الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نتنياهو ومرسي ينفخان في قرب الخداع

تميم منصور

2012 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


نتنياهو ومرسي ينفخان في قرب الخداع
تميم منصور

بنيامين نتنياهو, ومعه كل سماسرة السياسة والسحرة الذين يدورون حوله، جميعهم يلعبون لعبة العبث بأعصاب المواطنين في إسرائيل. يثيرون الأزمات ويرعدون ويبرقون على اعتبار أن هناك حربا لا محالة وشيكة الوقوع مع إيران، وأن النيران المشتعلة تحت طنجرة طبخة الضربة الجوية ارتفعت شعلتها في الموقد فازدادت غلياناً، وبأن مؤشر عقارب القرار الإسرائيلي اقترب من ساعة الصفر.
بهذا الأسلوب وغيره يمسك نتنياهو وزمرته الذين يضربون, بدفوفهم, ذقون وأذهان المواطنين في الدولة. يرقص على أوتار هذا الدف أيضا وسائل الأعلام بشتى قنواتها الفضائية وشبكات بثها وصحفها. جميعهم يشاركون بهذه اللعبة القذرة، يفصلون الأخبار وينسجونها على مقاسات ومفاهيم وأولويات الاهتمام لدى المواطن كي يبقى مشغولا متوترا ليلا ونهاراً.
مرة يشغلون المواطن بالنقص بالكمامات الواقية, وبأن الجبهة الداخلية غير مستعدة بما فيه الكفاية. ومرة يتحدثون عن شبكات الصواريخ المضادة (القبة الحديدية) بما فيه الكفاية، التي عجزت حتى الآن عن ردع صواريخ القسام البدائية. ومرة يتحدثون عن الانقسام والخلافات داخل صفوف وزراء الحكومة وبين كبار ضباط الجيش. ولكي يرفعوا من منسوب التوتر والقلق لدى هذا المواطن، أصروا أن تكون نسبة الانقسام متساوية بين أولئك الذين يدعمون قرار العدوان وبين الذين يرفضون القيام بهذه المغامرة الجنونية. ومرة يصر نتنياهو على رسم خط احمر أمام أمريكا وعلى إيران عدم تجاوزه، وكل يوم يفصل نتنياهو حادثا أو خبرا جديدا. وقد استطاع بهذا الأسلوب إيهام المواطنين, وربما دولا بأكملها, بوجود حالة من التوتر والخلاف بين إسرائيل وسيدتها أمريكا. ادعت وسائل الأعلام الإسرائيلية بان أمريكا قررت التنصل وعدم تحمل أية مسؤولية عن أي عدوان تقوم به إسرائيل ضد إيران. وقد أبلغت أمريكا إيران موقفها هذا حتى لا تقوم الأخيرة برد فعل ومهاجمة القواعد الأمريكية الموجودة داخل غالبية دول الخليج الفارسي الناطقة بالعربية، كالسعودية والبحرين وقطر والكويت وغيرها. لقد بلغ سيل التزييف والكذب الإسرائيلي زبى الحقيقة، وهي أن القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل تخدع شعبها، وبأنها لا تملك كل مصداقية أو قدرة أو جرأة للقيام بأية مغامرة ضد إيران. هذه القيادة تدرك بأنه من السهل البدء بأية مغامرة عسكرية, لكن من الصعب جداً الأخذ بناصية ومفاتيح نهايتها والتحكم بها. كما أن حكومة نتنياهو مصرة على إبقاء فتيل التوتر مشتعلاً لأهداف كثيرة، نذكر منها:
- ابتزاز أمريكا ودول كثيرة من خلال خلق هذه الأجواء المتوترة كي تحصل على المزيد من الأسلحة الأمريكية والأوروبية المتطورة. آخرها ضمان إسرائيل الحصول على طائرات من نوع اف 34 وقنابل بإمكانها اختراق الموانع العميقة. كما حصلت على غواصتين متطورتين جداً من ألمانيا. وتهدف إسرائيل من وراء شحن وخلق هذه الأجواء الضغط أكثر على مجموعة الدول الأوروبية وأمريكا, كي تزيد من حالة مقاطعتها وحصارها لإيران، لتجويع الشعب الإيراني وكسر إرادته، كما فعلت مع كوبا سابقاً ومع العراق قبل غزوه، وكما تفعل اليوم مع سوريا العرب.
- حكومة نتنياهو تريد إبقاء الشعب في إسرائيل في حالة من الرعب كي تستمر بانتهاج سياساتها التجويعية ضد الطبقات الفقيرة والمتوسطة، فقد استثمرت أخيراً هذا التوتر وهذا القلق, وبتوجيه ضربات اقتصادية أفقدت المواطن توازنه. لقد تراجعت عجلة الإنتاج وزادت نسبة البطالة وارتفعت أسعار الطاقة. كما طال الغلاء جميع المواد الغذائية الأساسية، لكن انشغال هذا المواطن البائس بحالة التوتر والقلق من حرب شبه مؤكدة على أربع جبهات, كما تصور له حكومته. أدخله في حالة من الترهل والبلاهة والجمود الفكري وحالة من التخدير, كي لا يرفع صوته ضد سياسة التجويع التي تمارسها حكومة نتنياهو ليبرمان براك.
تحت مظلة الافتعال والتطاول الإسرائيلي المزيف وإثارة الغبار السياسي الذي تلبد في سماء المنطقة، ضاعفت إسرائيل من عدوانها شبه اليومي على قطاع غزة. كما شددت من حصارها على هذه المنطقة بسبب إثارة هذا الغبار، وغابت مخاطر ومضاعفات هذا الحصار عن أذهان المواطنين, ولم يعد أحدا يتحدث عن هذه الجريمة الإنسانية. في ذات الوقت ازدادت وتيرة الاستيطان داخل الضفة الغربية وفي مدينة القدس المحتلة. ومنذ أن زادت حكومة اليمين, برئاسة نتنياهو, من الأعيبها وقلقها المفتعل من برنامج إيران النووي تضاعفت أيضا اعتداءات عناصر أوباش المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين المسالمين في مدينة القدس والضفة الغربية.
يجب أن نعترف بان إسرائيل تمكنت من قطف ثمار سياستها العدوانية هذه من خلال تجاهلها لكل الاحتجاجات التي توجه ضدها، لأن هذه الاحتجاجات لم تتجاوز أكثر من صدور بيانات فارغة باهتة واهية عاجزة، صدرت عن اجتماعات وزراء الخارجية العرب، واجتماعات القمم العربية المخجلة، واجتماع مؤتمر دول التعاون الإسلامي. وكل هذا التراخي والتواطؤ أصبح بمثابة شد على أيدي إسرائيل للاستمرار في سياستها العدوانية.
الا ان ما ضاعف من شهية حكومة نتنياهو العدوانية وصلفها وتطاولها ردة الرئيس المصري محمد مرسي، بعد أن وقف حزبه في وجه ثورة 25 يناير في مصر واستطاع بمساعدة قوى خارجية الاستيلاء على مقدراتها. كما حاول أسلافه الاستيلاء على ثورة 23 يوليو من عام 1952 لكنهم فشلوا. إن ما قام به مرسي وحزبه هو إزاحة الثورة عن مسارها الذي قامت من اجله، وهو تطهير مصر من أدران التخلف والمحسوبية والفساد, وإعادتها إلى الإجماع القومي العربي التقدمي الليبرالي, إلى جانب تطهير ارض الكنانة من دنس النفوذ الأمريكي- الإسرائيلي. إن ردة مرسي كانت الضمان الرسمي للغطرسة الإسرائيلية، وقد اعتبرها الإسرائيليون بأنها مبايعة جديدة لاتفاقية كامب ديفيد, بل أكثر أهمية من هذه الاتفاقية.
إن خطوات التقارب المصري الأمريكي الإسرائيلي تسير بسرعة، وآخر هذه الخطوات هو الإعلان في القاهرة عن مناورات جوية مشتركة بين الطيران المصري ونظيره الأمريكي. والسؤال الذي يطرحه كل مواطن عربي: ضد من تقام هذه المناورات يا سيادة الرئيس ويا فضيلة مرشد الأخوان في مصر؟ أما بالنسبة للعلاقات مع إسرائيل فقد أمر الرئيس مرسي بالبحث عن مقر دائم للسفارة الإسرائيلية في القاهرة, حتى يعود علمها يرفرف في سماء قاهرة المعز لدين الله. كما سارع سيادته بتعيين سفير مصري جديد في تل أبيب من اجل ضخ دم جديد في العلاقات بين البلدين- كما اعترف السفير المصري الجديد بذلك. لقد كشف استيلاء الأخوان على السلطة في مصر معدنهم الحقيقي, وبأنهم فئة لا يمكن الرهان عليها، وسوف تثبت الأيام القادمة ذلك..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضغوط على حركة حماس للقبول بمقترح التهدئة | #الظهيرة


.. خليل العناني: أصبح لدى حماس شك بجدية أمريكا بشأن اتفاق وقف ا




.. القسام تفجر حقل ألغام بقوات الاحتلال وسرايا القدس تقصف غلاف


.. بريطانيون بدعم بريطانيا للجيش الا?سراي?يلي في مانشستر




.. الجيش الروسي يدمر زورقا أوكرانيا مسيرا بسلاح رشاش من طائرة م