الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتدبوهم للموت غرقا ...

أم الزين بنشيخة المسكيني

2012 / 9 / 13
كتابات ساخرة


هاهو البحر يتدخّل مرّة أخرى لمساعدة الحكومة على حلّ مشكلة البطالة في البلاد .. و هاهم شباب تونس الذين ساروا في شوارع الثورة و في ثنايا الريف العتيد يحرقون مرّة أخرى الى الضفّة الأخرى بعد أن يئسوا من من العيش في بلاد حلموا بها و انتظروها فلفظتهم الى قروش البحر ..ماتوا قبل أوانهم و قبل أحلامهم ..فلا وطنهم استطاع احتضانهم و لا لمبدوزا راغبة في استقبالهم ..فكان البحر أرحم و قروش البحر أكثر كرما ..
و هاهم يصيرون مجرّد أرقام لموتى لا أحد شهد على موتاتهم و لا أحد على يقين بطريقة موتهم .. ماتوا وحيدين ..و مات كل منهم بشكل يتيم و حزين ..و هاهي الحكومة تعبّر عن أسفها ..و ألمها ..و تسجّل في كراريسها الباهتة أنّهم في عداد المفقودين ..فلا هم بالموتى الحقيقيين و لا هم بالأحياء الجديرين بموت كريم ..تداولت حكومات الطغيان على أجسادهم و على أحلامهم ..ولم تنصفهم أيّة حكومة لا في العهد البائد و لا في العهد الموقوت المؤبِّد للبؤس و التهميش و قتل الحياة حيث حلم الحارقون بالحياة ..لكن هيهات حتّى الحياة ههنا لم تعد جديرة بالحياة ..ويأسفون ..و يألمون..كل من وراء منبره و كل من وراء مصدحه ..و بدلته الوزارية اللمّاعة ..و أنت أيّها الحارق غرقا و المفقود حرقا ..من سيشهد أنّك ميّت و من سيشهد أنّك كنت ههنا حيّ و ثوري و مدني و وطني .. و شعبي ..يا ابن أمّك و يا لوعة أمّك الثكلى ..من سيبكيك غيرها و من سيرتّب خزانتك لآخر مرّة غيرها و من سيذكر دمعك و حلمك و جرحك و موتك السابق لأوانه غيرها ؟؟
أيّها الحارقون غرقا الى حيث لا تعودون ها هم ينتدبونكم أخيرا في خطّة غير مسبوقة بالنسبة الى الديمقراطيات العالمية أو الحكومات الثورية أو النفحات الالاهية ..اسم هذا العمل الجديد :الموت غرقا و الحرق موتا و الغرق حرقا .. تستوي كل الألعاب اللغوية و يخجل النحو من روّاد لغة الضاد ..يا أمّة ضحكت من حمقها الأمم ..يا حكومات الخطأ ..كيف تلقون بأبنائكم الى أفواه القروش ؟ و تظلّون تؤجّلون حياتهم و تجعلونهم مجرد ملفّات تتراكم على مكاتبكم الحزينة ..و تتباطؤون و تترددون و تتعثرون وعمدا تسقطون و تدفعون بأبناء هذا الشعب الى أعماق جهنّم ..اختاروا الموت في الأعماق على البقاء في السطح جياعا و مهمّشين ..سئموا من تأجيل أحلامهم و من خطابات البؤس و الكذب و الوعود الزائفة ..أيّها الزائفون ..لا تأسفون و لا تألمون ..لن يعودوا حين تأسف الحكومة و لا حين تتألم ..حتى و ان تألّمت بكل صدق ..لن يعودوا ..رحلوا الى حيث لا وزارات و لا ملفّات و لا امتحانات و لا ولاءات و لا صلوات ..رحلوا الى حيث لا صناديق اقتراع و لا صناديق للقمامة و لا صناديق للموت الكسول .. لن ينتخبوكم هذه المرّة ..و لن يصطفّوا في طوابير الرسوب في الديمقراطية ..لا أحد سيشيّعهم الى المقبرة ..و لا أحد سيكفّن جثامينهم ..رحلوا و لا شيء تركوا.. حتى جثامينهم لن تحتضنها توابيت الحكومة ..لن تعطيهم أيّ شيء ..حتى حجج وفاتهم ..سوف يؤجّلون البتّ فيها الى وقت آخر ..
من المخجل الى حدّ الفضيحة و الفجيعة أن يتهافت شباب تونس بعد ثورة صنعوها بجراحهم على الحرق الى ايطاليا و على هجرة وطن خالوا للحظات جميلة أنّه صار وطنا ..فهاهو يهديهم كفنا مؤجّلا ..فمن سيسعفه الحظّ منهم يا تُرى ومن ستفلح الحكومة في صيد جثمانه كمن يصطاد التنّ الأزرق ؟ عذرا.. أيّها الحارقون لأنّكم تونسيّون و لأنّكم حلمتم يوما بالوطن ..عذرا لأنّنا نكتب عن موتكم بدلا عنكم ..
عذرا لأنّكم رحلتم قبل أحلامكم و بعد ثورتكم ..عذرا لأنّكم لم تصلوا ..و عذرا لأنّنا مازلنا متفرّجين على هذا الركح من الترياق الأزرق ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الكرامة قبل الخبز أحيانا
hkimi hakim ( 2012 / 9 / 13 - 17:52 )
كفى مغالطة فكل هؤلاء الحارقين ليسوا من شباب الثورة فلا هم ركبوا البحر بحثا عن الكرامة ولا هم ممن يعطون معنى للحرية هؤلاء يعلمون مسبقا انهم غير مرغوب فيهم وانهم سيهانون وسيعاملون بقسوة حال وصولهم الى الضفة الاخرى . انهم شباب لا يهمهم من الدنيا سوى المال الوفير والجنس والمخدرات لايرغبون في لقمة عيش حلال في بلادهم وهي متوفرة بكثرخاصة في قطاع الفلاحة حيث يشتكي الفلاحون من عدم توفر اليد العاملة ...الحكومة ليست مسؤولة عن هذه الظاهرة بل المسؤولية تقع على عاتق الاسرة التي تشجع ابناءهاعلى الهجرة ولاتربيهم على القناعة ولاتغرس في نفوسهم عزة النفس .لقد بينت الاحصائيات ان من يقدم على هذا العمل هم شباب غير متعلمين وهم من اصحاب السوابق الفارين من العدالة ...هذا لايعني ان امرهم لا يعنينا ولكن ان نجعل من هؤلاء ابطالا ساهموا في الثورة فهذه مغالطة كبرى وان نحمل الحكومة مسوؤولية افعالهم فهذا الغباء بعينه...

اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_