الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذكرى المئوية لاذلال مواطن عراقي

محمد فاضل نعمة

2012 / 9 / 15
حقوق الانسان


لم اخطط لهذه المناسبة ، ولم ترد مسبقا في روزنامتي للمناسبات الشخصية، الا انها مناسبة مميزة بالنسبة لي ، تذكرني قبل كل شىء بعراقيتي وانتمائي الى وطن يغمرني بخيره وشره ، انها الذكرى المئوية لتقديمي طلب الى دائرة البعثات والعلاقات الثقافية في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، قبل يومين مر مئة يوم على وجود معاملتي على درج احد الموظفين هناك دون انجاز ، ودون رد او اجابة ، ودون اتخاذ اية اجراء ( 3/6-- 12-/9/ 2012)،على الرغم من بدا العام الدراسي الجديد في الجامعات المصرية، ربما هذه المناسبة ليست بحجم ذكرى احداث 11 سبتمبر ، ولم يسلط عليها الضوء الاعلامي كما حصل مع مئة يوم من الاصلاحات التي اطلقها رئيس الوزراء نوري المالكي ، لكن اعتقد انها مناسبة يشعر بها كل عراقي يعيش في الداخل ويتعامل مع المؤسسات الحكومية لانجاز معاملاته اليومية ،الجميع هنا يتشارك مشاعر الاذلال والياس والاحباط من مؤسسة ادارية مهترئة تقف فيها الاجهزة الرقابية عاجزة عن التخفيف من حدة اذلال المواطن او التقليل من وطاة الفساد الاداري المستشري ، وبالتالي كل عراقي يملك الان قصة اذلال ليرويها في اروقة دوائر الدولة .
تبدا القصة عندما وجه السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي على حين غفلة الغاء الاعتراف بمعهد البحوث والدراسات العربية في القاهرة، وحث الطلبة الى الانتقال الى جامعات حكومية رصينة بموجب كتب رسمية ،على الرغم ان الوزارة ذاتها هي التي منحت هؤلاء الطلبة الموافقات الاصولية للدراسة وفتحت لهم ملفات دراسية .. استجبت كما استجاب الطلبة الاخرون لقرار السيد الوزير،وبدانا منذ اشهر رحلة معاناة جديدة لاكمال متطلبات الانتقال التي تقتضي اجراءات المعادلة والحصول على قبول من جامعة حكومية واجراء الامتحانات والاختبارات اللازمة لذلك ، وهذا يتطلب وقت يتجاوز الشهرين ومصاريف كبيرة يتحملها الطالب رغما عنه ، بعد اكمال هذه المتطلبات قدمنا طلب الانتقال الى القسم الثقافي في سفارة جمهورية العراق في القاهرة ومعها كافة القبولات والمستمسكات المطلوبة بتاريخ 27/ 5/2012 ، وقامت السفارة بارسال الطلبات بكتاب رسمي موقع من السيد السفير الى جهتين رئيسيتين اولها مكتب مدير عام دائرة البعثات والثانية قسم تقييم الشهادات بتاريخ 30/5/2012 ، وقد ايد مكتب مدير عام البعثات وقسم تقييم الشهادات استلامه المعاملات واتخاذه الاجراءات اللازمة في 3/6/2012 ، ومنذ هذا التاريخ لحد الان وقد تجاوزنا حاجز المئة يوم بقليل لم يتخذ اية اجراء بخصوص الطلب او يتم الرد عليه وما زال مركونا على مكتب احد الموظفين هناك ، وكلما سالنا بلطف وخوف وادب هذا الموظف حتى لا ينزعج عن سبب التاخير المئوي ، يجيب بعبارة سمجة ( لم تجتمع اللجنة لحد الان ) ،امر محير ان لا تجتمع لجنة مختصة للنظر في طلبات المواطنين لاكثر من مئة يوم ؟ كما ان الموضوع لا يحتاج الى لجنة علمية للتقييم فانا اصلا طالب دكتوراه ولدي ملف دراسي في دائرة البعثات وكل المطلوب هو معرفة هل الجامعة الجديدة المراد النقل لها معترف بها من قبل العراق ام لا وهذا الامر مبين ومحسوم بقائمة منشورة على موقع الوزارة للجامعات المعترف بها ، وبالتالي نحن لسنا بصدد فتح ملف جديد .
بتاريخ 4/9/2012 وبعد ياس شديد من تحرك معاملتي من مكتب هذا الموظف الهمام ، قررت اللجوء الى الجهات الرقابية لمعرفة الاسباب والدوافع التي توقف معاملة مواطن حوالي مئة يوم ، فقمت بمفاتحة دائرة المفتش العام بالموضوع ومرفقا كل المستمسكات التي تثبت ذلك ،على البريد الالكتروني المعلن على موقعهم ([email protected]) ، لاكن لا اعرف لما لم استغرب عدم اجابتهم على شكواي لحد الان ؟ ربما لان سياسة اذلال المواطن اضحت ثقافة ، والترهل والفساد اصاب حتى المؤسسات الرقابية التي تعد الملاذ الاخير للمواطن ..يوم 13/12 استجمعت شجاعتي واتصلت بمكتب المفتش العام هاتفيا من القاهرة على الرقم (07813756531) المعلن على موقعهم الرسمي وطلبت من الموظف الذي اجابني تحويلي الى السيد المفتش العام ،شعرت باحساس الغضب الذي انتاب الموظف على جرأتي في طلب التحدث مع المفتش العام بشكل مباشر ، طالبا ان اشرح الموضوع له شخصيا ،وبعد جلسة تحقيق سريعة معي اجابني ناصحا ان الجا الى دائرة البعثات وان دائرة المفتش لا علاقة لها بتاخير المعاملات.
احببت لعبة الاتصالات هذه واخذني الغرور والجراة الى الاتصال ببدالة دائرة البعثات وطلب التحدث الى المدير العام ،رد علي عامل البدالة بصوت مابين الاستخفاف والغضب (لااستطيع تحويلك الى المدير العام .. من انت .. لا يجوز ان نحولك للتحدث الى المدير العام مباشرة ) قلت له مستعطفا (اخي انا اكلمك من القاهرة والخط دولي ومكلف ،وارجو ان تتجاوز تعليماتك قليلا في هذا المجل وتحولني لان الموضوع هام وعاجل ) ،اخيرا رف قلب العامل قليلا لحالي ووافق مشكورا على تحويل المكالمة الى سكرتير المدير العام وليس الى المدير العام ذاته وهذا اقصى ما يستطيع ، ردت على موظفة قالت انها من سكرتارية المدير العام ، طلبت منها ان اتحدث الى السيد المدير ردت برعب ( لايمكن ان احولك ثم المدير العام غير موجود ..) وطلبت ان اطرح عليها الموضوع ، وبعد شرح مبسط ، اكدت لي الموظفة ان موضوعي لا يحله المدير العام ، بل مدير قسم تقييم الشهادات حيث ترقد معاملتي منذ مئة يوم ، طالبة مني الاتصال بالدكتور سلمان مدير القسم على الرقم الداخلي (258) ، عاودت الاتصال الدولي من جديد ببدالة دائرة البعثات وهذه المرة طلبت من عاملة البدالة التي ردت علي الرقم الداخلي لمدير القسم ،لايمكن وصف حالة الرعب التي انتابت صوت العاملة وانا اطلب تحويلي الى مدير القسم وبدات تردد بارتعاش واضح ( من انت .. انت احد اقاربه ؟) وضلت تردد هذه العبارة اكثر من مرة ، ووجدت نفسي ارد بهستيرية ( انا لست اقارب مدير القسم انا مواطن عراقي .مواطن عراقي .. حظي العاثر جعلني مواطن عراقي .. لو طلبت تحويلي الى رئيس الجمهورية ماذا ستفعلون بي ؟ ) مع ثورة الغضب الهستيرية التي انتابتني لم اسمع اجابة من العاملة بل قامت بتحويلي الى مدير القسم مباشرة ، لايمكن تصور غبطتي .. اخيرا ساكلم مسؤول عراقي بشكل مباشر .. ولولا ان الخط دولي كنت صليت ركعتين لوجه الله ، قدمت اسمي ووضعي اولا للسيد المسؤول وما ان بدات اشرح له الموضوع حتى قاطعني بادب جم طالبا مني معاودة الاتصال يوم الاحد القادم وان يقوم السيد السفير العراقي في مصر بمكالمته شخصيا حول الموضوع وانه سوف يتابعه بالتاكيد بعد ذلك وانهى بذلك المحادثة .
شعرت بعد اخر مكالمة لمسؤول عراقي انني اسقط في فراغ لا متناهي ،لاول مرة اخجل من عراقيتي .. لكن على الرغم من ذلك قررت ان احتفل بالذكرى المئوية لاذلال مواطن عراقي وان اعيد ارسال رسالتي هذه اضافة الى رسالتي الى المفتش العام في وزارة التعليم مع مستمسكاتها مئة مرة لكل واحد من السادة المسؤولين في الوزارة وخارجها ممن استطيع الوصول الى ايميلاتهم ليحتفلوا معي بهذه الذكرى المؤلمة .
ربما موضوعي بسيط جدا مقارنة مع هموم ملايين العراقيين يوميا ومعاناتهم في الدوائر الحكومية والنظام الروتيني الذي يدور في فلكه ، والذكرى المئوية التي احتفلت بها قبل ايام ، هي رقم بسيط من ارقام الاستهتار بحقوق الانسان العراقي ، وربما مر الاخرون بتجارب تتجاوز المئوية الى مضاعفاتها .. لاكنها تكشف حتما حجم الزيف الذي يمارسه بعض المسؤولين ،عند الحديث عن سرعة انجاز المعاملات واستخدام التقنيات الحديثة لراحة المراجع في دوائر الدولة ، كما انها تدحض اكاذيبهم حول كفاءة الاجهزة الرقابية ، والابواب المشرعة للسادة المسؤولين لاستقبال شكاوى المواطنين ...ودائما السؤال الذي يطرح ..من المسؤول؟ .. الموظف الذي ترقد عنده معاملتي، ام مدير قسمه الذي لا يتابعه .. ام المدير العام الذي لا يتابع مدراء اقسامه .. ام الوزير الذي لا يتابع عمل دوائرالوزارة .. ام رئيس الوزراء الذي لا يتابع وزرائه .. ام البرلمان الذي لا يتابع الحكومة .. ام الحكومة التي لا تخاف المواطن ولا تحترمه وتستخف بمشاعره وبماضيه وحاضره ومستقبله ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الخلل
Ali Ahmed ( 2012 / 9 / 15 - 18:30 )
تبحث سيدي عن الخلل وهو بيك قبل ان تلوم الاخرين لأننا أمة جاهلة ننتخب المسؤول ونصفق له ونسائنا تهلهل له في البداية وبعد ان نهمش منه نسبه ونلعنه ولا نحاول ان نجاهد لكشفه وإسقاطه بنظر الاخرين ونبلعها ونسكت لأننا شعوب غير حية ونستاهل الي يصير بينا


2 - اذلال مواطن عراقي
امجد الخفاجي ( 2012 / 9 / 15 - 21:43 )
كل العراقيين هم محمد فاضل نعمة وهم ضحية الروتين القاتل في دوائر الدولة
نتمنى ان تصل قضية الاخ محمد فاضل نعمة الى السيد وزير التعليم العالي ( العراقي أولاً وأخيراً )
ليكون قراره العادل في قضية الأخ محمد فاضل نعمة بارقة أمل لكل عراقي شريف يطلب ابسط حق من حقوقه باحترام عراقيته .

اخر الافلام

.. الفقر والإهمال يحرم أبناء النازحين بكردستان العراق من الدراس


.. نتنياهو وبوتين والسعودية..كيف استفادوا من قرار المحكمة الجنا




.. مندوب فلسطين الدائم بالأمم المتحدة: نتوقع مفاجآت من دول مثل


.. مطالبة مدعي -الجنائية الدولية- باعتقال نتنياهو يثير غضب حلفا




.. علاقتهما بالدول المختلفة وارتباطهما بالأمم المتحدة,ما الفرق