الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأطلال الخادعة للماضي

نصيف الناصري

2012 / 9 / 18
الادب والفن




يعاودون تسليح أنفسهم





تاريخ أسود يصعب علينا فيه التضامن مع شرائعنا ، ومع النفاية
المُغلَّفة للخير في المجتمعات . خطط متعدّدة جاهزة لتربية الجراثيم
في حيواتنا المتصلّبة ، معلَّقة منذ عصور سحيقة ، وتضربنا في ما
نطمح اليه . نحيا مع الجعلان في اتحاد يتخفّى بين الثغّرة العميقة
للصلاة على مصائرنا الميتة . المجرمون والطغاة وأولئك الذين
يشتهرون بالرعونة ، يعاودون تسليح أنفسهم ، ويدلّونا على الزمن
الجديد للطوارىء . ما نظنَّه اننا سنعبر فيه الى الهداية ، مخفورٌ
بأريجه المتعفّن والمرتاب من تحرّرنا ، ومن ابتعادنا الدائم عن
نباهة العدالة . معابد الانسانية الظامئة الى البركان والطوفان ،
ثكنات معدومة الرحمة في لحظتنا الراهنة ، نُعلّق في رفوفها
ايماناتنا الصمغية الجافّة والمحجوبة عن الأسرار .








لقاء المحبوب





أشياء كثيرة نفقدها في الزمن الزهريّ للوداد .
النساء اللواتي نؤجج فيهنَّ الرغبة ، جشعات
ويفصحن عن النجوم التي نخفيها في برد الأنهار .
يتحرّك الحبّ في قانونه الموسوم بالعصمة ، ضدّ
ما نحاول أن نتملّكه في اللحظة المتشظية للدفن ،
والغفران الذي نأمله من الآلهة للغرقى ، مكافأة
عديمة القيمة ، تنتظرها العصافير في الليل الأدهم
للآبار . السكينة المفرطة في تعذيبها للعاشق ، سند
شرعي للهجران الذي يقاومه بلا كرامة . لا يحقّق
الجهل ، الهدف الذي ننشده ، ونحنُ نعبر الجسر الى
الصعقة الأخيرة للقاء المحبوب . بهاء قناديل آثمة
يهزّها شغفنا الطويل بالعذوبة في الليل العظيم
للكوكب ، نمشي في عظمتها وننثر البذور على
الأرض الواهنة . كلّ شيء نرّتبه في فوضى أحلامنا
المعتصمة بمخاوفنا ، ينفصل عنَّا ويحرق الغلال التي
ندّخرها للولادة . نسهر في تعاطف مع الصخر الثقيل
للواقع ، والأولوية لشُعل الحبّ التي تشارك في الحكم
على يأسنا الثابت في نبذه الثمرة العفيفة للموت .







الى جانب الصدى المكظوم






الموت والميلاد ، يجلداننا ويقسوان على الطابع الحقير لنوعنا الانساني .
التبصّر في نسيم اليوم الخامل ، ديمومة مستعادة ، تزفرها نشوتنا بما
يقترن بألمه ، ونحن نستسلم في أعلى المشنقة – الحياة . لحظات كثيرة
نُعبّر عنها بتلقيحنا للشجرة التي نعلّق عليها القرابين . يخدش البلسم في
نذرنا له للثراء ، كلّ جرح نوثقه الى جانب الصدى المكظوم ، ويخذلنا
القنص الطويل للأنفاس . الانسان في الطبيعة المُتكبّدة عفنه ، يمضغ
إنهياراته بتواضع عجائز ، ويعتلي ميتته المعبأة بعوز عظيم . إيمان في
وحشته ، يخالطه مشط الفراغ المثلوم على الحافّة المتصدعة للهاوية .









الميزان المريح للهلاك




الى محمد النصّار





حلمٌ ثابتٌ في رموزه المهينة ، نحيطهُ بتوسل دائم للعبور
الى الماوراء . الحياة والموت ، نعيشهما بالتساوي ونحنُ
نوّدع الشجرة الصدئة للسنوات . لقاء الموتى الذين هم
أعداؤنا في الأحلام ، يهدّم دفاعاتنا وتحيّرنا أحجيتهم
المطلسمة . لا ميت يخلد الى الراحة ، ولا حيّ ،
والأغصان السود في الأفق ، هي أرواح مَن ودّعناهم
بتمهيد كبير للتخلّص من لمعان مفاتيحهم . الغياب شاغل
عظيم للشيخوخة ، وهناك لحظات ننسى الدنو منها ، ولا
نتحرّى عن البصيص الضئيل للحبّ فيها . الأكثر قرباً من
الموت ، ينعم بعافية معظّمة في نكرانه لذاته ، يستبدل
شرارات حياته ، بأسى عفيف تتدلى فوق مرآته الحكمة
والخبرة الوامضة . الحداثة معقودة في جباهنا المتغضنّة ،
وتعفينا من الاحتياطات المطلوبة في تقدّمنا بالسنّ ، لكنَّ
لواحقها الأكثر إمهاراً من تذللنا في الجرأة الحمقاء للشقاء
الأزلي ، تعزل الذين يدّعون الفهم في زمن متلاف ولا
يصون التعفف . الحرّية شقيقة موتنا وفضائله المتنافرة ،
نغفو تحت قناديلها ونتظاهر بتمثلنا للحاذق والمتجانس في
صلاتنا التي يعوزها هدف ما . نحتاج الآن ونحن في سيرنا
المنهك صوب الأطلال الخادعة للماضي ، الى شجاعة القوّاس
من أجل اجتياز الشوكة المتصدعة للحظة التي تطاردنا بأسلحتها
النبيلة ، ليل نهار . لا حاجز ، ولا مرفأ ، ولا ندى يوقظ الكينونة
من الجرانيت الذي يتوسدها . نومة نهائية تحت الأضواء الزرق
للقبر ، نسند فيها طموحنا وندّسه في الميزان المريح للهلاك .




18 / 9 / 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب