الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضية ميشال سماحة: نحو مقاربة سياسية بعيدا عن قانون الطرابيش في لبنان

حسن عماشا

2012 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


أحد أقدم وأبرز الأمثال في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تتصل بالسياسية: "إسرق رغيف خبز تقضي ليلتك في السجن، وإسرق سكة قطار تصبح عضوا في الكونغرس".
في لبنان منذ إنشائه ككيان سياسي سمي تعسفا دولة، كان القانون فيه سيف يسلط على رقاب من ليس لهم سند. أردت بهذه المقدمة ان أشير الى انه حتى في الدول المتقدمة لا يشكل القانون مدخلا لمقاربة أية قضية ذات طابع سياسي او وطني. وان كان القانون باب من ابواب المشروعية السياسية التكتيكية.
من هنا لا بد من وضع قضية الوزير والنائب السابق ميشال سماحة في السياق الطبيعي لها والذي يرتبط ارتباطا عضويا في جوهر الصراع الوطني - القومي.
ليس خفيا على من يفقه ألف باء علم السياسة والاجتماع، ان يدرك حقيقة وجوهر الصراع في لبنان المنقسم ومنذ تأسيس الكيان بين اصطفافين: الأول اعتبر ان تشكيل هذا الكيان يمثل له الحصة من تركة الامبراطورية العثمانية نظير الخدمات التي قدمها للإستعمار الفرنسي والدور الذي لعبه ولا زال يلعبه في ديمومة التحكم بمستقبل وتطور المنطقة من قبل المستعمر بعد ان اضطر مكرها الى الخروج منها تحت وطأت المقاومة الشعبية من جهة والتحولات العالمية التي قضت برفض الاستعمار المباشر وأقرت للأمم حق تقرير مصيرها من جهة اخرى.
والاصطفاف الثاني: تشكل من قوى وفعاليات اجتماعية رفضت الاحتلال وقاومته بأشكال مختلفة تنوعت بتنوع التشكيلات الاجتماعية وخلفياتها الثقافية، واتحدت في موقفها على رفض الاستعمار والاحتلال دون أن ترقى الى مستوى النضج السياسي بإدراك الأبعاد والأشكال الجديدة للإستعمار والتكيف مع الخطوط التي رسمها. وبقيت في اطار رد الفعل والمواجهة مع الوجود المباشر للإحتلال,
رغم مرور الزمن لا يزال الانقسام عينه، تغير المستعمر شكلا ومضمونا ومركزا وظل الوكلاء هم انفسهم بورثتهم بالدم يشكلون العصب الرئيسي في الاصطفافين. وإذا ما دخلت الى أي من الاصطفافين عناصر جديدة لا تربطها رابطة الدم فأنها تنتمي الى المدارس نفسها والتجديد الشكلي في الخطاب العام ما هو الا تكيف مع اللغة الجديدة التي تلائم اللغة العالمية الدولية.
بعد حرب اهلية دامت 15 عاما 1975/1990 خرج في لبنان نخبة سياسية ثقافية كاسرة للتقاليد الموروثة في الفكر والسياسة، فوسعت مداركها ومعارفها لتحيط بالصيرورات الدولية وادركت المسارات الواجب اتباعها للإرتقاء في مجتمعاتها الى مصاف الدول المتقدمة. وكونت لنفسها - وإن بشكل متفاوت- العمق التاريخي لهويتها وانتمائها الحضاري. الا انها لم ترتقِ الى التوحد في اطار مؤسساتي اجتماعي لتشكل الحركة السياسية التي تمكنها من ادارة صراعها في الداخل والخارج. وهذا ليس لنقص في ادراكها او ارادتها انما هو نتيجة لواقع موضوعي تاريخي حيث لا زلت الكتل الاجتماعية في طور العلاقات البطريركية الأبوية. والتي حرص الاستعمار على ديمومتها وتغذيتها عبر منع الاستقلال في التنمية والتطور الاقتصادي الذين يشكلان القاعدة الأساسية في تكوين علاقات متقدمة اجتماعيا تتجاوز العلاقات العشائرية الطائفية.
قلة من هؤلاء ادركت ان العقدة الرئيسية لتحقيق السيادة الوطنية والقومية تكمن في ازالة الكيان الاستعماري الاستيطاني الصهيوني من المنطقة. ومن هذه القلة كان ميشال سماحة واحدا من اكثر الرموز تماهيا وانسجاما مع هذه القناعة عبّر عنها في انحيازه المطلق للمقاومة متجاوزا كل التهديدات ورافضا لكل الاغراءات التي تعيده الى نوادي الاصطفاف المتماشي مع الخطوط المرسومة من قبل الاستعمار والتقيد بمقتضياتها وطنيا وقوميا. وكان السباق ايضا في حربه على الثقافة الكيانية السائدة في بيئته المسيحية من جهة وفضحه تسللها الى البيئة الاسلامية مع بدايات تشكل الظاهرة الحريرية.
خيط رفيع يربط ميشال سماحة مع شريحة تجمع فيما بينها منطلقات ومفاهيم لم تتبلور كخط سياسي وطني ولا زالت حتى الآن في طور الرؤية، تختلف بين مكوناتها الأساليب والأدوات التي تحقق فيها غايتها في بناء الدولة الوطنية. كما تختلف درجة الفعل والاستعداد للمبادرة، منها من هو منخرط في تشكيلات الحركة السياسية ومنها من هو يتحرك بشكل فردي مراهنا على التأثير بالقوى الفاعلة الأكثر تقدما وتقاطعا مع أهدافه.
بحيث يمكننا ان نلحظ وجود ظاهرة سياسية اجتماعية قيد التكوين تختلف جوهريا عن البنى السياسية الاجتماعية السائدة في لبنان وهي تعبر عن هموم وهواجس شريحة واسعة من الجمع اللبناني عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق، وهي من حيث سعة قاعدتها الاجتماعية اكبر بكثير من كبريات الطوائف. غير ان عدم تأطرها ناتج عن غياب المنظومة السياسية التي تعبر عنها . وهذه القاعدة لا تجد الأداة المؤهلة في الاطر القائمة والتي ترفع شعارات وطنية لتنتظم في صفوفها باعتبار انها أسيرة للشعارات ولم تفلح في تقديم نموذج عملي يتعدى دور الندب السياسي والشعاراتية العاجزة عن تقديم حلا لأية معضلة من معضلات العمل السياسي.
ففي كل مرة يحتدم فيها التناقض الداخلي ويصل الى حد الذروة وتفتقر القوى السياسية عن فرض خياراتها بفعل التوازنات الداخلية كانت تبرز الضرورة الى تكوين خيارات بديلة تخرج بلبنان من الحلقة المفرغة وتبدأ تباشير نشاط وطني لرموز معينة كان الراصد الاستعماري على تنوعه يبادر عبر اعمال مخابراتية الى قطع الطريق امامها عبر اساليب وادوات متعددة تبدأ بالرشوة والترغيب مرورا بالترهيب والابعاد عن ساحة العمل الوطني.ولا تنتهي بالاغتيال الجسدي.
في هذا السياق يجب النظر في قضية ميشال سماحة باعتباره أحد ابرز الأعمدة التي تشكل محط الرهان في تكوين حركة سياسية من نوع مختلف مع ملاحظة أسلوب جديد حيث يتم الاستدراج والتوريط من قبل جهاز أمني مخابراتي معروف الولاء والتبعية. في ظل تعقيدات التداخل بين أبعاد الصراع الطبقي – الوطني – القومي.
ما يستدعي المبادرة الى تكوين الاطار السياسي من قبل جميع الرموز والشخصيات الوطنية العابرة للطوائف والمذاهب حتى لا تبقى هذه الرموز في واقع يسهل الاستفراد بها والنيل منها باشكال وأساليب مختلفة. دون الرهان والركون الى قوى هي أسيرة الاعتبارات الطائفية والمذهبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ميشال سماحة
حسن الحسين ( 2012 / 9 / 11 - 17:37 )
قابلت بالأمس أحدهم يعمل في الدعارة وتهريب المخدرات قال لي بأن سماحة من الرموز الوطنية الكبيرة حتى لو نقل متفجرات يستخدمها لتحقيق أغراضه السياسية

اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم