الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوش في أوروبا، هل يمكن تحقيق التوافق؟

سلامة كيلة

2005 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


و السؤال مهم نتيجة ما شاب العلاقة بين ضفّتي الأطلسي منذ الحادي عشر من أيلول سنة 2001. حيث إنبنت سياسة بوش منذ إذ على تجاهل أوروبا و تهميشها، بعد أن حدّد لها الخيار بين أن تكون مع أميركا و بالتالي تدعم كل سياساتها و حروبها، أو تُحسب ضدّها، في إطار سياسة كانت تخدم المصالح الأميركية بالتحديد و تجرّ العالم إلى حروب لا نهائية. و كان الإختلاف حول الحرب على العراق عميقاً، إلى حدِّ تكريس إنقسامٍ فعليٍّ بينهما. ترافق مع هجوم إعلاميّ أميركي وصل حدّ إعتبار أوروبا: القارة العجوز.
و لقد تمثّل إعتراض أوروبا في رفض السياسة الحربية الأميركية، و عودة الدولة الأميركية إلى سياسة الإحتلال. و كذلك في رفض السياسات الحمائية الأميركية للعديد من القطاعات الإقتصادية، و رفض الزراعة المعدّلة جينياً، و العديد من المنازعات التجارية.
هذا من حيث السياسات و الخلاف بين الدول. لكن تبدو السياسة الأميركية منذ الحادي عشر من أيلول و كأنها تسعى إلى فرض السيطرة الأميركية على العالم عبر القوّة العسكرية فائقة التفوّق التي إمتلكتها خلال الحرب الباردة، و بالتالي فرض مصالح رأسماليتها و شركاتها على حساب كل الرأسماليات الأخرى، عبر إحتكار الأسواق – إحتكار التوظيف فيها و التصدير إليها -، و أساساً عبر التحكّم بالنفط العالمي من خلال إيجاد قواعد عسكرية أميركية في كل المناطق التي تحوي النفط، حيث أن النفط هو " مصلحة قومية أميركية " كما بات يُشار منذ سنة 1998 على الأقل. و كان كل ذلك يعني خسارة أوروبا، لأنه يعني الخضوع للإرادة الأميركية نتيجة حاجتها للنفط، و أيضاً يعني تقليص أسواقها العالمية، و تراجع إستثماراتها في العالم.
و كان يبدو الصراع و كأنه صراع من أجل تكريس هيمنة أميركا في المجال الإقتصادي، بعد أن أصبح التنافس في إطار السوق العالمية الحرّة يسير لغير مصلحتها. الأمر الذي فرض عليها إحتكار الأسواق عبر القوّة المتفوّقة التي تتمتّع بها منذ نهاية الحرب الباردة. و كانت معادلة العلاقة مع أوروبا تقوم على مبدأ إلحاق الرأسمالية الأوروبية بالرأسمالية الأميركية، أو تأكيد هيمنة الرأسمالية الأميركية على الرأسمالية الأوروبية، من خلال تقليص أسواقها و بالتالي تهديد وجودها، لكي تهاجر رساميلها إلى أميركا التي تحتاج إلى تعديل ميزان مدفوعاتها الذي يشير إلى " هروب " إلى الخارج نتيجة العجز في الميزان التجاري. أو عبر شراء الشركات الأوروبية المأزومة وفق ذلك. أو عبر قبول العمل " من الباطن ". أي بالإعتراف بالهيمنة المطلقة للرأسمالية الأميركية. بمعنى أن السوق العالمي يجب أن يكون واحداً، و أن تكون السيطرة فيه للرأسمالية الأميركية دون مقدرة الآخرين على المنافسة. و في إطار ذلك يجب أن يندغم الرأسمال الأوروبي في هذه المعادلة.
لقد إحتكر الرأسمال الأميركي السوق العراقي بعد الإحتلال، و هو يسعى لإحتكار سوق " الشرق الأوسط الكبير " كله. و بالتالي ستخرج أوروبا من بلدٍ تلو الآخر. من سوريا و لبنان، كما من الجزائر و المغرب العربي. و سوف يُحتكر هذا السوق الضخم من قِبل الرأسمال الأميركي. فهل يقبل الرأسمال الأوروبي هذه المعادلة؟
المشكلة أن الرأسمال بات متشابكاً، و لم يعد من الممكن أن يتكرّر إنقسام العالم الرأسمالي إلى معسكرين متناقضين كما حدث في القرن العشرين. لكن ضمن هذا التشابك تستغلّ الرأسمالية الأميركية تفوّقها العسكري الهائل من أجل تكريس هيمنة الرأسمال الأميركي المطلقة في إطار هذه العلاقة المتشابكة. أي بحيث يظلّ الرأسمال الأميركي هو القوّة المسيطرة، و بالتالي بحيث يضعف الرأسمال الأوروبي و يصبح تابعاً ، أو في مرتبة أدني، ضمن علاقة التشابك هذه.
و بالتالي ماذا يمكن لبوش أن يعطي لأوروبا؟
في السياسة سيتحقق التوافق في الموقف من سوريا و لبنان، و يتقارب في العراق، و أيضاً في الصراع العربي الصهيوني. و يمكن أن يجري البحث في الدور العالمي للحلف الأطلسي. لكن ماذا بشأن الصراع الحقيقي؟ الصراع من أجل السيطرة و النهب، من أجل النفط و الأسواق؟
ربما كانت الصعوبات الجدّية في العراق هي التي تدفع بوش إلى إظهار التوافق مع أوروبا، و محاولة الوصول إلى إتفاق ما. لكن عمق الصراع يُبقي الخلافات قائمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في هذا الموعد.. اجتماع بين بايدن ونتنياهو في واشنطن


.. مسؤولون سابقون: تواطؤ أميركي لا يمكن إنكاره مع إسرائيل بغزة




.. نائب الأمين العام لحزب الله: لإسرائيل أن تقرر ما تريد لكن يج


.. لماذا تشكل العبوات الناسفة بالضفة خطرًا على جيش الاحتلال؟




.. شبان يعيدون ترميم منازلهم المدمرة في غزة