الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السبيل لتحرير العقل العربى

داود روفائيل خشبة

2012 / 9 / 13
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية



كيف نخلـّص العقل العربى من عبودية العقائد الدوجماتية؟ هذه مشكلة شديدة الخطر وشديدة التعقيد ولا أرانا نعالجها لا بالجدّية ولا بالعقلانية ولا بالحساسية المطلوبة.
المؤمنون منـّا بالدين – لا فرق فى هذا بين المسلمين والمسيحيين ولا فرق بين الأصوليين المتشدّدين والبسطاء الطيّبين – يقبلون المسَلـّمات المعتمدة من المؤسّسة التى ينتمون إليها، لا يقبلون فيها مراجعة ولا مساءلة. ما يعتقدونه هو عندهم حق تحيط به قداسة تعزله تماما عن الانفتاح لأى تمحيص أو نقاش. حتى من يمكن أن نـَصِفهم بالمثقفين ومنهم من يمكن أن نعدّهم من القادة والصفوة، حتى هؤلاء يبدون – على الأقل ظاهريا – وكأنهم يسلـّمون تسليما مطلقا بالمعتقدات التى لـُقـِّنوها فى طفولتهم ونشأوا عليها، ولم يخامرهم يوما شك فى صدقها المطلق.
فى المقابل هناك قِلـّة ممن أتيح لهم – بكيفيّة أو بأخرى – أن تتحرّر عقولهم من أسر العقائد الموروثة. لكن أكثر هؤلاء، إذا ما تصدّوا لمسألة الدين، يلجأون لأسلوب الصدام، فيستفزون المؤمنين ويؤذون مشاعرهم ويثيرون غضبهم. وهذا الأسلوب لا يمكن أبدا أن يأتى بالنتيجة المرجوّة. وأعرف أن الكثيرين من هؤلاء سيهاجموننى بضراوة، إلا أن هذه قناعتى ولن أنساق هنا إلى الدخول فى جدل لا أرى له جدوى.
لكن المشكلة التى أشرت إليها فى بداية المقال تجابهنا متى حاولنا مقاربة المسألة فى هدوء وعقلانية. فالقدسية التى تحاط بها النصوص الدينية والمسَلـّمات التراثية تحرّم وتجرّم تسليط أضواء المساءلة العقلانية والبحث العلمى الموضوعى على أىٍّ من تلك النصوص والمسَلـّمات. وإذا كان هذا ينطبق بصورة أساسية على الإسلام فإنه يصدق كذلك على المسيحية الأورثوذوكسية المصرية التى تشرّبت الكثير من التوجّه الإسلامى. فبينما نرى المسيحية فى الغرب قد أفسحت المجال للبحث التاريخى العلمى الموضوعى فى أسفار الكتاب المقدس وفى نشأة الكنيسة ونشأة العقائد المسيحية، نجد الكنيسة الأورثوذوكسية المصرية تعارض حتى إصدار ترجمة منقـّحة جديدة للكتاب المقدّس لتحل محل الترجمة العتيقة، وهى ترجمة وليست أصلا فى أىّ جزء من أجزائها.
ليس هناك من حل سهل للمشكلة. إننا لا نستطيع التخلـّى عن واجب العمل على تحرير عقول مواطنينا، ولا سبيل أمامنا إلا أن نعمل فى إصرار على نشر فكر التحرّر العقلانى فى هدوء وفى دراسات وأبحاث موضوعية رصينة. ولذلك فإن من أوجب واجباتنا أن نناضل ضدّ أى محاولة لتقييد حرية التفكير والتعبير، سواء فى الدستور أو فى القانون. وحتى فى حالة إدراج موادّ مقيدة لحرية الفكر والتعبير فى الدستور، مثل مادة صيانة الذات الإلاهية والأنبياء والرسل التى يصرّون على إقحامها فى الدستور المقترح، فإن واجبنا أن نتمسّك بحقنا وأن نظل نعمل على التنوير وتحرير العقل ونقبل فى سبيل ذلك كل ما يستتبعه من تضحيات.
من ناحية أخرى، أرى أن نبتعد عن الكتابات الهوجاء والأحاديث الهوجاء التى تثير الفتن والاضطرابات ولا ينجم عنها إلا الضرر. ومرّة أخرى أقول إنى أعرف أن هذا القول يعرّضنى لهجوم كثير، لكن همى أن أعمل على نشر النور لا إثارة معارك تسيل فيها الدماء بلا طائل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المسيحية في مصر هي نفس اللي في اوروبا وامريكا
سامي بن بلعيد ( 2012 / 9 / 14 - 03:46 )
محتوى طرحك مهم وانت وضعت يدك على مكمن الوجع الرئيس وهو صناعة الصدام مع الاديان من قبل من يدعي التمدُّن وهو فقير من الافكار الحقيقية للتمدن
الذين نجحوا في بناء مجتمعاتهم هم الذين وصلوا الى حالة سلام مع الدين وأستطاعوا عقلنة القيم الدينية في إطار قوانين مدنية تخدم الجميع
أما مصانع الصراع العربي فقد وصلت الى درجة إنتاجية عالية والمستفيد الوحيد هي تلك القوى الرأسمالية ألإستبداديه التي تسخّر كل شيئ لخدمتها وعلى رأس ذلك الاديان
فيجب أن لا يُفتح المجال لصراع الاديان أو الصراع مع الاديان , المطلوب هو تجسيد التغيير السلمي الذي يفسح المجال للعقل ليحل محل العاطفة ويفتح الحياة على جوانبها المشرقة

اخر الافلام

.. اعتداءات وحشــــ ية على المتظاهرين.. الغرب يناقض نفسه ويواجه


.. العقلانية والتاريخ في خطاب الياس مرقص - د. محمد الشياب.




.. بمشاركة آلاف المتظاهرين.. مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في صنعاء


.. تركيا تعلن مقتل 17 مسلحا من حزب العمال الكردستاني شمال العرا




.. كرّ وفرّ بين الشرطة الألمانية ومتظاهرين حاولوا اقتحام مصنع ت