الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا للمساعدات الإنسانية في سوريا

كرم يوسف

2012 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


لا يمكن على وجه الدقة، تقدير حجم المساعدات الإنسانية والإغاثية والغذائية المقدمة للشعب السوري، سواء من المحيط الإقليمي أو الدولي أو من السوريين أنفسهم، خارج الحدود أو داخلها، وذلك منذ أولى المساعدات إلى هذا اليوم الذي نحن فيه، ولكن، مايحتلف منذ تاريخ أولى المساعدات الدولية وإلى الآن، هو غايتها، إذ أن غايتها في بداية الثورة يمكن وصفها، بأنها كانت لأبعاد إنسانية، إذ كانت التوقعات لا تصب مطلقاً في خانة استمرار طاغية دمشق بالحكم واستمرار المساعدات، فأمكن تصور أن هذه المساعدات لن تطول، لأن الحاكم لن يستمر في طغيانه، وأنها من حق السوريين كباقي الشعوب التي تشهد بلدانها ثورات شعبية، سواء بهذا الحد أو بأكثر منه، وتتلقى المساعدات، مع أنه الأجدى في كل حالات المساعدات الإنسانية، عدا تلك التي تكون نتائج لكوارث طبيعية، استئصال الورم، لا تضييع الوقت بمواساة المريض.
يحق لقارئ مجريات الثورة في سوريا أن يتساءل حول غاية المساعدات المقدمة للسوريين، والتي لا شك بلغت أرقاماً هائلة، في ما لو أنها قدمت لا لإسكات جوعهم، بل للقضاء على من يقتلهم ويجوِّعهم، لما كان الحال قد وصل إلى هذه المآلات من الأرقام المأساوية في التذبيح اليومي.
من المؤكد ،أن هذه المساعدات بمختلف أشكالها لا تصب إطلاقاً في خدمة الشعب السوري، مهما بلغت من أحجام، فأية خدمة من الممكن أن ترتجى من إطعام شخص قبل أن يذبح؟ ترى هل الغاية: ألا يقتل السوري جائعاً؟، لأن الأجدى دائماً، هو رفع السكين عن رقبة من سيذبح، لا أي شيء سواه، هذه المساعدات يمكن أن توصف الآن وبحسب كل المعطيات بأنها محاولة تبييض صفحة من يقدمها أمام الرأي العام السوري والدولي في انتظار لحظتهم المنتظرة للتدخل بعد تفتيت سوريا، و نسيجها وبنيتها التحتية، لئلا تصحو هذه البلاد من غيبوبة الحرب لعقود كثيرة.
لقد كان السوريون على مر العقود التي حكم فيها الأسدان: الأب والابن، هذه البلاد، متشوقين لأية إدانة لحكمهما من قبل أي دولة كانت، وبأي ثقل كان، متوقعين أن هذه الإدانات سوف تقصم ظهر حاكمهم، وتجبره على الإصلاح والديمقراطية، ومن ثم زواله، فهذا الشيء هو الوحيد الذي أمكن توقعه من دول لا تناصب هذين الحاكمين بـأمرالاستبداد إلا العداء، وعلى رأسها أميركا، كما كان واضحاً، لا كماهي حقيقة المعطيات. وبطبيعة الحال، فإن الأسدين ماكانا ليسمحان لأي تشويه بسمعتهما، حتى ولو كان من قبل منظمة حقوقية دولية، وليس من قبل دول، وكانا يسعيان جاهدين لاستخدام كل وسائل ضغطهما لأي خبر أو معلومة تعري واقع حال الشعب الرازخ تحت جحيمهما، منذ الحركة الانقلابية التي قام بها الأسد الأب في 16 تشرين الأول1970 ،والتي سميت بالحركة التصحيحية. وسائل ضغط الأسدين ما كانت لتوفر أية جهة إعلامية في طريقها في تعتيم الواقع السوري، حيث مارس الأسدان كل ما أوتيا به من قوة ونفوذ، للضغط على أية جهة تحاول نبش بعضٍ من الحقيقة المرة لحكمهما.
تعرت الكثير من المفاهيم للمنادين بحقوق الإنسان على مسرح الثورة السورية، فهذا الشعب، وعلى مدى روزنامة ثورته قد قدَّم يومياً ولايزال المئات من الضحايا، وهو ما كان كافياً لإثبات عدم صدقية كل تلك الإدانات للانتهاكات بحق السوريين، قبل الثورة وأي أمل معقود عليها في تغيير مسار هذه البلاد ، وإن تلك الإدانات قبل الثورة ماكانت إلا دغدغات للأسدين، ومن ثم فقدت القدرة حتى على الدغدعة، والدور الوحيد الذي كان من الممكن أن تؤديه هو ملء بياض الصفحات بحبر من يصدر الإدانة، لئلا تموت تلك الأوراق في بياضها، لكن،ما الذي من الممكن أن تفيده أية إدانة أو عقوبة اقتصادية على الأسد لشخص فقد أسرته وأقرباءه وجيرانه، ودمُر شارعه، وسوي الكثير من بيوتات مدينته بالأرض، دون أن تستطيعا تغيير أي ساكن، في أي مدى منظور؟.
ما الذي يمكن أن تفيده أية مساعدات إنسانية، لشعب فقد خلال شهر آب الفائت خمسة آلاف من أبنائه، وهُجر منهم في الشهر نفسه أكثر من ثمانين ألف، ممن أسعفتهم الطرق للوصول إلى أراضي اللجوء، وأننا لو سرنا في معادلة الضحايا التي بلغت أوجها في الشهر المنصرم من عمر الثورة، يحق أن نطرح سؤالاً هو :ماذا سيكون مصير السوريين بعد سنة من سيرالقتل والتهجير على هذه الوتيرة ؟،لا شك، أنه بعد سنة من هذا الحال، سنصل إلى "سوريا دون شعب لأن نصف أبنائها، إما سيكونون خارج أو تحت ترابها، وفي هذا الحال ما الذي يمكن أن تفيده هذه المساعدات الإنسانية، باستثناء سد رمق جوع إنسان تحت نيرالموت، أو هو هارب منه، وفي كلتا الحالتين، فإن الأولى بمن يقدمها أن ينهي الدافع لهذه المساعدات ،لا أن يحاول التحايل على شعب يموت بلقمة تسد جوعه، وتداوي آثار قصف أو رصاصة ،الأولى اليوم أن يتفكر وليم هيغ وزير الخارجية البريطانية وهو يغادر دافوس بأن التدخل العسكري في سوريا هو المساعدة الوحيدة والمستحقة التي يمكن أن يؤديها هو والاتحاد الأوربي الذي كرر على لسانه، رفضه لتسليح المعارضة ، والأولى أيضاً أن يتذكر موراتينوس هو والحلف الأطلسي أن السوريين ليسوا بحاجة إلى تصريحاته كل فترة بعدم نية الحلف في التدخل، لأن ذلك يمس سيادة سوريا فهل أبقى حاكمها بالأساس شيئاً من هكذا سيادة ، وهو يقدم الموت كل لحظة لشعبها وبسلاح روسي ومعونة إيرانية و حماية صينية وروسية...؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. وتوقف دخول


.. بعد قتله جنديين.. حزب الله يستهدف مجدداً ضباطاً إسرائيليين ب




.. هل سيطرة إسرائيل على معبر رفح مقدمة للسيطرة على المدينة بكام


.. شقاق متزايد في علاقة الحليفين.. غضب إسرائيلي من -الفخ الأمير




.. ترامب يتهم بايدن بتزوير المحاكمة لأهداف سياسية