الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيخ القابع وراء الأكمة .

فريد العليبي

2012 / 9 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



تقول العرب في أمثالها : وراء الأكمة ما وراءها ، و المناسبة أن امرأة وعدت صديقها بلقاء ، فظل يترقبها وراء أكمة ، و لكنها لم تأت لحبس أهلها لها ، فقالت أوتحبسوني و وراء الأكمة ما وراءها ؟ ، و في تونس اليوم هناك أكمة الحكومة ، و هناك من يقبع وراءها ، و هو شيخ من شيوخ السياسة ، تخفى في جبة مقدسة ، يذكر حالها بحال ما آل إليه قميص عثمان على يد معاوية ، أما المرأة فهي تلك السلطة الناشئة التي يريد الشيخ بها وصلا ، لتصبح ببركاته مُلكا عضوضا و ديكتاتورية غاشمة .
الأكمة تخفى ، إنها حجاب أو نقاب أو ستار ، و في سيرك السياسة فإن اللاعبين على الحبال يتدرعون بها ، في حربهم على البؤساء ، فهم لا يظهرون إلا لممارسة المزيد من التخفي ، فيكون النفاق و الكذب و الدجل ، صنائع و حرفا ، يتبارى فيها المتبارون ، فهم ليسوا الحكومة و لا تأثير لهم عليها ، فهي وحدها مالكة مصيرها ، بينما صنعتهم تقديم مشورة الحكماء .
يحتكر الشيخ الحقيقة المطلقة ، الواحدة الوحيدة ، و هي التي على الجميع التسليم بها باعتبارها مقدسة ، فالشيخ رضي الله عنه هو منتجها ، و من خالفها كان من الخوارج والشواذ والشراذم و الأغراب و الأشرار، المحشورين لا محالة في ديار الكفار و الأبالسة . كما يحتكر الشيخ القيم ، فإذا نطق حضرت في كلماته الفضيلة و الصدق و الوفاء ، و غاب الرياء و الكذب و النميمة ، فهو المثال و الجمال و الكمال ، و السلام على من اتبع سبيله ، فلا غاية له غير ذاته ، فالشيخ للشيخ شيخ ، و هذا الامتلاء يجعل المريدين من حوله و أكثرهم ممن يبيتون على الطوى ، تابعين لا يلوون في يده عصا ، فهو الشيخ و هم القبيلة ، أو هم الفرس و هو الشكيمة .
التقاء الشيخ و الشعب مثل التقاء الساكنين في لغة العرب ، كلما حضر أحدهما حذف سابقه ، فعندما يسود الشيخ يحذف الشعب ، و عندما يسود الشعب يحذف الشيخ ، و من العبث الحديث عن الديموس اليوناني و مرافقه الكراتوس في هذه الحضرة المقدسة .
في السياسة للشيخ سلطة آسرة ، يستمدها من تلك الجبة المقدسة ، فرغم أنه يلامس بجبهته التراب و يتضرع إلى السماء ، و يركع و يسجد مثل بقية المؤمنين ، فإنه ليس كالآخرين ، فهو الأقدر على فهم أوامر الخالق و نواهيه ، و عندما ينتقل من الديني إلى السياسي يتقمص دور الحق و المطلق ، فهو الذي يأمر ، و هو الذي ينهى، و على الجميع طاعته ، حتى أن بإمكانه الإفتاء بتكفير و قتل من خالفه في السياسة ، كما لو كان قد خالف في الدين الباري نفسه .
عن الشيخ التونسي قال وزير سوري أنه رآه على باب أمير قطري ، و قد تسلم مائة و خمسين مليون دولار أمريكي ، و عنه نقل صحفي انكليزي شهير ، في جريدة لا تقل شهرة ، و قد تواترت مثل هذه الأقوال ، حتى أن رئيس الأكمة التونسية السابق تحدث عن المال الذي كان يهطل مثل شلال على حركة الشيخ السياسية ، زاعما جهله لمصدره ، و الطريف أن الرحال قد حط به هو نفسه بعد خروجه من الأكمة في قصر الأمير القطري .
هل أصبح الشيخ الذي وراء الأكمة عاريا تماما ؟ لا ليس بعد ، و لكنه في طريقه لملاقاة مصيره ، وقتها لن يكون وراء الأكمة غير بيداء مقفرة ، كل شئ سيصبح أمامها فتفقد إغراءها ، أي ما كانت ترفل فيه باعتباره سرا من أسرارها ، ففي لعبة الديمقراطية التونسية سيزداد إيقاع المشهد الفضائحي قوة و دراماتيكية ، و ستتجول الفضيحة من مدينة إلى مدينة ، و من قرية إلى قرية ، و من شارع إلى شارع ، و في ثنايا ذلك قد يكتب فصل آخر من فصول الانتفاضة التونسية ، فلابد لليوم من غد ، هذه الجملة الممزوجة بالحكمة التي يقال أن تلميذا تونسيا قد قرأها بطريقة طريفة ، تنطبق تماما على الشيخ القابع الآن هناك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المدرجات تُمطر كؤوس بيرة في يورو ألمانيا.. مدرب النمسا يُحرج


.. لبنان يعيش واقعين.. الحرب في الجنوب وحياة طبيعية لا تخلو من




.. السهم الأحمر.. سلاح حماس الجديد لمواجهة دبابات إسرائيل #الق


.. تصريح روسي مقلق.. خطر وقوع صدام نووي أصبح مرتفعا! | #منصات




.. حلف شمال الأطلسي.. أمين عام جديد للناتو في مرحلة حرجة | #الت