الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمليات دجلة... خطوة على طريق تقسيم العراق

حسين القطبي

2012 / 9 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


لا تحتاج الى عالم اجتماع لتعرف ان المشكلة الكردية في العراق ليست مشكلة عسكرية ولا امنية، وانما تنشأ بسبب اختلافات ثقافية تاريخية، اقتصادية اجتماعية وحتى جغرافية، في داخل الجسد العراقي، وبذلك فهي تحتاج الى القليل من التروي والدراسه.
الا ان القادة العراقيين لم يعاملونها طوال تاريخها الا بالسلاح، بسبب سيادة المنطق العسكريتاري، وهوس "الاخضاع بالقوة" الذي دائما يعتبره السياسيون في العراق هو المفتاح لحل جميع المشاكل.

تاريخيا، فان استخدام القوة العسكرية لم يفلح في حل هذه المشكلة، مرض العراق المزمن، منذ ان ضمت بريطانيا منطقة كردستان الى العراق في العام 1925 الى اليوم، مرورا بكل تقلبات العهدين الملكي والجمهوري، حتى تطورت الى غدة سرطانية تهدد بالعدوى مختلف مناطق جنوب وغرب العراق.

ولم يستفد القادة في العراق من دروس وعبر الماضي، ومن فشل الحل العسكري، والخطط الذي تقدمها ادارة السيد المالكي اليوم لا تعدو كونها تكرار لنفس السيناريو، والمحاولات القديمة الجديدة الفاشلة.
كان الاجدر بادارة السيد المالكي ان تقدم دراسة لهذه القضية تعتمد على نظرة متحضرة وبالاستفادة من تجارب الشعوب المتعددة الثقافات وطريقة حل المشاكل الادارية بصورة سلمية. الا انه (السيد المالكي) فضل استمرار النهج العسكري الفاشل، وطرحه بدون بدائل سلمية، او محاولة استمالة الشعب الكردي بخيارات ثانية، وهو خطأ تاريخي من شأنه ان يقود الى الكسر.
ليس هذا فحسب، فقد وصل الامر بالسيد المالكي، في لعبة كسر العظم التي ينتهجها مع كردستان الى تعيين احد المجرمين المعروفين بعدائهم الشخصي للاكراد، كقائد لعمليات دجلة في المنطقة، والذي سبق وان عمل تحت امرة الديكتاتور السابق صدام حسين في كركوك، في ترحيل العوائل الكردية من المحافظة كجزء من عملية التطهير العرقي الذي كان يمارسه النظام انذاك، وفوق ذلك فهو من المشاركين في عمليات الانفال تحت امرة علي حسن المجيد (الكيمياوي).

كان من الافضل لو منح السيد المالكي نفسه فرصة خمسة دقائق لمراجعة تاريخ هذه القضية، وسلسلة تطورها.
فلو القى نظرة تاريخية بسيطة، لوجد ان مطالبات الكرد لم تتجاوز في بداياتها السماح لهم بفتح المدارس باللغة الكردية، الا ان الرد العسكري ايام العهد الملكي دهور الامور مما صعد مطاليب الكرد الى تشكيل وحدات ادراية خاصة وتعيين ابناء المنطقة في المناصب الادارية.
ولم تنجح الاجراءات العسكرية بالقضاء على المقاومة الكردية، التي تنامت بعد ذاك، بل زادت المطاليب الى حكم ذاتي.
وجابهتها الحكومة ايضا بالقمع العسكري فارتفعت المطاليب الى نظام فيدرالي، وفي كل مرة كان يزداد عدد المتطوعين البيشمركة من جهة، ويزداد الشعور بالغبن، ويغذي الوعي الجماهيري في كردستان من جهة اخرى.

وكان المؤمل من الحكومات العراقية الثلاث التي تعاقبت بعد 2003 ان تقدم ورقة عمل مفهومة لحل هذه القضية المستعصية، الا انها فوتت فرصة الحل بسبب قصور الفهم المزمن لدى الساسة في بغداد.
اما المنطق العسكري الذي ينتهجه السيد المالكي، ومن نظرة سطحية للتاريخ يتضح انه لا يجابه سوى الفشل، ومن دراسة كل هذه التغيرات في موازين القوى فان مراهنة السيد المالكي على (عمليات دجلة) لن تقود في حالة شنت الحرب الا الى واحد من احتمالين:
النصر، وهو احتمال سيئ، فعلى ضوء الاحباط من التفاهم مع المركز، بعيدا عن السلاح، سوف تدخل القضية الكردية في مرحلة جديدة، وسترفع القيادات الكردستانية شعار "الدولة الكونفيدرالية"، وتلقى المطاليب الجديدة بلاشك الدعم والزخم الجماهيري، الذي يزيد من تعقيد الامور.
اما الاحتمال الثاني، اي الفشل العسكري فانه يقود الى انتزاع الكرد لبقية المناطق "المتنازع عليها" بالقوة.
وفي كلتا الحالتين فان عمليات دجلة لن تقود الا الى تعميق الجراح، ولن تكون الى خطوة اخرى على طريق تمزيق العراق.

لذلك فمن الافضل للدولة العراقية، من اجل تامين مستقبلي لخارطة العراق هذه ان تقوم بدراسة هادئة للوضع، بالاستفادة من خبرات الدول التي قدمت تجارب ناجحة وعملية في ادارة البلدان المتعددة الثقافات، كالهند، ماليزيا، جنوب افريقيا، وليس اللجوء للقوة، وتكرار سياسات التصعيد الكارثية، فتلك الدول حققت نموا اقتصاديا بلا ثروات طبيعية، بفعل الاستقرار الاجتماعي، الذي انعكس الى استقرار سياسي، لم يحققه العراق الغني، بفعل النهج العسكريتاري.

قبل ذلك عليه ان يعي ان المشكلة الكردية في العراق ليست عسكرية ولا امنية، وانما تنشأ بسبب اختلافات ثقافية تاريخية، اقتصادية اجتماعية وحتى جغرافية.
وقبل ذلك عليه ان يعي ان الحل العسكري لن ينجح في القضاء على تطلعات الشعوب، وان تشكيل الافواج والفرق الخاصة، على غرار (دجلة) لن يقود الا الى المزيد من التمزيق.. وان كنت اشك في ان بامكان السيد المالكي ادراك ذلك، فالرجل يبدو مصرا على الحل العسكري!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - طلب الى الكاتب !
صفاء ( 2012 / 9 / 15 - 13:00 )
ارجو من الكاتب ان يطلع على مقالة الاستاذ عبد الجبار منديل في صفحة هذا اليوم تحت تسلسل 69 !!

اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز