الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوامش مهرجاناتية

أبو الحسن سلام

2012 / 9 / 15
الادب والفن


على هامش المهرجانات واللقاءات المسرحية الموزعة على خريطة التواصل الثقافي والحضاري في بلادنا العربية وهي هوامش تعكس واقع الحياة المسرحية العربية بكل ملابساتها. ومن تلك المهرجانات المسرحية المهمة مهرجان المسرح الأردني الذي توطدت علاقته بفعاليات الفرق المسرحية العربية عبر استمرار دوراته التي توجت بدورة هذا العام بمشاركات منها العربي ومنها الدولي عروضا مسرحية وندوات نقدية مبرمجة ، وعلى الهامش دارت مناقشات وحوارات وتفجرت قضايا ودردشات ؛ عبر مسارات التواصل والتقاطع. وفي كواليس المهرجان وشوشات ونمنمات مسرحية ؛ غابت عنها لغة المجاملات وسقطت أقنعة الإطراء الكذاب أملا في الحصول على بيضة " رباب "
# بروشوردردشة كويتية :
نقتبس من العرض نفسه خيطا فكريا تتبعه العرض الكويتي المشارك في فعاليات المهرجان وهو عرض ( مونولوج الغربة ) وهذا العرض قدم من قبل في مشاركات مهرجاناتية سابقة تحت عنوان ( جلسة سرية ) على أن مقولة خطابه تتلخص على لسان مؤلف النص فيصل العبيد متقنعا خلف إحدى شخصياته المسرحية ؛ حيث يقول: " من يريد معرفة أسرار الموت فليسعى إليها في قلب الحياة ؛ فما حدث لأحدهم حدث وسيحدث للكثيرين . إني في مونولوج الغربة أحد هؤلاء أو بالأحرى أحدهم . "
أما الكلمة المباشرة للمؤلف نفسه ؛ فقد تضمنها كتيب العرض نفسه ( البروشور )
وفيها يقول معبرا عن حالة الاغتراب التي يعيشها إنسان العصر: " كل إنسان منا يعيش مونولوج غربة تتحول فيه أحداث حياته ما بين فواصل وأقواس. أجل فواصل نتعثر بها وأقواس تقيدنا تلك الأقواس كتب ما بينها سيناريوهات لقوانين يعرفها لا واقع ولا خيال . وهي (النقطة) حينها ندرك نهاية المونولوج والعنوان . فالنقطة هي القبر والعنوان هو شاهد القبر كتب عليه أحدهم " ابن فلان."
هذا عن خطاب النص . فماذا عن خطاب العرض ؟ هل توحد مع خطاب النص أم افترق عنه ؟ فإذا كان مفارقا لخطاب النص ، فما الجديد وكيف تجسد عبر الصورة المسرحية ؟ هذا مجال الخطاب النقدي للعرض . فماذا عن بروشور هوامش العرض نفسه . وربما كشفت كلمة المخرج " فيصل العميري " التي تضمنها البروشور المطبوع للعرض نفسها: حيث يقول : " إلى الجميع .. إلى أحدهم ... كم كان صعبا التعرف عليك في ذروة الحياة القاسية لكن اطمئن فأنا هنا للتحدث عنك . "
من الواضح أن معطيات العرض متوحدة مع خطاب النص ؛ فإلى جانب ما عبرت عنه كلمة المخرج تضافرت معها بعض عبارات موجزة جاءت على ألسنة ممثلي العرض الذين تظهر رؤوسهم من فتحة في باطن الأرض ؛ كما لو كانوا محكومين بالإعدام دفنا في حفرة من صحراء بلاد العرب في انتظار الموت على الطريقة العربية القديمة. وكل منهم يبوح بكلمته الأخيرة . فهذا أحدهم ويمثل دوره المخرج نفسه في خطاب بوحه الأخير يقول : " لم أكن وقتها مستعدا للحضور إلاّ أني وجدت نفسي حاضرا للموت . " وما المعنى سوى أنه لم يعش حياته ؛ كان غائبا في حياته مستعدا للموت أو طالبا له طوال عمره .. وهذا اليأس والقنوط إن دل على شيء فإنما يدل على حياة الاغتراب التي عايشها ؛ فهو الحاضر الغائب أو المغيّب – أولا- هو الحاضر قبيل الغياب الدنيوي ، الموعود بالحضور في غياهب القبر .. وهو وعد ممن لا يملك أن يمنح ؛ وعد من مجهول ، لا يعرف أحدهما الآخر، ليس هذا فحسب بل إنه يوجه خطاب وعده للعموم ؛ طبقا لخطاب المخرج سالف الذكر : " إلى الجميع .. إلى أحدهم ... كم كان صعبا التعرف عليك في ذروة الحياة القاسية لكن اطمئن فأنا هنا للتحدث عنك . " ديماجوجية" واضحة .. إذ كيف يتحدث عن أشخاص لم يعرفهم ؟!
أما خطاب نقد تلك المقولة لنفسها فيتضح في أن الخطاب نفسه يدين فكرة تكريم الإنسان بعد موته ؛ حضا – ربما – على تكريمه في أثناء حياته . وهو إجراء لاشك ينفي عنه غيابه وهو حاضر ينفي حالة شعور الإنسان بحالة الاغتراب التي تبدأ مع الإنسان من لحظة ميلاده ، تلك التي عبر عنها المخرج بظهور الشخصية الرئيسية شبه عار في حوض زجاجي مستطيل شفاف مملوء بالماء في خلفية فضاء الصورة المسرحية. وما أن يخرج منه تسقط ثلاث بؤر ضوئية على رؤوس ثلاثة لثلاث رجال ، ما أن يبوح كل منهم بمقولته الأخيرة حتى يخرج أحدهم من حفرته ليضغط على رأس أحد الاثنين الباقيين كل في حفرة موته ، لينتهي الأخير منهما وهو ما زال في حفرته بالاستسلام للثاني الذي يشرع في حلاقة رأسه .
وما بين دلالة الميلاد ( حوض الماء ) ودلالة الموت ( الحفرة) ودلالة التطهر (الحلاقة بالموسى ) يحقق العرض حالة من التوحد مع النص . فالإنسان يعيش غريبا ويموت غريبا على وعد ممن لا يملك بإحياء ذكرى غيابه أو اغترابه – ربما –
ومما قيل من تعليقات على هامش الندوة النقدية التي أقيمت بعد عدة أيام على هذا العرض .. تمثل في ملاحظة نقدية لأحد النقاد عن ضرورة أن يتمثل حوض الماء الذي هو رمز للرحم أن يتخذ الشكل البيضاوي ؛ فهو الأقرب للتماثل مع شكل الرحم .
# ومن الوشوشات النقدية الجهيرة كانت كلمتي : " كان العميرى مخرج العرض قد أهدى إلى منذ أكثر من عام قرصا مدمجا حمل عليه العرض نفسه بعنوان : ( جلسة سرية ) لذا رأيت وجها إطاريا للتشابه – إلى حد ما – مع مسرحية سارتر الشهيرة فالشخصيات ثلاث وكل منهم يعيش حالة انقطاع عن غيره – كل في حفرته أو الجيتو الخاص به بوصفه الأنا أو الذات المنقطعة عن الآخر – فكل منهما جحيم لكل منهما ، وهو انقطاع يبدأ بلحظة ميلاد ( الأنا) وينتهي بموتها بعد تطهرها. غير أن عرض بعنوانه الجديد ( مونولوج الغربة ) فيه بعض التعديلات. على أن ما يستحق التقدير هو التفات مخرج العرض والقائمين على إنتاجه إلى فقيد المسرح والعلم والفن الدرامي المخرج الإذاعي الكويتي – الحاصل على ماجستير في (جماليات الإخراج بين الإذاعة والمسرح) من قسم المسرح بجامعة الإسكندرية وهو زميل كل من مؤلف النص ومخرجه في برنامج الدراسات العليا بجامعة الإسكندرية حيث تضمنت الصفحة الأولى من بروشور العرض صورة كبيرة للفنان المرحوم " هاشم نجف بهمن " الذي لاقي ربه في إثناء امتحان السنة التمهيدية للدكتوراه في الأيام الأخيرة من شهر رمضان 2011 بمدينة الإسكندرية غير أن ذلك لم يلتفت إليه مقدم حفل العرض وهو يؤبن من رحل من فناني المسرح الكويتي فلقد نسي ذكر اسم الفنان المرحوم ( هاشم بهمن ) !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل


.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا