الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( دموعٌ .... تنزفُ بمرارة )

حسناء الرشيد

2012 / 9 / 13
الادب والفن


هل كانت تبكي فعلاً أم أني كنتُ واهمة ..؟؟

لأولِ مرة أدركُ أن هناكَ أشياءً كثيرةً في هذا العالم يصعب على عقلي فهمها وقد تتجاوز إدراكي بمراحل عديدة
لا مجال حتى للخوض أوالنقاش فيها

أدركُ للوهلة الأولى ما الذي يعنيه أن ينزف القلبُ دماً يتجسدُ بهيئة دموعٍ حارةٍ تحرقُ القلب وتجعل المآقي تنزفُ
بحرقة .... ثم تستمرُ في رحلة عذاباتها المتواصلة فتتخذُ لنفسها طرقاً متعرجة محفورةً بقسوةٍ واضحة على
تلك الوجنات التي كان ينبغي أن لا تلوح إلا آثار السعادة على محيّاها

تماماً كـــ ( قسٍ) مذنبٍ كانت تبكي .... ذلك الذي اعتاد دوماً أن يستمع لاعترافات المذنبين بقلبٍ كبير
وبحنانٍ يتجسدُ في تلك النظرة الرقيقة التي يغمر بها أولئك الخاطئين الذين يرتجفون خوفاً وفرقاً من خشية الله

يصغي بكل اهتمامٍ لهم ثم ما يلبث أن يباركهم ويطمئنهم ببعض العبارات المعتادة في مثل هذه المواقف أوقد يمسح
دموعهم في بعض الأحيان

وإذا به ...... _ وبعد كل ذلك العمر الذي قضاه وهو يؤدي مهمته الإلهية وبلا كلل أو ملل _
إذا به يجد نفسه واقفاً أمام ذلك الكرسي ( كرسي الاعتراف ) ...... يقف أمام آلةٍ صمّاء يبكي ذنوبه الكبيرة
وخطاياه التي يعلم جيداً مقدارها وكيف أن كل أعماله الحسنة قد لا تشفع له فتمحوها أو تخفف إحساسه الكبير
بالذنب ... لن يجد من يكفكف دموعه أو يباركه .... ولن يجد من يطمئن قلبه ويخبره أن ذنوبه قد غُفرت بالاعتراف

فيا لعظم مصيبته

وهكذا كانت ....... فهي تشبه ذلك القس إلى حدٍ بعيد

كانت دموعها حارقةً ومرّة وهذا ما عجز عقلي عن تفسيره فعلاً
فكيف للطعم المالح للدمع ذلك الذي نعرفه جميعاً وقرأنا عنه في الكتب والمناهج المدرسية
كيف له أن يتغير بسبب تلك المرارة التي يُخلّفها وراءهم اولئك الذين يفارقون حياتنا من غير أن يفكروا ولو للحظة في ما الذي سيكون عليه حالنا ببُعدهم عنّا

هل كانت حينها تبكي روحها المخدوعة .... أم قلبها الذي أحبّ شخصاً خائناً وتعلق به لدرجة أنه كان
مستعداً للتضحية بنبضاته إن احتاجها منهُ يوماً ما !!......... أم أنها كانت ترثي لحالها هي ترى مال آل
إليه أمرها بعد أن كانت يوماً ما مثالاً للحيوية والنشاط وحب الحياة

أما هو ..... ذلك الخائنُ الكبير فأنا أجزمُ أنه غير مبالٍ من الأساس بما حصل بينهما
وكأني أراهُ يستمتعُ بحياته لدرجة الثمالة ..... يقضي أوقاتهُ بسعادةٍ واضحة
ينام ........ يأكل ........ يشرب ويمارس كل افعاله الحياتية وبلا أدنى تفكير

وكيف لا .... وهي قد وهبته عمرها ..... وكل احلامها وآمالها .... بل حتى مستقبلها كان رهن يديه
يعيثُ في حياتها كيف شاء وبدون أن يفكر في ما الذي أصبح عليه حالها الآن

كيف تقضي يومها وهو بعيدٌ عنها ...... يهملها ويتجاهلها تلك التي كانت تطلب منه دائماً أن لا يفارقها لأن فراقه يعني موتاً محققاً لها



كان وبكل بساطة ....يترك عمرهُ جانباً كي لا يفسده أو يستهلكه ويعيش بعمرها الذي وهبتهُ له ريثما يقضي عليه ثم ينتقل إلى أيامه وتفاصيل عمره كي يحياها بكل طمأنينة وكأنه لم يسرق منها أحلى لحظات حياتها وكل شبابها
وكأنه لم يستنزف دماءها قطرةً ........ قطرة

وكأنها لم تقطع شرايين قلبها كي تهبهُ الحياة والسعادة والحب الذي كان سيكفيه لآخر العمر لو أنه فقط
اهتمّ بتلك الهبة السماوية والمنحة التي منّ بها الله عليه ولكنه لم يقدرها حق قدرها أبداً بل تكبر وتجبر
أشاح بوجهه عنها وأنكرها
أصبح فجأةً لا يعرفها .... ذلك الذي تركت في كل زاويةٍ من حياته أثراً واضحاً لها
ينكر من كانت يوماً عينه التي يبصر بها
ويده التي يتّقي بها حرّ الشمس التي قد تلفح وجنته وتؤذيها

فيالهُ من خائن ... قبيح الأفعال

ولكن الأمر لن يمرّ بسلام فلكل مخلوق _ مهما صغُر حجمه عن الناس _ مكانةٌ محفوظةٌ ومكرمة
عن رب الأرباب ولن يغفل الله حقها أبداً وربها أرحمُ بحالها

سيلتقيان يوماً ما كي يبّث كلٌ منهما لله ما فعله الآخر به وكي يقضي بينهما بالحق حينها فعند الله
( لا حقٌ ضائعٌ أو مُضيّع ) .... لن تُغفل حينها نبضةُ قلبٍ مرعوبة أو دمعةٌ حارقة أو صرخةٌ مكتومة
كانت تخافُ أن تطلقها كي لا تفضح نفسها أمام الآخرين
و " عند الله تجتمعُ الخصومُ " ..... كما يقول الشاعر

فكن رحيماً بها وبنا ........... يا أرحم الراحمين يا ألله







بقلمي



( حسناء )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا


.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم




.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا


.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07




.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب