم والاستبداد الملكي الجاثم على صدور 15 مليون مواطن سعودي ، حرمهم النظام بوسائل القمع المختلفة من حقهم في ممارسة ابسط الحقوق الديمقراطية التي يتمتع بها الفرد في اكثر الدول تخلفا من الناحيتين الحضارية والاقتصادية ، مثل حقهم في التعبير والاجتماع والتنظيم ضمن اطر نقابية وحزبية ومنظمات مجتمع مدني وتعاونيات ‘ مثلما حرمهم من انتخاب برلمان كى يقوم كأي برلمان في العالم بمهام الرقابة على السلطة التنفيذية ومحاسبتها على ادائها ، واصدار التشريعات الناظمة للمجتمع ؟ واخيرا لماذا يكتفي العياط بالاعلان عن وقوفه ومساندته للمطالب العادلة للشعب الفلسطيني المتمثلة بانسحاب اسرائيل من الاراضي الفلسطينية المحتلة الى حدودها القائمة قبل الخامس من حزيران سنة 67 ،وباقامة الدولة الفلسطينية عليها ، وبان تكون القدس الشريف عاصمة لها ؟ فهل يمكن للشعب الفلسطيني ان ينجز مهام التحرر الوطني وان ينتزعها من عدو متغطرس ومتفوق عليه في كافة المجالات اعتمادا على قدراته الذاتية المحدودة وعلى التصريحات الطنانة للعياط ؟ ولماذا يرسل مرسي العياط بالاف المجاهدين من تنظيمات الاخوان والسلفيين المصريين الى الساحة السورية بهدف تعزيز القدرات القتالية للجيش السوري الحر ولتمكينه من خوض معارك متكافئة مع الجيش النظامي السوري تؤدي الى استنزافه ‘ وكان اخر هذه المعارك ان مجموعة كبيرة من "مجاهدي "الاخوان المسلمين والسلفيين قد تمكنت من السيطرة على موقع مراقبة للجيش السورى لا يبعد الا بضعة امتار عن مواقع العدو الاسرائيلي في هضبة الجولان وتدميره بعد الاستيلاء على كافة الاسلحة واجهزة الرقابة والتنصت الموجودة فيه وقتل 17 جنديا وضابطا كانوا مكلفين بمراقبة تحركات الجنود الاسرائليين ، وقد انجزت هذه العصابة المسلحة مهمتها الاجرامية وهي تطلق صيحات التكبير ، ولماذا يحجم مرسي العياط في نفس الوقت عن ارسال مجاهديه الى المناطق الفسلسطينىة والسورية المحتلة من اجل مقارعة الاحتلال الصهيوني ؟ الا يدل موقفه الاخير على تمسكه باتفاقية كامب دافيد وعلى تناغمه مع توجهات الادارة الاميركية في حماية امن اسرائيل ؟ وهل يعقل بالعياط الذي يلهث وراء المساعدات الاميركية ويسعى جاهدا للحصول على قرض قيمته 4،5 مليار دولار من البنك الدولى الربوي ان يرسل مجاهديه لمقارعة العدو الصهيوني بدلا من ارسالهم من اجل الجهاد على الساحة السورية وهو يدرك ان ردود الفعل الاميركية لن تكون اقل من حجب المساعدات الاميركية عن الخزينة المصرية وقرض البنك الدولى الذي يستعجل العياط الحصول علية من اجل سداد رواتب ا العاملين في الاجهزة المدنية والعسكرية للدولة وتغطية النفقات الجارية الاخرى للخزينة .
منذ اختطاف الثورة الشعبية السورية من جانب الجماعات الاخوانية والسلفية والقاعدية المسلحة وحرفها عن مسارها من ثورة شعبية هدفها تحقيق اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية تصب في خدمة الشرائح المنتجة والكادحة من الشعب السوري الى ثورة وهابية طالبانية مضادة من اهدافها اقامة امارة اسلامية في سوريا مماثلة للامارات التي كانت قائمة في الحقبة الرعوية البدوية ، منذ ذلك الوقت ازدادت وتيرة العنف وارتفع عدد الضحايا من المدنيين والعسكريين السوريين كما تعاظمت خسائر سوريا في مرافقها الخدمية والانتاجية الى مستويات لم تصل اليها حتى في كافة حروب سوريا مع العدو الاسرائيلي ولهذا لن يتوقف نزيف الدم السوري ما لم يتوقف العياط ومعه التنظيم الدولي لجماعة الاخوان المسلمين من ارسال " مجاهديهم
الى الساحة السورية ، ولا احسب اخوانيا مثل العياط سيكف عن الحاق الاذى بالشعب السوري الا اذا بادر احرار مصر الى "قصف" رقبته قبل ان يقصف رقاب الالاف من الابرياء السوريين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح