الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص قصيرة حتى لا ننساكم

ياسين لمقدم

2012 / 9 / 19
الادب والفن


قصص قصيرة حتى لا ننساكم:
*ياسين لمقدم

الهروب الكبير
انتهت المباراة سلبية النتيجة فاخترقت الجماهير الغاضبة رقعة الميدان الغير مؤمنة. حال بينهم وبين اللاعبين والحكام بعض المتعقلين، وكاد الصدام أن يشتبك بين الجميع لولا تدخل رجل معروف بشدته وكان الممثل الوحيد للسلطات الأمنية. مخازني واحد كان كافيا لطرد الجميع إلى خارج الملعب، كان يوزع ضرباته على المهرولين أمامه، لسعات حزامه الجلدي الغليظ لا تفرق بين الصغير ولا الكبير ولا اللاعبين ولا المشاغبين. المئات من الجمهور تهرب من أمامه تتوزع مذعورة بين أزقة الأحياء المجاورة، لا أحد يفكر في النظر إلى الوراء. حتى الناس في الحواري هالهم المنظر وشاركوا دونما تفكير في الهروب إلى الأمام. تركوا أبواب منازلهم ودكاكينهم مشرعة وشاركوا في الفرار، يتدافعون يتساقطون ولا يهتمون لبعضهم. يشعرون باقتراب الضربات إلى ظهورهم فتعلوا سرعتهم. من المذعورين من وصل في هروبه إلى أعالي سيدي محمد الصالح، الرعب من الحزام اللاسع يجعلهم يتهيؤون صورة الرجل المفزع في الأشجار حولهم بل حتى في خيال ظلهم. والمخازني لم يكن قد خرج من الملعب بعد، ولم ينته من شحطه المسموم لكل من تناله يده ويردد في دواخله مع كل ضربة : قالها القائد.


عطار لا يفسد الدهر ما أصلحه
يعلق على كتفه قفة قصبية كبيرة ويغطي رأسه بطربوش من قش مزركش بخيوط صوفية متعددة الألوان. يضع طاقم أسنان اصطناعية. يتجول بين الأزقة مناديا لعرض بضاعته المختلفة بلكنة سكان المناطق الجبلية القريبة من مدينة تازة. تتهافت عليه النسوة والصبايا لإقتناء السواك المغربي والحناء و"لعكرالفاسي". يبيعهن أيضا بعض الحلي الفضية والأكف النحاسية والزعتر والفلييو. ويختلي ببعض الصبايا ليبيعهن أحرازا للقبول. لا يكف عن الإبتسامة والضحك، يقضي عدة أيام بالمدينة نزيلا بغرفة واطئة بأحد الإسطبلات، إلى أن تنفد بضاعته ثم يغيب لشهر أو أقل ليرجع محملا بنفس السلعة . تتكرم عليه النسوة بالشاي والطعام فيشكر لهن ذلك بمنحهن بعض الأعشاب ولأطفالهن حلوى الجبح. وإن بالغ الصغار في إزعاجه سحب طاقم أسنانه من فمه ليلاقي فكيه فيظهره درده في صورة مرعبة يتشتت لها الاطفال من حوله. صدى صوته الشجي لا يزال يتردد بين الأزقة في الذاكرة، يرحمك الله "بَّا إدريس".


معلم النرد
يحرك يده بخفة شديدة فيدور معها قدح معدني وضع في داخله نردا ينزله بقوة على طاولة مستطيلة، عليها مربعات من ستة أرقام قد وضع فوقها اللاعبون المتحلقون حوله بعض القطع النقدية في انتظار الرقم الفائز من كل جولة. ولا يتوانى عن مراقبة محيطه حتى لا يتفاجأ بالمداهمة العنيفة لأحد من مفتشي الشرطة. يتواطأ مع بعض المقامرين الذين يستأجرهم لتكبر الحلقة من حوله فيتعدد اللاعبون. يضطر إلى طرد بعض الرواد الذين يلمس فيهم مهارة تهدده بالإفلاس ويرتاح إلى المبتدئين من الحاجين إلى السوق الكبير من البوادي الهامشية. وفي ليالي رمضان الطويلة كان يختلي باللاعبين في زقاق صغير ومظلم في قلب المدينة، ويستعين للإنارة بالكانكي المتقد بغاز الكاربيل، ويستمر السهر إلى آخر الليل.
-----------------------------
*كاتب من المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان محمد خير الجراح ضيف صباح العربية


.. أفلام مهرجان سينما-فلسطين في باريس، تتناول قضايا الذاكرة وال




.. الفنان محمد الجراح: هدفي من أغنية الأكلات الحلبية هو توثيق ه


.. الفنان محمد الجراح يرد على منتقديه بسبب اتجاهه للغناء بعد دو




.. بأغنية -بلوك-.. دخول مفرح للفنان محمد الجراح في فقرة صباح ال