الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة الطائفية ودورها في تعزيز التخلف والتبعية:

خالد عبد القادر احمد

2012 / 9 / 14
القضية الفلسطينية


الثقافة الطائفية ودورها في تعزيز التخلف والتبعية:
يندفع بوتيرة عالية في المنطقة, الصراع الطائفي, ليتصدر خطابها الايديولوجي السياسي ويحتل فضائها الاعلامي, فيبرز تصدر قوى الدين السياسي للصورة الحضارية الاقليمية, ويخفي في نفس الوقت متصدرها الحقيقي, صراع النفوذ بين مراكز القوة العالمية, وصراع هذه المراكز العالمية مع اقطاب القوة الاقليمية,
ان الوتيرة التي تعزز بها الخطاب الايديولوجي السياسي الديني, منذ انتفاضات ما يسمى بالربيع العربي, وحتى اللحظة, اكبر بما لا يقاس عن حجم تعززه في ماسبقها من سنين, لكن المستجد النوعي الذي طرح في الواقع الموضوعي هو السلوك الثقافي الديني السياسي الذي بات بعد عامل الفقر الاجتماعي المعيشي, المنشط الرئيسي للحراك الشعبي في المنطقة, والذي دفع الى الخلف بصورة كبيرة القوى والثقافة التقدمية والليبرالية فيها,
بالطبع لا يمكن انكار ان الاستيطان التاريخي للقوى والثقافة الطائفية في المنطقة لعب دورا اساسيا في تهيئتها للعب الدور التخلفي الراهن الذي يعيق تقبل مجتمعاتنا للمستجد الحضاري, ويشدها الى الخلف عكس وضد حركة التحرر والترقي الحضاري, المندفعة الى الامام, ولا نقصد هنا تقبل الجديد التكنولوجي والتكنوقراطي في عملية الانتاج الاجتماعي, وما تنطوي عليه من تحديث وسائل وادوات انتاج, بل نقصد تقبل صيغ علاقات الاجتماع الحضاري الانساني في صورة الظاهرة القومية الاقرب الى الصيغة العلمية المتمحورة حول تكافؤ المواطنة في الحقوق والواجبات والفرص,وعدالة توزيع مردود عملية الانتاج وديموقراطية صيغة النظام السياسي,
ان عامل استيطان قوى وثقافة الدين السياسي التاريخي في مجتمعات المنطقة, متحقق كونها جزءا اصيلا من بنية النظام التقليدي, من حيث هو نظام عرقي طائفي طبقي, وهي تاريخيا لم تعارض في هذا النظام الا ما طرأ عليه من ( مشحات ليبرالية ) في بعض الاوقات من التاريخ كمعارضتها الناصرية المصرية والبعثية الشامية والعراقية, اي لم يكن تعارضا جذريا, اي انه تعارض رفض حداثة صراعه انحصر في العمل على استبدال رموز السلطة الليبرالية, برموز محافظة متشددة منها, ولم يكن صراعا بين انظمة مختلفة نوعيا, ولذلك حفظت الانظمة التقليدية دائما لهذه القوى والثقافة, حق شرعية التواجد وحرية الحركة, الا ما اضطرت اليه من تقييدات, الى جانب ان قوى الدين السياسي جعلت من المقرات الدينية ( المساجد والكنائس والكنيس) مواقع اتصال وخطاب سياسي يومي مما مكنها من تصدر الجماهير, في حين انكفأت قوى الليبرالية والقوى التقدمية وثقافتهما في قوقعة المدينة, ونسجت علاقة فوقية برامجية اصلاحية, لا تصلح بديلا لا لقوى الدين السياسي ولا ثقافتها, لذلك لم يكن غريبا ان تتصدر الان قوى الدين السياسي مشهد الحراك والتفاعل والصراع في المنطقة,
ان العقائدية السياسية لقوى الدين السياسي لا ترتكز الى مقومات وطنية, مما جعل منها القوى الاكثر تقبلا للتفاهمات مع الاجندات الاجنبية, وهو قوام التقطته مبكرا قراءات الاجندات الاجنبية لها, وعملت على توظيفه لصالحها, ولم يكن بناء تنظيم القاعدة من حيث هو تنظيم استخباراتي اجنبي وديني سياسي جهادي محلي, تجربة الاجندات الاجنبية الاولى في توظيف الدين السياسي في الصراعات, فعلى الصعيد الاقليمي نستعيد تجربة معاداة الدين السياسي للتجربة الناصرية والبعثية, وعلى الصعيد العالمي نستعيد تجربة القاعدة الجهادية في افغانستان ضد الاتحاد السوفييتي, الامر الذي جنت من وراءه الاجندات الاستعمارية, خاصة الغربية فائدة كبيرة, مما وسع في منظور الاجندات الاجنبية للدور الوظيفي لقوى الدين السياسي في الصراعات, فعملت على ايصالها الى مواقع السلطة وادارة شئون الدول,
ان الاجندة الاجنبية الغربية ليست الاجندة الوحيدة القادرة على توظيف قوى الدين السياسي, رغم انها الاكبر امكانيات على هذا الصعيد, فمراكز القوة الاخرى تملك ايضا هذه المقدرة, وكذلك اقطاب القوة الاقليمية, وفي المقدمة منها القدرة السياسية الاستخبراتية للكيان الصهيوني, الذي اقيم اصلا جراء نجاح الاجندات الاجنبية في توظيف قوى الدين السياسي وثقافة الانقسام الطائفي, في الصراعات وفي خدمة استراتيجياتها التامرية على الشعوب, وهي تجربة كان الرائد بها في عدد من المواقع عالميا الاستعمار البريطاني,
ولو قرانا منهجية ادارة الكيان الصهيوني للصراع مع المجتمع الفلسطيني او دول المنطقة او مراكز القوة العالمية, لوجدنا منه توظيفا عاليا للقوى والثقافة الطائفية في الصراع معها, ونستعيد هنا اقتحام شارون للمسجد الاقصى الذي اطلق الانتفاضة الثانية, والتي هيأت لاجتياح الكيان الصهيوني للضفة واسقاطه فعليا اتفاقيات اوسلو والتزاماته فيها, وها هو يبقى على فاعلية مقولة امنه من خلال اطلاق يد مستوطنيه في الضفة الغربية والتي لا تنسى اللعب على تدنيس المقرات الدينية, فهل للكيان الصهيوني دورا في التصعيد الطائفي الحالي اقليميا وعالميا؟
ان النجاح الذي حققته الولايات المتحدة من خلال انتفاضات الربيع العربي وعلى اساس تفاهمات ايصال قوى الدين السياسي لمواقع السلطة, في مقابل اصطفافها سياسيا لجانب الولايات المتحدة, انما دفع ثمنه النفوذ الصهيوني في المنطقة, الذي سحبت منه الولاايات المتحدة موقعا تلو الاخر, الامر الذي لم يبقي للكيان الصهيوني سوى ملفات النووي الايراني, وملف توظيف قوى الدين السياسي وثقافتها الطائفية ضدها, وهي مناورة على تماس مع التوظيف الامريكي نفسه لقوى الدين السياسي وثقافة الانقسام الطائفي في الصراع مع ايران, ومحور الممانعة الذي ينهار الان
ان تصريحات شاؤول مفاز توضح حجم الخلافات الكبير بين الادارة الامريكية والادارة الصهيونية, وقد اشار شاؤول مفاز الى تدخلات نتنياهو في العملية الانتخابية الامريكية, وعمله على اسقاط حملة باراك اوباما, فاستزار خصمه رومني الذي اطلق تصريحاته حول القدس, وابتزت الصهيونية بها موقفا من الادارة الامريكية يعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني, وتلا ذلك انفجار قصة الفيلم المسيء لشخص رسول الله ( ص ) لتنفجر معه موجة غضب طائفي سفحت الدم الامريكي واخرجت بعضنا ( والغريب انه اعلامي بارز؟ ) عن تعاليم الدين الاسلامي في ضرورة الايمان بالله والانبياء والرسالات, فاحرق الانجيل في مخالفة صريحة للتعاليم الاسلامية وهدد بالتبول عليه,
ان هذا الايمان ( التكنوقراطي ) الديني, غير القائم على استيعاب سليم للاديان باعتبارها رسالات الهية اخلاقية خيرة, هو حصيلة التفسير السياسي العرقي لها, وهو الذي يقلبها الى اديان سلفية من صنف ونوع ومستوى السلفية المرفوضة في القران الكريم, وهو الذي يتيح للاجندات السياسية المحلية والاجنبية المقدرة على توظيفها ( قوى وثقافة ) توظيفا سياسيا هادفا يفصلها عن روحانيتها, وعن المقاصد الالهية لخير الانسانية بها ومنها, ان التفسير السياسي للاديان يلغي العقل ويحل محله مقبض السيف اكان في مجال الفتنة او في مجال الجهاد, حتى لا يعود المتدين قادر على التمييز بين اطار الفتنة واطار الجهاد, فيوحدهما جميعا و خطأ في اطار مقولة الجهاد
ان قتل السفير الامريكي وموظفيه في ليبيا, ومهاجمة السفارات الامريكية في مواقع اخرى يجيء في مقام قتل الاسرى, وايذائهم, ويجبر في النهاية دول المنطقة على تقديم ( الاعتذارات الرسمية ) للولايات المتحدة, ولا يعني ذلك قطعا كلمة الاسف والاعتذار او التعويضات المالية فقط, بل يعني توسيع هامش تدخل الولايات المتحدة في الحياة الداخلية للشان السياسي الاداري القومي لهذه المجتمعات, وهو قطعا يعني تيسيير تقبل مجتمع الولايات المتحدة للمنظور الصهيوني القائل ببربرية مجتمعات المنطقة وهوجائيتها, علما ان مجتمع الولايات المتحدة معبأ اصلا بهذه المقولة, فهل هذا ما تريده اللحى المزروعة بديلا للعقول في اصحابها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل يوجد صراع طائفي في إسرائيل
nabeel ( 2012 / 9 / 24 - 21:24 )
هل يوجد صراع طائفي في اسرائيل ؟ واذا كان كيف يمكن لها أن تديره و تتحكم فيه

اخر الافلام

.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما مع مواصلة محادثات التهدئة في


.. إيران في أفريقيا.. تدخلات وسط شبه صمت دولي | #الظهيرة




.. قادة حماس.. خلافات بشأن المحادثات


.. سوليفان: واشنطن تشترط تطبيع السعودية مع إسرائيل مقابل توقيع




.. سوليفان: لا اتفاقية مع السعودية إذا لم تتفق الرياض وإسرائيل