الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خارج كادر الزنزانة

المثنى الشيخ عطية
شاعر وروائي

(Almothanna Alchekh Atiah)

2012 / 9 / 12
الادب والفن


خارج كادر الزنزانة
إلى عروة نيربية وجميع المعتقلين السوريين
ـــــــــــــــــــ
كم هو مشرق.. أن تدرك ذروةَ متعة من يفتح "صندوق الدنيا"، في ذات الوقت المرهق أن تدرك قسوةَ لعنةِ من يفتح "صندوق الدنيا"، ثمّ تعاني كابوس العجز المطلق، عن أن تمنع طفلاً في يده مفتاح الدنيا من أن تجرح إصبعه أشواك الأزهار...

كم هو موجع.. أن تقف على حدّ خيارك في أن تغفو في حضن عروس الجنة ما شئت شريطة أن تتعمّد أجفانك بالنار.. ولكن ماذا نصنع بسلوك الأنهار إذا كانت زهرة أحلام الطفل اختارت أن تلقي جثتها في حضن النهر، وفاض النهر على الطرقات دماَ...

كم هو غامر.. أن تفتح عدسات الكاميرات بقدرة قادر في تركيب الزمن كما شئت، لكي تمحو صورة عهر "مراسلة قناة الدنيا" بعد القصف الفاجر تسأل أطفالاً من هي تلك الملقاة بجانبكم وتغص الطفلة من هول الرعب بكلمة أمي، تسأل أماً ثكلى وهي تنازع سكرات الموت عن "المندسين" ولا تخفي في الخلفية هول عصابات الأسد الشبّيحة تشهر أسلحة القتل على أعناق الجرحى...

كم هو آسر.. أن تفتح نافذة المستقبل كي تستبدل غصةَ رعب الطفلة، لعثمةَ الأم الثكلى بفصاحة طفل يرفع علم الثورة بعد التحرير، وأن تتراجع نحو الماضي كي تضع الأم الثكلى فوق سرير الوضع المنقوش بوردات بيضاء، وتفتح بوابات الموت على طفلٍ يولد من "أملٍ" رجلاً ضخم الصوت، ويدفع والده الحالم للضحك على ما أهداه الكون لكي يبعث عصر الفرسان العشاق على "باب الشمس" بتجديد الاسم، ورمي "معارضة الماشين بظلّ الحائط" في مزبلة التاريخ، وهاهو ذا طفلً يتقلّد سيف الاسم بضحكة والده، وبأنخاب صعاليك الصورة، هاهو ذا عروة إبن الورد يقسّم حلوى الورد على الخلّان، ويمنع أحداً منهم أن يلمس كاميرته: تلك هدية خالي، أهداني إياها كي ألتقط بعينيّ المطر القادم، وأقاوم بالصورة هول الطوفان، وهاهو ذا عروة ينمو أكبر من كادر صورته في مرآة الواقع، ينطق جملاً تمحو المحظور بخرس "طلائع حزب البعث"، ويخلق ألحاناً من رفرفة جناح مكسور، يرسم أسداً أحمق يحمل رشاشاً بالمقلوب ويرميه كفأرٍ مذعور في زاوية الصورة، هاهو ذا يجمع جرأته في وجه التحذير ويفتح "صندوق الدنيا".. ياللّعنة.. هذا "باب الشمس" وقوس القزح المرسوم كما لم تره عين تحت الشمس ولكن ثمة مطر يهطل كي يُخرج مااختزن الأمس من الأهوال.. وهاهو ذا فيض الثورة في الشارع، أنهار دم تجري من حنجرة مغنّ أنهى كابوس التقديس بطلقة صوتٍ، هاهو ذا عروة يحمل كاميرته في الشارع رشاشاً من صور متلاحقةٍ، يا للحرية.. عيناه الواسعتان تقودان صعاليك الصورة في ظلمة كهف الأهوال المفتوح على الموت، وتلك هي الصورة: هذا "قلب الظلمة"، هذي جثث الأطفال بأنياب الديكتاتور الشبّيح أمام العالم.. ياعالم...

هاهو ذا عروة في الصورة خلف القضبان، وليس وحيداً، يتقسّم عشرات الآلاف من المعتقلين، ويخفيه السجان بصورته، لكن ثمة من لا ترضى ضحكته أن تدخل في كادر صورته، هاهي ذي الثورة أكبر من كادر فتحة عدسات القنص، وهاهو ذا عروة أكبر من أن يخفيه السجان، وهاهي ذي صور المعتقلين فرادى، تمحو الأرقام، وكل يأتي باسمه، هاهو ذا عروة في الصورة، يحمل في يده قضمة تفاحته المحظورة، في خجل الطفل يحاول أن يخفي ماارتكب شغفه من أزهار، كي لا يؤلم قلب العاشقة المنتظر على جمر النار، ولكن من يمكنه يا عروة أن يمنع اسماً أن يحتلّ مسمّى، من يمكنه أن يمنع آدم عن قضم التفاح، ومن يمكنه أن يستر عري الصورة في عطش القلب إلى عيش الإعصار، ويا للثورة.. من يمكنه يا عروة أن يستغفل عين الثورة إن وضعته الثورة في العين..
فلا تحمل ياعروة همّ تقسّمك القتّال،
وأبعد عن عينيك حياء الأطفال،
ودع صورتك تحدّد كادرها ما شاءت
خارج كادر زنزانتك البائسة عن استيعاب خيال...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي