الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوغا 2

يحيى علوان

2012 / 9 / 12
الادب والفن








" أيتها الآلهةُ ، لا تَسأليني ما الذي وَرَّطَني
وجَعَلَني أعيشُ - إِنْ كان َ ممكناً تسميتُه - لأكتُبَ هذا النص .. ""




إنْ لَمْ تكُنْ شَجَرَةً لاهِيَةً ، تُلقي بظلِّها ولا تَدري ماذا تَفعَلُ بـه .. ؟
إِنْ إنحَبَسَ الهـواءُ بصَدرِكَ ، وغَدَت الزَفرَةُ أُمنيَةً مُرتجـاة ..
تَوَكّأْ على أَوجاعِكَ ، وإفتَـحْ صندوقَ الرؤيـا ..
لَنْ تحتاجَ إلى بطاقة طائرة .. لا تأشيرةَ دخول ، ولا تحقيقَ في المطار ..!
إرجِعْ إلى "البَيْتُونة "* فوقَ سطحِ دارِكم ،
كَـيْ تستريحَ من تَعَبِ الزمانِ ، ومن ضَغطِ التوَتُّرِ في إيقاعِ اليوميِّ .. و" نَـقِّ " أَهلِ
الدار ، ستَأنَسُ للظُلمةِ ، هي خَندَقُكَ ، وخَطُّ دفاعِكَ الأخيـر !
هي المكانُ الوحيدُ ، ممّـا تَبَقّى لكَ ... تَخلو إلـى نَفسِكَ ،
.. مَسرَحٌ خاصٌّ بك ! أَنتَ وحدَكَ ، فيه المُمثِّلُ والجمهورُ .. لا عيـونَ تَتَرَصَّدُكَ .
...........................
لا بأسَ أَنْ تُرمِّمَ وَحْشَةَ المزهريةِ ، فَوقَ طاولَةٍ صغيرة في الزاويةِ المقابلة لكَ ..
بقليلٍ من المـاءِ وكَمشَةٍ من النَـوّار ،
إِنْزَعْ قناعَكَ !
تَحَرَّرْ من قِشورِ جَسَدِكَ المَشحونِ بالعُزلَـةِ ..
إِخلَعْ نَظّارَتَكَ الطبيّة ، لا حاجَةَ لكَ بها حتى ترى العَتمَةَ .. ،
هِيَ تَـراكَ .. تُحَدِّقُ بكَ ..،
إهمِلْها ! فمُذْ خَرَجتْ من العالمِ السُفلِي ، لَمْ تَتَخلَّصْ من الفُضول .. !

دونماَ إكتراثٍ لِتَرتيبٍ ، أو ...
إلقِ بِنَظّـارتك كيفما يَتَأَتّى لك ، وحيثما تَحُط ..!
قَبلَها ، لا تنسَ أَنْ تُعمي عيونَ الشُبّاك ..!
سُدَّ الرتاجَ على جفونِكَ الداخليَّةِ ،
إغلقْ كُوى الذاكرةِ جيداً ، كي تمنعَ لصوصَها من التَسَلُّلِ إلـى " كَهفِكَ " !
تَسَلَّحْ بكميَّةٍ من المِلحِ .. إِنْ حَصَلَ فَتْقٌ في النسيانِ .. وتَسَرَّبَ من الذِكرى رَذاذٌ ،
رُشَّ فيه الملحَ ، يؤجِّجُ النسيانَ صَموتَـاً ..
لا بأسَ أَنْ تُحضِرَ شمعةً ، تَفقَأُ بهـا عينَ الظُلمَةِ عندَ الحاجَـةِ .. !
...........................
سَتصير الغُرفَةُ مثلَ " زِنجِيٍّ " أَدْرَدَ .. !
لا يَهُمَّنَّكَ إِنْ تَفَرَّقَ ، أو فوقَ بعضٍ ، تَكَدَّسَ السَحابُ على أَرصِفَةِ غَيْبٍ ، لا يَعنيكَ ..
تَصَوَّرْ نَفسَكَ ضَريـراً يَهُشَّ " طيورَ " هيتشكوك ، تُريدُ أَنْ تَقْتاتَ على ما تحت قَحفِهِ !
سَتَعبُرُ الحُلُمَ / الكابوسَ ، بلا أَجنحةٍ ، هَتَكَتْ عِرضَه رياحُ " البراغماتيةِ " و نَميمةُ " العَصرَنَةِ "!
لا تُحـاوِرْ نَفسَكَ ،
لا حَوْلَ ، ولا مَفَرَّ لكَ !!
خَيباتُكَ لَكَ وَحدَكَ .. مَرهونةٌ بأختياراتِكَ ، أَنتَ .. لا تُحَمِّلها أَحَداً سِواكِ !
جراحاتُكَ ، لكَ وحدَكَ .. لا تَعني أَحَـداً،
وجيبُكَ المثقوبُ ، خاصّتُكَ أَنتَ ..،
وَحدَتُكَ ، لَكَ أَنتَ ..
هذي جَبهَتُكَ ، تُرَقِّصُ الشَمسَ بحاجِبٍ ..!
وتِلكَ ذاتُكَ أَنتَ .. تَصيرُ جيفَةً إِنْ خُنْتَهَـا ..
وهذا الشَفَقُ الدامي ، يَـراهُ بعضٌ قَليلٌ من الصَحبِ .. وأَنتَ !
.......................
لَستَ مَلاكاً ولا "ثابتاً " .. يَكفيكَ عَزاءً وَطَرُ " التَحَوُّلِ " !!
لَنْ تَحتاجَ إلى موسيقى هادئةٍ لِمالَرْ أو لِكمانِ فانِيسا مَيَ
ولا تحتاجَ أَنْ تَعُدَّ الخرافَ ...
فخِرافُ الدنيا كُلّها ، لَنْ تُنجيكَ من القَلَقِ ولا تمسَحُ غُبارَ السُهادِ عن عينيكَ ،
إنْ إنجَرَرتَ لهـا ، سَتَقتاتُ على مُخَيَّلَتِكَ ، وتَقضمُ أَفكارَكَ .. ثُمَّ تَتَجَشَّاُ في قَحفِكَ !
لَنْ يُنجيكَ شيءٌ ، ما لَمْ تَكُنْ راغباً في الإسترخاءِ حَقَّاً ..
يُمكِنُ ، حتى لأَغبى المعُالجين النفسانيينَ ، أَنْ يؤَكِّدَ لَكَ بأَنه ضَربٌ من الحرثِ في الماءِ ..!
..........................
..........................

إِنْ أَتاكَ مَنْ ينقُرُ على زجاجِ الشباكِ بأصابِعَ من نُحاسٍ ، نَقْراً رَتيباً .. لا تَفتَحْ !!
قَدْ يكونُ " عزرائيلَ "!
إصرِفه .. وإنْ أَلَـحَّ ، قُلْ لـه أنْ يَعودَ بعدَ أَنْ تُكمِلَ نَصَّكَ .. دُعاءَكَ الأخيرَ ..!!
أَحظِرْ صَخـرَةً ، تُلقِمُ بِها قَبرَكَ ، بنَفسِكَ .. إِنْ " أَزِفَ المَـوعِدُ " ،

مثلَ قِطٍّ ، سَيَزحفُ خَـدَرٌ لَذيذٌ إلى ذؤاباتِ أَطرافِكَ .. فيمـا أَنتَ مُزدَحِمٌ باليَقَظَـةِ ..

* * *

أَعرِفُ أَنـه قَيظٌ كافِرٌ هـذا ، لا " ربيعَ ".. !
سيأتي الخريفُ ...
وسيأتي الشتاءُ ، بلا مَطَرٍ يَبُلُّ بَواديكَ ...
فََقَدْ أَينَعَ في المـآقي الدمعُ ...
وستأتي " حورياتُ " الظلامِ تُقَبِّلُكَ بِلا شِفاهٍ .. تُزكِمُ الأنوفَ ، من رائحَةِ بَوْلٍ ، " مُعَتَّقٍ "
في كُهوفِ " تُورا بورا !"
..........................
سيَكْنِسُ البَرَدُ النُجومَ من صحراءِ السماءِ ،
وسَتُطَوِّقُ العَتمَةُ غابَةَ الصَمتِ المُهادِنِ ..
فلا يَعرِفُ إلـى أينَ يَهرَبُ المسيحُ من صَليبِه ، والشهيدُ من قَبْرِهِ ... !!
عندها سترى طوابيرَ من " المَقهورينَ "، مُنهكينَ من أَثقالِ أَحلامهم/ أَحمالِهم ..،
كُلّمـا هَوَى واحدٌ منهم ، أَنْهضتـه سياطُ السادِيَّةِ !
...........................
أخْرِجْ ! أخْرِجْ رأسَكَ من تحتِ أُبطِكَ ..
أعْصِـرْ إسفَنجَ السَحَاب ... حَرِّرِ المَطرَ السَجينَ في جيـوبِ الغَيمِ ..
فَقَدْ جَفَّتْ مآقِـي الـرَبعِ ، والأرضُ عطشى مُـذْ نَجَـا نـوح ٌ ..
يَومَ قيلَ " يا أرضُ إبلَعي ماءَكِ ، ويا سماءُ أَقلِعي " !

وقبلَ أَنْ يُفاجِئكَ الغَفوُ ... أَنصحُكَ أَنْ تُسَرِّحَ أَحلامَكَ وكوابيسَكَ تحتَ طَرَفي الوسادةِ ،
كَيْ لا يَحتَدِمَا ...!
سَتُفلِتُ حواسُّكَ رِسَنَها في حُضنِكَ ، وتَنطَفيءُ حرائقُ الليلِ ، جَرَّحَ أَنامِلَه الفراغُ ..
وسَيُعرِّشُ الهـدوءُ أَجِمَّـةَ الوجَعِ النامِـي بلا ضَجيـجٍ ...!


ـــــــــــــــــ
* غُرفةٌ صغيرة ، تشبه صومعة صوفي زاهدٍ ، تكون عادة فوقَ السطح .. تستخدم لحفظ الفراش صيفاً في النهار وتُستخرجُ بعدَ المغيب
لتُفرَشَ كي تبرَدَ حتى يحينُ موعد النوم .. وتُستخدم في ما خلا فصل الصيف مخزناً للعَفَش وسواه مما يزيد عن حاجة الإستخدام اليومي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابر الرباعي يكشف كواليس ألبومه الجديد ورؤيته لسوق الغناء ال


.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس




.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-


.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت




.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً