الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماركس الكبير و أطيافه

أسعد البصري

2012 / 9 / 18
الادب والفن


الماركسية فجرت الغضب حقاً
لا توجد فلسفة أبرع منها في تفجير الغضب
غضب الفقراء ضد الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج
غضب يطيح بالقانون و بالدين في وقت واحد
فالدين أفيون الشعوب عملية تنويم للفقراء والعبيد
في الفترة التي استخدم فيها العبيد في أمريكا
كان يتم تشجيعهم من قبل الأسياد على ممارسة الدين
والتمتع بعمقه الروحي
كانت الأناشيد تعدهم بالجنة
بالعالم الجميل بعد الموت هذه مكافأتهم
لقاء الطاعة والسلوك الصالح و احتمال الذل البشري
لا شيء لكم في هذا العالم سوى العمل الشاق والألم لغسل الذنوب
كنوز الأرض كلها لا تساوى مكافأة الرب للمحرومين والعبيد
هذا من ناحية و من ناحية أخرى القانون هو عصا بيد الأغنياء لجلد الفقراء
هذا التحريض الماركسي بلا شك لا يخلو من موضوعية و خطورة
لكن الماركسية أسست بسرعة ديناً جديدا حكمت به ملياري إنسانا
دينا له أنبياء و إنجيل و قديسون
وهكذا انطوت الماركسية في جزء منها على خدعة كبيرة
فقد و عدت بإنزال الجنة إلى الأرض و طرد الإله في السماء وحيداً
يقول الليبراليون : لم تظهر فلسفة وعدت الكثير و قدمت القليل كهذه
الأمريكان مثلا يقولون أشياء كثيرة ربما تكون ظالمة ل ماركس
منها إن هذا الفيلسوف تعرض لصدمة كبيرة في طفولته
حين غير والده ديانته اليهودية الى الكنيسة اللوثرية
لأنه تاجر انتقل إلى مدينة يقطنها اللوثريون
هذه الصدمة جعلت ماركس يجزم بأن الدافع الأساسي للثقافة
ليس الإيمان والدين والمقدس بل المنفعة المادية المباشرة والإقتصاد
وقد كلفت هذه الصدمة عند هذا الولد العبقري البشرية كلها
انقساماً لا مثيل له على نحو سريع و ملايين القتلى
مليارات المليارات من الدولارات
تحولت إلى عقدة الكوكب الأرضي
هل هذا صحيح ؟؟ أم مجرد حقد الثقافة الأمريكية على ماركس ؟؟؟ لا أعرف
التفاؤل الذي امتلأت به فلسفة القرن التاسع عشر
نابع من تلك الحلول التي قدمها هيجل للفلسفة بعد أن توقفت مع توقف ( كانت )
هيجل تجاوز الفرد إلى التاريخ
لقد ادعى أن لتاريخ الإنسان : معنى ( روح العالم )
من هنا ظهرت فلسفة التاريخ الجذابة ، ارتقاء العقل الجدلي الكلي نحو الكمال
فكرة (التقدم ) صارت راسخة والإيمان بالعلوم والعقل صار مبعث ثقة بالإنسان
فقط يجب أن لا ننسى أن القرن التاسع عشر قرن هدوء و سلام
بلا نزاعات كبيرة نسبة إلى القرن العشرين
لقد أخذ ماركس من أستاذه هيجل هذه الروح كلها : روح التفاؤل والتقدم والإرتقاء
و فجرها في نظرية مادية جدلية تفسر التاريخ بشكل مختلف : تفسير مادي
المشكلة فقط تبدأ في أنه لم يكتف بتفسير العالم
بل سعى إلى تغييره : الثورة / العنف
في رسالة من والد ماركس لولده حين كان يدرس في بون يقول :
( ولدي أشعر بمارد يسكن هناك في داخلك ولا أعرف هويته
هل هو ملاك أم تراه من ذلك النوع الذي تحدث عنه غوته في فاوست ؟ )
في ليلة جميلة قضاها ماركس مع أنجلز وفي انطلاقة للفكر والحوار بين صديقين
يقول أنجلز بأنه كان يصغي إلى ماركس وكأنه حقاً شخص جبار / عملاق
( كان هذا الرجل يبدو لي حين يرفع ذراعيه و كأنه يمسك النجوم بيديه و يرجها )
هذا التفاؤل انفجر في العالم كله ، الثقة بالإنسان وبالتاريخ والتقدم
لقد تحدثت عن تفاؤل الشعراء والفنانين و المفكرين العراقيين الإشتراكيين
الفزع لم يكن في قلوبهم بل في قلوب أعدائهم وما من سلاح في قبضتهم
سوى الفكر الذي بدأ من ماركس و تفرق فيهم جميعاً
لم يكن حلماً عنصرياً ولا دينياً ، لا فاشية ولا إمبريالية كان شيئاً جميلاً
حلماً طوباوياً لم يتحقق بل سبب الكوارث على الواقع
لكن يبقى في الضمير و في الفم كلمة حق بحق هؤلاء الناس
لقد كان الإشتراكيون العراقيون على وجه الخصوص خير الحالمين
وفيما يتعلق بمدار اهتمامي : الشعر
لقد ولى زمن الشعراء الإشتراكيين اليوم
أمثال سعدي يوسف و مظفر النواب
أولئك المبدعين المتفائلين الذين دمجوا ببسالة
لا نظير لها في التاريخ ( باستثناء شعراء الجاهلية ) بين الحياة والإبداع الشعري
لقد استمروا بالحياة و استمروا بالإبداع على نحو باسل حقاً
بكل أسف هذا غير ممكن الآن
عندنا اليوم هؤلاء الشعراء الذين يوزعون صورهم
و أمسياتهم و جوائزهم و كتبهم في كل مكان
و عندنا هؤلاء الرهبان المبدعون الحقيقيون
الذين يلفهم الغموض و تلاحقهم الشائعات
إنها عودة الرهبان مقابل الغلمان في الشعر العراقي
و غياب البطل الإشتراكي المبدع و الشاعر العضوي
غياب ماركس و غياب أطيافه هو غياب التفاؤل و الثقة بالإنسان
لا معنى ولا هدف للتاريخ ولا جدوى من تغييره








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العازفة التونسية مديحة ناشي: -القانون- هي أم الآلات في الموس


.. ما تعليقك على تصريحات الفنان بسام كوسا؟.. جمهور الفيسبوك يعل




.. خلال ستة عقود قضاها بين المسرح والسينما والتلفزيون


.. عيو ن القلب سهرانة ما بتنامشي??.. إسراء عصام تبدع في الغناء




.. جيف مونسون مصارع الفنون القتالية المختلطة يعلن إسلامه في موس