الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة مارواشث هذا الماضي الحزين

سعيد بلغربي

2005 / 2 / 26
الادب والفن


قصة قصيرة
علمتنا دروس الابتدائية العرجاء أن ندع اللقالق ترحل إلى حيث تريد بدون وداع،لكن لماذا هذا الخوف وليس في قريتنا لقالق نقلقها
ملوية كانت على اهبت السفر ذلك اليوم المجهول؛حملت جميع حقائبها و اسرارهـا؛عندما علمت أن كل آلهتها ماتت وانتحرت كل أحلامنا على قارعتها،تعرت فإنتشل ماءها خائفا باحثا عن منافذ للهروب .
حينما ربطو ماضيها بماضينا؛حينما إعتقلو ضفافها بالاسمنت المسلح بكت حتى الكآبة ؛ضحكنا وإحتفلنـا.
لم تعد ملوية الآن تلك الغولة الهادئة المفترسة لللقالق و لأحلام رفيق جدي،كانت خيطا رقيقا حين تعبره يقتلك أو يحيك !
جدي يحكي المه بمرارة حين فقد صديقه الى الابد وهما يتأهبان لعبور الى الضفة الاخرى من ملوية التي كانت مياههـا تتلألأ بألوان
الموت
مرواشث جرح من هذا الماضي الحزين،كـانت متعة العبور إلى دزاير يحكي جدي مغامرة قاتلة،الوصول إلى مزارع المعمرين الفرنسيين في بلاد الجزائر لعمل يعني تحقيق حلم.
جدي الآن ينتقم من ملوية يعصر ماءها بين أصابعه الخشنة بعد أن مصت دماء أجدادنا بلا رحمة،الهروب من الوطن كان لعبة قذرة والأرض تمنع هذا الرحيل فتئد أبناءهـا في أنهارها و الان في بحارها،هكذا كانت الأرض تعبر عن حبها المفرط لنا.واللقالق إذن داخل هذه اللعبة الوسخة،لكن لمـاذا كانو يتركونها ترحل ?هكذا كانت عقولنا الصغيرة تسأل دون أن تعي معنى هذا الرحيل والى أين كانت تذهب،ودون أن نعرف أنهـا كانت تطير تحت وطن لاموقع لطيوره تحت سقف شتاءه وصيفه.

* * * * * * * * * *
لم تكن أمي تؤذي اللقالق ولا تعرف شيئا عن سلوكها لانه لم تكن تعشعش في دوارنا لقالق،نحن أسرة تقدر طائر السنون ،لأنها تأتي إلنا كل سنة ببشائر الخير من بلاد مكة تقول والدتي وهي تعطر ريشها بماء الورد وتقبلها على رأسهـا ثم تعيدها إلى الهواء،هكذا ورثت الحكاية عن جدتي.
لكن منذ أن تعلمت كيف اصطاد العصافير المدنسة و المقدسة تخليت عن إحترام اوكارها؛كنت أهشم أعشاشها الطينية التي تبنيها بغباء كبير على بعد قامة أجسادنا الصغيرة؛في نوافذ منازلنا الطوبية.
نهرتني والدتي ذات سنون بعد أن صفعتني على خدي صفعة اهتزت لها أركان رأسي؛طالبة مني أن أكف عن تهشيم هذه الأعشاش التي سوف تؤدي بي إلى الاصابة برعشان الاطراف،حينها غفرت لامي جهلها بلعنة السنون المكي.
حتى الطيور التي تأتي من مكة يجب أن نحميها أن نتركها تعيش في منازلنا و تتغوط على رؤوسنا بسلام،نعطرها ونقبلها على رؤوسها ثم نهديها للرياح كما تفعل والدتي عن جهل.
* * * * * * * * *
ملوية الآن لاتقتل أحد،هـاهي تطل علينا بحياء من شرفتها الزرقاء ؛تبدو كطفلة رقيقة البراءة تبلل وجهها الشاحب بماء الدموع وكأنها تستعطفنا أن نعيد إليها لعبتها التي فقدتها بين الرياح.من يعرف ملوية يرى أنها تتأهب للرحيل كل حين،كم تخشى المسكينة أن نباغتها يوما مـا ونضع ثقل ثـأرنا على ضفافها لهحاكمة ماءها الذي إختار إختار الانخراط في جرائم النهايات.
هذه هي ملوية التي ركعت لنا دهرا ولم نسامحها !
شتاء 2002)

مارواشث أو ملوية منطقة مائية بالشمال الشرقي بالمغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر