الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن انحسار الأمن والعدالة

نصارعبدالله

2012 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


ربما يكون من قبيل الكلام المكرر والمعاد أن نقول بأن الأمن والعدالة كليهما ..يمثلان المقدمة الضرورية لأية تنمية فى أى مجال من المجالات، وأننا ليس بوسعنا أن نحلم بأى تقدم اقتصادى أو سياسى بدون أن يستتب الأمن وبدون أن تسود العدالة ...كلنا نتذكر كيف أن الوضع الأمنى قد انكسر انكسارا مروعا أثناء ثورة يناير 2011 وكيف أدى هذا إلى هروب جانب كبير من الإستثمارات وإلى تقلص شديد فيما تبقى منها، ....ورغم أن الأوضاع الأمنية قد بدأت تتعافى نسبيا بعد ذلك إلا أنه ما زال أمامنا شوط طويل لكى نصل إلى مستوى من الأمن يقترب أو يضاهى ما كان قائما قبل 25يناير، (مع أن ما كان قائما إذ ذاك لم يكن بحال من الأحوال هو منتهى المراد من رب العباد!)، أما اعتلال جهاز العدالة فلم يبدأ مع ثورة ينايرولكنه بدأ قبل ذلك بسنوات، حيث تمثل فى مظاهر عديدة من أهمها إن لم يكن أهمها على الإطلاق ذلك البطء الشديد فى التقاضى ، وهوالبطء الذى وصل إلى حد أصبح معه اللجوء إلى القضاء عملية عبثية فى كثير من الحالات، مما دفع بالكثيرين من ذوى الحقوق المسلوبة أو المهددة بالسلب إلى محاولة استرداد حقوقهم وتأمينها بأيديهم أو بأيدى محترفين ممن يطلق عليهم عادة وصف " البلطجية "، أولئك الذين أصبح وجودهم جزءا أساسيا من بنية المجتمع المصرى فى السنوات الثلاثين أو الأربعين الأخيرة ، وأصبحوا فى مجملهم يمثلون ما يمكن وصفه بأنه "مؤسسة للعدالة الفورية الناجزة" ،وهى مؤسسة موازية للعدالة الرسمية ومتكاملة معها فى بعض الحالات أومتصادمة معها فى حالات أخرى، لكنها فى جميع الحالات قائمة وفاعلة ومؤثرة فى حياة المصريين على نحو لا يمكن التشكيك فيه أو التهوين من شأنه ، خاصة بعد انكسار الجهاز الأمنى فى يناير 2011 وامتزاج الأثر الناتج عن انحسار الأمن بالأثر الناتج عن انحسار العدالة ليكون غيابهما معا مزيجا مزدوجا من انحسار المناخ المطلوب للإنطلاق والنمو...ولعل حرص الإعلان الدستورى الصادر فى مارس 2011(والذى ما زال معمولا به إلى يومنا هذا) ، لعل حرص ذلك الإعلان على أن ينص فى المادة 21 على أن :" التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا" ،... لعل حرص الإعلان على مثل هذا النص المتضمن أن سرعة الفصل فى القضايا حق دستورى، لعل هذا يمثل اعترافا من المشرع الدستورى بما آل إليه التقاضى من البطء الشديد، وهو اعتراف لا قيمة له فى الواقع العملى طالما أنه لم يترجم إلى مجموعة من التشريعات والقرارات والإجراءات التى تمنحه مضمونا ملموسا يشعر به المواطن العادى فى حياته اليومية ....إن هذا النص شأنه فى هذا شأن الكثير من النصوص الأخرى التى نص عليها إعلان مارس 2011، وكذلك بعض النصوص التى كان يتضمنها دستور 1971 ( وربما أيضا الدستور القادم ) ،إنما تعبر فى الحقيقة عن الحلم أكثر مما تعبر عن الواقع ، خذ مثلا ذلك النص الجميل والنبيل الذى كان يتضمنه دستور 1971 فى أول مواده من أن : " الشعب المصرى جزء من الأمة العربية يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة " خذ مثلا هذا النص وحاول أن تتذكر ماذا صدر فى عصر أنور السادات مضافا إليه عصر حسنى مبارك يؤيد أو يكرس العمل على تحقيق الوحدة الشاملة للأمة العربية؟ ، وهل حدث على مدى ما يقرب من أربعين عاما هى الفاصلة ما بين دستور 1971وما بين سقوط حسنى مبارك فى 2011 هل حدث أن صدر حكم من المحكمة العليا ( التى أنشئت فى عام 1969) ومن بعدها : المحكمة الدستورية العليا ( التى حلت محلها فى عام 1979) ..هل حدث أن صدر حكم من هذه المحكمة أو تلك يقضى بعدم دستورية تشريع أو لائحة أو قرار لأنه يخالف المادة الأولى من الدستور ، برغم أن الكثير من القرارات التى أصدرها أنور السادات ومن بعده حسنى مبارك كانت تطعن فى الصميم أى مسعى لتحقيق الوحدة الشاملة للأمة العربية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟